"داعش" يتراجع في العراق: أدنى معدل ضحايا

"داعش" يتراجع في العراق: أدنى معدل ضحايا

09 أكتوبر 2020
هجمات "داعش" عادة ما تحصل على أطراف المدن (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

بمعدل هجومين إلى ثلاثة أسبوعياً، تتواصل عمليات محدودة التأثير لتنظيم "داعش"، أو ما تبقى من التنظيم في مناطق عدة من شمال وغرب العراق، لا سيما كركوك وصلاح الدين ونينوى، إذ يستفيد التنظيم من تضاريس المناطق المعقدة للاختباء ومعاودة الهجوم بين وقت وآخر.
وسجل سبتمبر/ أيلول الماضي سقوط أقل عدد من ضحايا العمليات الإرهابية في العراق منذ اجتياح تنظيم "داعش" البلد في العام 2014. وتؤكد مصادر استخبارية عراقية، لـ"العربي الجديد"، تسجيل أقل من 30 قتيلاً وجريحاً من قوات الأمن العراقية والحشد الشعبي والمدنيين خلال الشهر الماضي، وهو رقم غير مسبوق من حيث قلة عدد ضحايا الاعتداءات التي كان التنظيم يُنفذها خلال السنوات التي أعقبت سقوط الموصل في منتصف 2014. وتتخذ هجمات التنظيم شكل عمليات العصابات، من خلال الكمائن السريعة، التي عادة ما تنتهي بسرقة سيارات وممتلكات الضحايا، فضلاً عن الهجمات بواسطة العبوات الناسفة وقذائف الهاون، والتي عادة ما تكون في مناطق على أطراف المدن وضواحي القرى.

ما تبقى من تنظيم "داعش" لم يعد سوى مفارز صغيرة
 

ووفقاً للمصادر، فإن التحدي الأكبر الذي تواجهه القوات العراقية هو ملف الحدود السورية، واستمرار حالة التفلت على الجانب السوري من قبل قوات النظام والمليشيات الداعمة له، أو "قوات سورية الديمقراطية" (قسد). كما تُعتبر المناطق المتنازع عليها ثاني التحديات، إذ زاد عناصر التنظيم من نشاطهم في المناطق الشمالية المحاذية لإقليم كردستان.
وقال المتحدث باسم قيادة العمليات العسكرية المشتركة في العراق اللواء تحسين الخفاجي، لـ"العربي الجديد"، إن "ما تبقى من داعش لم يعد سوى مفارز صغيرة، وكل مفرزة تضم ثلاثة أو أربعة عناصر، وهم موجودون في مناطق وعرة، مثل الصحاري، وبعض الوديان والكهوف. ومن المناطق التي يوجد فيها عناصر التنظيم شمال وادي الثرثاء، حيث برك المياه التي يصعُب على القطعات العسكرية الراجلة التقدم نحوها".

وأضاف أن "عناصر داعش موجودون أيضاً في المناطق التي تشهد فراغاً أمنياً بين القوات العراقية والقوات الكردية (البشمركة)، إضافة إلى مناطق جنوب كركوك وشمال ديالى وشرق صلاح الدين، حيث تكثر بعض المفارز الإرهابية في هذا المثلث، وتتخذ من حوض العظيم وزور ديالى وزور أم الحنطة ملاذاً لها". ولفت الخفاجي إلى أن "عدد عناصر التنظيم حالياً أقل من أن يبلغ المئات، وهم ضمن مجموعات صغيرة متناثرة في أكثر من منطقة، وتعمل على تمويل نفسها بطريقة العصابات، حيث تعتمد على السلب والإتاوات، إضافة إلى التبرعات التي تحصل عليها من المتعاطفين مع العناصر". وقال إن "القوات العراقية اعتمدت خلال الفترة السابقة طرقاً جديدة للإطاحة بأعضاء داعش. وهي تنفذ حالياً عمليات ميدانية نوعية بعد التأكد من أماكن وجود هذه المفارز. وكانت آخر عمليات القوات العراقية في الأنبار، حيث قُتل سبعة عناصر من التنظيم، بينهم امرأة". وعن إمكانيات التنظيم من حيث السلاح، بيّن أن "عناصر داعش يعتمدون على الأسلحة المتوسطة والمحمولة، والقناصة، بالإضافة إلى المناظير الليلية التي تمكنهم من قتل بعض أفراد قواتنا".
غير أن "الحشد الشعبي" ما زال مصراً على استمرار خطورة التنظيم وضرورة بقاء فصائله في المدن المحررة، طارحاً فكرة الخلايا النائمة والهجمات المباغتة، وهو ما ترى جهات محلية وحتى سياسية أنه غطاء لتبرير وجود "الحشد" في المدن المحررة، رغم وجود نحو 400 ألف عنصر نظامي، من الجيش والشرطة والشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب وأفواج الطوارئ والأمن الوطني. وقال القيادي في "الحشد الشعبي" (محور الشمال)، علي الحسيني، إن "تنظيم داعش لا يزال يُهدد الأهالي في أغلبية المناطق المحررة، وهو يعتمد على خلاياه النائمة للحصول على المعلومات". وبين، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنه "لا يمكن تخمين عدد العناصر، لكن يمكن القول إنهم بالمئات، يتوزعون في أكثر من محافظة، ويستقرون على أطراف المدن بعيداً عن الوجود الأمني للقوات العراقية. وهذه العناصر في تناقص مستمر بسبب العمليات النوعية التي تقوم بها القوات الأمنية".

التحدي الأكبر الذي تواجهه القوات العراقية هو ملف الحدود السورية

من جانبه، أشار عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية كريم عليوي إلى أن "جميع القراءات الأمنية، والشهادات الميدانية للقادة العسكريين في البلاد، تؤكد انتهاء داعش كتنظيم له مركزية في القرار والرأي، وأنه تدمّر بشكل نهائي بعد مقتل زعيمه أبو بكر البغدادي. وما تبقى لا يشكل خطورة كبيرة على الأمن الوطني، إلا أنه يفزع الأهالي والمزارعين والقوات الأمنية في بعض النقاط العسكرية، كونه يستخدم أسلوب الذئاب المنفردة التي تهاجم وتختفي بسرعة". وأوضح، في اتصال مع "العربي الجديد"، أن "الخلافات السياسية على مستوى الكتل السياسية في بغداد، أو الخلاف بين الإقليم (كردستان) والمركز هو أكثر ما ينعش داعش. كما أن بعض الجهات الداخلية والخارجية تعمل من أجل استمرار نشاط التنظيم".
بدوره، رأى الباحث في شؤون الجماعات المسلحة علي الحياني أن "بقايا داعش من العناصر التي تهاجم القوات الأمنية، وتحاول قتل عدد منهم أو اختطاف بعضهم والتمثيل بجثثهم، لا تدل إلا على أن التنظيم تحوّل من كيان إلى عصابة صغيرة. لكن هذا لا يعني أن هذه العصابة التي تنتشر في أكثر من محافظة ليست خطيرة، بل إنها أكثر خطورة من أي عصابة منظمة". وأكد، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "التنظيم حالياً يسعى لاستقطاب المراهقين من الشبّان، وتحديداً الذين فقدوا أهلهم وذويهم خلال الحرب بين القوات الأمنية والتنظيم، وتدريبهم وشحنهم ضد المواطنين والقوات العراقية والحكومة وكل من يعتبرهم التنظيم سبباً لتراجعه وخسارته".

المساهمون