بعد التطبيع المغربي مع إسرائيل: هل انتهى حلم اتحاد المغرب العربي؟

بعد التطبيع المغربي مع إسرائيل: هل انتهى حلم اتحاد المغرب العربي؟

11 ديسمبر 2020
انتقادات تونسية للخطوة المغربية (عبد الحق سنة/فرانس برس)
+ الخط -

بعد اعتراف المغرب بإسرائيل وتطبيعها أصبح حلم اتحاد المغرب العربي وتوحيد شعوبه والذي شهد على مر السنوات العديد من الصعوبات، أكثر تعقيدا من ذي قبل، وربما أصبح تحقيقه شبه مستحيل، حتى إن البعض وصف الخطوة المغربية بـ"الرصاصة التي وأدت المشروع".

وأدان الرئيس السابق المنصف المرزوقي الخطوة المغربية بقوله: ”أدين بوضوح تطبيع النظام المغربي مع إسرائيل في الوقت الذي تتصاعد فيه سياستها في الاستيطان والضم وانتهاك كل حقوق الفلسطينيين، لك الله يا فلسطين"، مضيفا، في تدوينة على صفحته في فيسبوك، أنه وبوصفه مواطنا تونسيا ومغاربيا "كما أدنت سياسة النظام الجزائري تجاه ملف الصحراء المغربية واعتبرتها استنزافا لطاقات الشعبين الشقيقين الجزائري والمغربي، وارتهانا لمستقبل أجيال متتالية، وحكما بالإعدام على الاتحاد المغاربي الذي هو ضرورة قصوى لتقدم شعوبنا، فإني أدين التطبيع الذي قام به النظام المغربي".   

وأكد الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "حلم المغرب العربي، وفي ظل الأنظمة الحاكمة في منطقة المغرب العربي، كان بعيدا، ولكن بالخطوة التي قام بها المغرب تم وأده تماما، فالمغرب تحت غطاء سيادته على الصحراء وحرصه على وحدة أراضيه فرط في أقدس الأراضي، وقبل الاعتراف بإسرائيل"، مبينا أن "ملك المغرب قبِل الاعتراف بدولة الاحتلال، التي أعلنت القدس عاصمة لها، مقابل اعتراف ترامب بسيادة المغرب على الصحراء"، مشيرا إلى أن "المغرب طعن القضية الفلسطينية، ووأد الحلم في إقامة اتحاد مغاربي".

وأوضح الشابي أن "ما حصل سيعمق الخلافات ويعزز موقف الجزائر التي كانت دائما تتحفظ على العلاقات مع المغرب، ويؤجج الصراعات في المنطقة، ويبعد إمكانية البحث عن حل سلمي لقضية الصحراء، أو إقامة سوق مغاربية مشتركة ووحدة مغاربية"، مؤكدا أن "السيادة الوطنية والمنطق يفرضان على دول المغرب العربي، وفي المقدمة تونس، أن تطلب تغيير مقر الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي من المغرب، والتي لم يعد مؤهلاً لاحتضانه، ونقله إلى منطقة أخرى، فحتى وإن بقي قائما من الناحية الرمزية، فإنه لا يجوز أن يبقى في المغرب بعد الخطوة المتخذة والطعن في الظهر".

ولاحظ الشابي أن "الحلم يبقى قائما لدى شعوب المنطقة، ولا يتحقق إلا بديمقراطية حقيقية في المنطقة، ولكن على مستوى الحكام والنظام لا توجد إرادة، إذ لم يخط هؤلاء أي خطوة في طريق الإنجاز"، مشيرا إلى أن "ما حصل من النظام المغربي هو وأد للحلم وإدارة ظهر لشعوب المغرب العربي بالاتجاه إلى إسرائيل المغتصبة للأراضي"، مبينا أن "القضية الفلسطينية هي قضية دولية، ولا يمكن اعتبار ما حصل في المغرب شأن داخلي، بل لا بد من التعبير وبصراحة عن الرفض للتطبيع مع إسرائيل، أو أن تطاول أقدامها أرض المغرب العربي، فالقضية مصيرية وتهم مستقبل البلدان المغاربية ككل".

