غموض يلف الاتصالات الأميركية مع الحوثيين: خطة كيري تعود إلى الواجهة

غموض يلف الاتصالات الأميركية مع الحوثيين: خطة كيري تعود إلى الواجهة

03 مارس 2021
المبعوث الأميركي عاد إلى الرياض لمزيد من المشاورات حول اليمن (تويتر)
+ الخط -

أثارت التسريبات حول لقاء جمع مسؤولين أميركيين مع الوفد التفاوضي لجماعة الحوثيين في العاصمة العمانية مسقط الكثير من علامات الاستفهام في الشارع اليمني. وخلافاً للغموض الذي يلف طبيعة النقاشات التي دارت، تزايد الحديث عن نوايا أميركية لإعادة ما يعرف بـ"خطة كيري" التي طرحها وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري لوقف الحرب في اليمن، أواخر 2016.

وساد الارتباك في صفوف قيادات جماعة الحوثي بعد ظهور التسريبات التي نشرتها وكالة "رويترز"، في وقت سابق الأربعاء، عن لقاء جمع المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيموثي ليندركينغ، مع الوفد الحوثي التفاوضي في مسقط يوم 26 فبراير/شباط الماضي. ففي حين نفى كبير المفاوضين الحوثيين، محمد عبدالسلام، حصول لقاء مباشر، قال قيادي حوثي آخر إنه لا يمكنهم نفي أو تأكيد حدوث ذلك.

وقال عبد السلام، في تصريحات نقلتها وكالة "سبوتنيك" الروسية، مساء الأربعاء، إنه لم يكن هناك تواصل مباشر مع الوفد الأميركي، ولكن تم إبلاغهم برؤية الجماعة للحل في اليمن عبر الجانب العماني، وهي القناة الخلفية التي ظلت حلقة الوصل بين الجانبين منذ نحو عامين.

وكشف المسؤول الحوثي أن الرؤية التي نقلها الجانب العماني للمبعوث الأميركي، تخلص إلى أنهم "سيواصلون القتال بقوة في حال استمر العدوان والحصار"، في إشارة للغارات الجوية والحظر المفروض من التحالف السعودي الإماراتي على المنافذ اليمنية.  

وفي مقابل النفي الصريح على لسان متحدث الجماعة، محمد عبدالسلام، لوجود لقاء مباشر مع الجانب الأميركي، تزايدت الشكوك بعد تصريحات أطلقها عضو المكتب السياسي للحوثيين، عبدالوهاب المحبشي، لقناة "الميادين" المقربة منهم، والتي أعلن فيها أنهم لا يستطيعون "نفي أو تأكيد حدوث لقاءات بين أنصار الله ومسؤولين أميركيين في مسقط". 

وتقدّم جماعة الحوثيين نفسها كخصم تقليدي للسياسة الأميركية، حيث تعتمد شعار الصرخة الخمينية الذي ينادي بـ"الموت لأميركا وإسرائيل"، كركن عقائدي، كما تتهم الجماعة، واشنطن بلعب دور رئيسي في الحرب ضد اليمن.  

وحاول القيادي البارز بالجماعة، محمد علي الحوثي، المحافظة على الصورة النمطية لدى أنصارهم، والتي تتخذ من واشنطن عدواً أول، وقال في تغريدة إن "أي لقاءات مع الأعداء لوقف العدوان وفك الحصار فهو لقاء أعداء السلاح وليس رفاق السلاح"، لافتاً إلى أن هناك فرقاً كبيراً بين الحالين. 

لاحقاً، ظهر عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثيين محمد البخيتي، ليؤكد في تصريحات لقناة "الجزيرة"، أنه  تم التواصل مع الأميركيين "بشكل غير مباشر ولم يتم إحراز أي تقدم"، لافتاً إلى أنه " أبلغنا الوفد الأميركي أننا مستمرون في هجماتنا حتى إنهاء العدوان".

وعلى الرغم من أن المؤشرات تؤكد فشل مشاورات مسقط، عبر تسريب اللقاء بعد قرابة أسبوع، فضلاً عن العقوبات الأميركية التي طاولت أمس اثنين من القيادات العسكرية الحوثية، إلا أن البيانات الحوثية التي صدرت الأربعاء لانتقاد العقوبات كانت ليّنة على غير العادة.  

