ترقّب أمني ومخاوف من عودة عمليات الاغتيال وسط العراق وجنوبيّه

ترقّب أمني ومخاوف من عودة عمليات الاغتيال وسط العراق وجنوبيه

04 سبتمبر 2022
الأزمة السياسية الحالية باتت تلقي بثقلها على المشهد الأمني والاستقرار (Getty)
+ الخط -

فتحت المواجهات المسلحة في محافظة البصرة أقصى جنوبيّ العراق، الأربعاء الماضي، التي خلّفت ستة قتلى ونحو 20 جريحاً من "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر، إثر اشتباكات مع مسلحين ينتمون إلى جماعة "عصائب أهل الحق"، المخاوف مجدداً من عودة ظاهرة التصفيات الجسدية التي كانت محافظات جنوبية عدة قد عانت منها خلال فترات مختلفة، وأبرزها ميسان وذي قار والبصرة.

وتواصل قوات الأمن العراقية ممثلة بالجيش والشرطة وأفواج الطوارئ عملية انتشار واسعة منذ نحو أسبوع في عدد من مدن جنوبيّ البلاد، وذلك بالتزامن مع بدء توافد ملايين الزائرين الدينيين إلى مدينتي النجف وكربلاء، لإحياء مراسم "أربعينية الإمام الحسين"، التي توافق الـ17 من الشهر الحالي، وتتوقع السلطات توافد ما لا يقلّ عن خمسة ملايين شخص من خارج البلاد وداخلها إلى المدينتين.

ووفقاً لمصادر أمنية عراقية، فقد شهدت البصرة، الجمعة، هجوماً بعبوة ناسفة استهدف منزلاً لأحد الناشطين في "التيار الصدري"، أوقع أضراراً مادية فقط، شماليّ المدينة. في المقابل، سجل هجوم مسلح على مكتب يديره أعضاء بجماعة "عصائب أهل الحق"، التي قرر زعيمها، قيس الخزعلي، في وقت سابق إغلاق مكاتبه، ضمن ما اعتبره "تجنباً للفتنة".

ويرى مراقبون أمنيون أن سقوط قتلى وجرحى من "التيار الصدري" وفصائل مسلحة حليفة لإيران، كفيل بفتح صفحة أخرى من التصفيات لأشخاص متهمين بالخوض في الاشتباكات الأخيرة في بغداد والبصرة، إلى جانب وجود عشائر للقتلى أعلن بعضها أنهم يتجهون للبحث عن المتورطين بالقتل.

ومطلع فبراير/شباط الماضي، شهدت محافظة ميسان جنوبيّ العراق تشكيل لجنة صلح بين "التيار الصدري" وجماعة "عصائب أهل الحق"، توسط لأجلها رجال دين ومسؤولون أمنيون بعد عمليات اغتيال متبادلة وقعت بالمدينة، وقتل فيها عدد من عناصر التيار والجماعة، أبرزهم حسام العلياوي المرتبط بجماعة "عصائب أهل الحق"، وأعقبت ذلك عملية اغتيال للعضو البارز في "التيار الصدري" كرار أبو رغيف، بعد اغتيال عضو آخر في التيار ذاته، يدعى مسلم عيدان، بعملية مماثلة بواسطة أسلحة كاتمة للصوت قرب منزله في ميسان.

احتياطات أمنية

مسؤول أمني بوزارة الداخلية العراقية، تحدث لـ"العربي الجديد"، عما قال إنها "برقية أمنية وصلت من بغداد، تفيد بأخذ الاحتياطات من أي اختلالات أمنية، تتمثل بمحاولات استهداف بعض القيادات وعناصر الفصائل المسلحة أو التيار الصدري"، مضيفاً أن "ارتدادات الاشتباكات في بغداد والبصرة قد تصل إلى مدن أخرى وسط البلاد وجنوبيّها، ضمن مساعي الطرفين لأخذ الثأر كفصائل أو عوائل أو عشائر القتلى".

واعتبر المسؤول ذاته أن الأزمة السياسية الحالية باتت تلقي بثقلها على المشهد الأمني والاستقرار بالمدن العراقية المختلفة.

وأضاف أن أجواء زيارة "الأربعينية" الدينية في كربلاء المقررة في 17 من الشهر الحالي، قد تكون عاملاً في تهدئة المشهد، لكن مسألة الرد والرد المقابل على عمليات القتل التي حصلت ببغداد والبصرة، قد تكون مسألة مؤجلة فقط.

أوضاع قابلة للانفجار

حيدر الحمامي، وهو ضابط سابق ومراقب للشأن الأمني، تحدث لـ"العربي الجديد" عن خطورة الأوضاع وقابليتها للانفجار مرة أخرى، وقال: "قد لا يكون القرار من زعيم سياسي أو قائد بجماعة مسلحة، بل من أسر القتلى الذين قضوا بالأيام الماضية، إذا قرروا الثأر، وخاصة مع نشر منصات وحسابات على مواقع التواصل لأشخاص يقال إنهم مشاركون في الاشتباكات التي حصلت".

وأضاف الحمامي أن "الاغتيالات طريقة مستخدمة سابقاً خلال صراعات مختلفة بالسنوات الماضية، لكنها قد تكون هذه المرة سبباً في اندلاع مواجهات جديدة مباشرة، ولا يمكن أن نستبعد دخول أطراف أخرى على خط الأزمة تسعى لإشعال نار الفتنة وجر الجميع لمواجهة أوسع"، وفقاً لقوله.

ويتحدث قياديون في الفصائل المسلحة عن خطوات اتخذتها لقطع الطريق على من يريد إشعال الفتنة.

هيثم الأسدي، العضو البارز في جماعة "عصائب أهل الحق"، قال لـ"العربي الجديد"، إن "قرار إغلاق مكاتب الجماعة المسلحة كان بهدف منع تأزم الموقف أكثر، وخاصة في البصرة"، مضيفاً أن "هناك أطرافاً كانت تحاول إشعال الساحة والانزلاق نحو مواجهات، لكن قرار الصدر (سحب المحتجين من المنطقة الخضراء) أطفأ نار المواجهة".

ينأى الناشط في التيار الصدري، محمد الدراجي عن أي مسؤولية للتيار بحصول المواجهات أو نيتهم استهداف أي طرف سياسي أو فصائلي

في المقابل، ينأى الناشط في "التيار الصدري"، محمد الدراجي عن أي مسؤولية للتيار بحصول المواجهات أو نيتهم استهداف أي طرف سياسي أو فصائلي، مضيفاً لـ"العربي الجديد"، أن "90% من قتلى وجرحى المواجهات هم من التيار الصدري، وتم استهدافهم ببغداد والبصرة، وسبب الأزمة أساساً أن التيار الصدري يريد تقوية الدولة، فمن غير المعقول الانجرار وراء أسلوب المليشيات المنفلتة"، على حد تعبيره.

ولم يستبعد الدراجي محاولات لاستفزاز الصدريين من قبل جماعات وفصائل أخرى بهدف إعادة جولة مواجهة أخرى، "خاصة إذا ما وجدت تلك الجهات أن الأزمة السياسية تتجه إلى نتائج ليست لمصلحتها".

المساهمون