وقال المحلل السياسي حبيب بوعجيلة إن "حلم اتحاد المغرب العربي كانت تعترضه العديد من العوائق تتعلق باختلاف الخيارات السياسية للنظم الحاكمة، وتاريخيا وجدت صراعات كبيرة بين الجزائر والمغرب، والقضية الرئيسيّة الصحراء الغربية، وكانت هناك صراعات بين ليبيا وتونس في الثمانينيات، وبالتالي الخلافات كانت موجودة، ونظم المغرب العربي عرفت تحولات في نسق الديمقراطية، ومرت الجزائر بالعشرية السوداء في التسعينيات، وخيارات ليبيا كانت مختلفة على المستوى الاستراتيجي وتموقعها على المستوى الدولي، وبالتالي فالأوضاع الداخلية لبلدان المغرب العربي لم تكن تسمح بهذا التقارب، وكانت تونس والمغرب أقرب للمعسكر الغربي الليبرالي، والجزائر وليبيا في اتجاه المعسكر الاشتراكي، وبالتالي شهد الحلم صعوبات"، مضيفا أن "التطبيع يضيف صعوبة أخرى".

وأضاف بوعجيلة أن "تونس عرفت تجربة الربيع العربي، وعرفت ليبيا تحركات مسلحة، كما شهدت الجزائر حراكا مؤخرا، وعرفت التجربة المغربية الإصلاح السياسي من داخل النظام، وبالتالي يضاف التطبيع كواحدة من الصعوبات إلى كل ما سبق من تغيرات"، مشيرا إلى أن "اتحاد المغرب العربي، كتجربة، يبقى موجودا على الورق، ولكن هذا المشروع قد يتحول إلى هيكل شبيه بالجامعة العربية، من دون أي مضمون، والشعوب ستظل تحلم، خاصة في ظل التكتلات العالمية، إذ لا خيار آخر، ولكن من سينجزه: هل الشعوب أم من؟". 

وبيّن أن "هناك خيبة أثارتها مسألة التطبيع في المزاج المغاربي في تونس والجزائر، وحتى الشباب المغربي، وكأنها طعنة في الظهر، والنظام المغربي وجد نفسه في أزمة حقيقية، وحتى الحزب الحاكم الذي يحمل شعار مساندة فلسطين هو الآن في مأزق أخلاقي حقيقي، وهو ما قد يثير مخاوف بلدان المغرب العربي التي تعتبرها خطوة مزلزلة".

ويرى وزير الخارجية الأسبق والدبلوماسي أحمد ونيس "أنه بعد هذه الخطوة، هناك العديد من المسائل التي ستتغير، ولكن التاريخ يتقدم، والمشروع المغاربي لا يموت"، مبينا أن "من دفع الشعب المغربي بعظمته وإيمانه بالقضية الفلسطينية نحو هذه الخطوة يلعب بالنار"، مشيرا إلى أن "هذه الصفقة مقابل الاعتراف بإسرائيل خطوة مرّة ويتجرعها المغرب لاستكمال سيادته على أراضيه وتوحيد المملكة المغربية".

وبين ونيس، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن العاهل المغربي الملك محمد السادس "هو الوحيد ممن مروا بهذه الصفقة، وفي ظل هذا المأزق قام بخطوة استباقية لتوضيح موقفه للقيادة الفلسطينية، مؤكدا أن التزماته تجاه الفلسطينيين لم تتغير، وبالتالي تعتبر الأخف للشعب الفلسطيني رغم وطأتها". 

أما في ما يتعلق بتجربة الاتحاد المغاربي، فأضاف أن "هناك مكسبا رغم ما حصل، وهو وحدة المملكة المغربية، والتي من المنتظر أن تتدعم من الاتحاد الأفريقي، وقد تكون تزكية وخطوة استراتيجية، وبالتالي أصبح المغرب العربي متوازنا، أي يوجد المحور المتكون من المغرب وموريتانيا من جهة، وتونس وليبيا من جهة أخرى في نفس المسيرة الديمقراطية، والجزائر في الوسط، ولا سبيل للهيمنة التي عطلت مشروع المغرب العربي سابقا، فالتاريخ مفتوح ويمكن بناء المغرب".

وتابع أن "الشعوب قد تضطر لخيارات مرة للفوز بسيادتها"، مؤكدا أن "البعد الآخر لهذه الخطوة قد يكون في اتجاه أن تتحول هذه الدول إلى قوى ضغط على إسرائيل، وهذا ممكن".