وخلت البيانات الصادرة عن متحدث الجماعة والمجلس السياسي للحوثيين من نبرة التحدي المعهودة بمواصلة الهجوم على مأرب أو الخطاب العدائي ضد واشنطن، بل إنها بدت "خجولة" بعض الشيء عندما أكدت أن العقوبات تعمل على إطالة أمد الحرب ومفاقمة الأزمة الإنسانية.  

وبات من المؤكد أن جماعة الحوثيين ستجني ثمار العلاقة المتوترة بين الإدارة الأميركية الحالية والسعودية في الحصول على مكاسب سياسية، وذلك بعد إشارات إيجابية تلقتها خلال الشهر الماضي، وتمثلت بشطبها من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية ووقف الدعم العسكري للتحالف السعودي.  

وكانت مصادر قد أكدت في وقت سابق، لـ"العربي الجديد"، أن الخطة التي يحملها المبعوث الأميركي تيموثي ليندركينغ لترويض الحوثيين وإبعادهم بعض الشيء عن إيران، تقوم على أساس إعادة إحياء ما يُعرف بـ"رؤية كيري"، لحل النزاع اليمني، التي قدمتها واشنطن للجماعة في مسقط أواخر العام 2016 في لقاء مباشر جمع مسؤولين أميركيين مع الوفد الحوثي التفاوضي.  

ويبدو أن "رؤية كيري"، التي نالت استحسان الحوثيين حينها وقوبلت برفض حكومي، ستعود للواجهة، وتتصدر صفقة الحل المرتقبة التي يعكف المبعوث مارتن ليندركينغ على إنضاجها من خلال جولة مكوكية تشمل عددا من العواصم الخليجية.  

وقال الأكاديمي الإماراتي المقرب من دوائر القرار في أبوظبي، عبدالخالق عبدالله، مساء الأربعاء، في تغريدة على "تويتر"، إنه "جارٍ العمل على صفقة كبرى لإنهاء حرب اليمن".

ونصّت رؤية كيري، التي تم تسريبها أواخر العام 2016، على وقف الحرب بعد مشاورات بين أطراف الصراع اليمني، وليس "حكومة شرعية في مواجهة انقلابيين"، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، فضلاً عن نقل صلاحيات الرئيس إلى نائب رئيس جمهورية توافقي، فيما يظل الرئيس عبدربه منصور هادي في منصبه بشكل شرفي. 

وتتجاوز رؤية كيري ما يسمى بـ"المرجعيات الثلاث" التي تتمسك بها الحكومة الشرعية كشرط جوهري لحل الأزمة، وهي المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرار الأممي 2216، وجميعها تفرض على الحوثيين أن يكون الرئيس عبدربه منصور هادي هو الرئيس الشرعي للبلاد حتى بعد الحل، وكذلك تسليم السلاح الثقيل للدولة والانسحاب من صنعاء قبل تشكيل الحكومة. 

ويعتقد خبراء بأن الإدارة السعودية المكبلة بقضية الصحافي جمال خاشقجي، سترضخ لأي رؤية حل تقررها الإدارة الأميركية حتى، وإن كانت مخالفة لقناعتها، بما في ذلك إطاحة الرئيس هادي، حفاظاً على مصالحها، وخصوصا بعد التسريبات عن حصول مشاورات افتراضية، خلال الأيام الماضية، بين السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، ومتحدث الحوثيين، محمد عبدالسلام، وفقا لما نقلته وكالة "رويترز". 

وفي سياق الحراك السياسي الحاصل، أعلنت الخارجية الأميركية، في وقت متأخر من مساء الأربعاء، أن ليندركينغ عاد إلى العاصمة السعودية الرياض بعد جولة شملت عددا من العواصم الخليجية.  

وأوردت الخارجية، في بيان صحافي، أن ليندركينغ، سيجري في الرياض المزيد من المشاورات بشأن اليمن، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.  

ومن المتوقع أن يقوم المبعوث الأممي بعرض الرؤية التي تلقاها من جماعة الحوثيين في مسقط، سواء بشكل مباشر أو عبر وسطاء عمانيين، على المسؤولين السعوديين، وعلى رأس ذلك وقف الغارات الجوية وعودة الرحلات إلى مطار صنعاء الدولي كمقدمة للدخول في الحل السياسي الشامل.  

المساهمون