"المستقلون" و"المنع" يسيطران على مؤتمر المجلس الوطني الكردي في سورية

"المستقلون" و"المنع" يسيطران على مؤتمر المجلس الوطني الكردي في سورية

04 اغسطس 2022
جندي من "قسد" في مدينة القامشلي السورية (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

يجري المجلس الوطني الكردي تحضيرات لعقد مؤتمره العام الرابع خلال الشهر الجاري، وسط جدل حول النسبة الحقيقية لتمثيل المستقلين في المؤتمر، ومخاوف من إقدام حزب "الاتحاد الديمقراطي"، وأذرعه على الأرض، مثل "الأسايش" و"الشبيبة الثورية" من منع انعقاد المؤتمر، كما حصل في المؤتمر السابق قبل خمس سنوات.

وفي إطار هذه التحضيرات، يعتزم المجلس إجراء انتخابات لترشيح أعضاء المؤتمر من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والتنسيقيات الشبابية والمستقلين، حيث تبلغ نسبة المستقلين، وفق ما يقول المجلس 51 بالمائة، مقابل 49 بالمائة، نسبة الأحزاب وبقية الكيانات.

غير أن هناك شكوكاً في هذه النسبة واتهامات لأحزاب المجلس بترشيح منتسبين أو موالين لها مع احتسابهم في خانة المستقلين.

هل هناك مستقلون فعلاً؟

وسرّب ناشطون سياسيون وإعلاميون أوراقاً تشير إلى وجود مرشحين عن فئة المستقلين وضعتها الأحزاب المنضوية ضمن المجلس كقوائم ظل، على مبدأ المحاصصة فيما بينهم، فيما أصدرت مجموعة من الناشطين أطلقوا على أنفسهم اسم "هيئة المستقلين" بياناً قالوا فيه إن "هذا المؤتمر خاص بأحزاب المجلس، وليس مجلساً وطنياً يمثل الشعب، ووفق ما تم الإعلان عنه، وعليه فإن أي ادعاء من أحزاب المجلس أن هناك مستقلين تم ترشيحهم للمؤتمر هو في الحقيقة ادعاء غير صحيح".

وأوضح الناشطون أنه خلال المشاورات التي جرت بين المستقلين في القامشلي وديريك وعامودا والحسكة، تم التوافق على عدم ترشح أي مستقل لانتخابات المجلس الوطني الكردي، وذلك لأن المجلس "ما زال مجلس أشخاص ومحاصصة".   

ورأى الناشط المدني الكردي شيراز أوصمان في حديث مع " العربي الجديد" أنّ الإشكالية تكمن في المقولة والمصطلح، حيث "لا يوجد أحد بصفة المستقل بين الكرد، والمجلس نفسه ليس برلماناً إنما هو كتلة سياسية لديها برنامج سياسي، والذين يحضرون انتخاباته هم بمعنى ما يؤمنون بمشروع المجلس الوطني الكردي وبرنامجه السياسي، ولا يملكون بالتالي صفة الاستقلالية، أو هم من أحزاب أخرى، وكل حزب يقدم "مستقليه" بمعنى يقدم مؤازريه والمقربين منه، سواء حزب يكيتي أو البارتي أو المؤسسات المحسوبة عليهم كاتحاد الكتاب أو اتحاد الطلبة أو الاتحاد النسائي".

وأضاف أن صفة مستقل بهذا المعنى خاطئة، والأصح أنهم "غير حزبيين، ولكن لديهم رؤية سياسية والمجلس بحد ذاته هو تكتل أو تجمع وطني سياسي كردي".

من جهته، قال الناشط المدني رمضان الجزيري في حديثه لـ"العربي الجديد" إنّ "المجلس الوطني الكردي نفسه ليس كياناً سياسياً مستقلاً، وهو مبني على المحاصصة، وكل المرشحين هم من الموالين أو من أعضاء حزب ما، وهو ما يتضح من خلال آلية ترشحهم التي تكون من طريق الأحزاب وليس بشكل شخصي".

غير أن بشير أبو دلو، عضو الهيئة القيادية لـ"حزب الشعب الكردستاني - سورية" نفى أن يكون هناك حزبيون بين المستقلين، معتبراً أنّ جميعهم من المستقلين.

وأضاف في حديثه لـ"العربي الجديد" أن جميع الأحزاب والمستقلين الموجودين تحت مظلة المجلس ملتزمون تقديم أسماء مرشحين للمجلس، وهؤلاء هم من يختار ممثلهم إلى المؤتمر، مشيراً إلى أنه لكل مجلس محلي مرشحيه. 

مخاوف من إحباط المؤتمر

وبالتزامن مع هذا الجدل حول وجود مرشحين مستقلين حقيقيين إلى المؤتمر، ثمة مخاوف من منع عقد المؤتمر من جانب القوى الأمنية المسيطرة على الأرض التابعة لـ"حزب الاتحاد الديمقراطي" أي "قسد" وقوات الأمن الداخلي "الأسايش"، كما حصل خلال محاولة عقد المؤتمر السابق عام 2017.

وفي هذا الإطار، قال سليمان أوسو، سكرتير حزب "يكيتي الكُردستاني - سورية"، عضو هيئة الرئاسة في المجلس الوطني الكردي لـ"العربي الجديد"، إن موعد انعقاد المؤتمر سيكون "في أقرب فرصة بعد انتهاء اللجان المكلفة الانتخابات، وانتهاء اللجنة التحضيرية من الأعمال المكلفة بها".

وأوضح أن المجلس لم يحصل على أية ضمانات أو موافقات لعقد المؤتمر "لأننا لم نطلب ذلك، وكما تعلمون قبل البدء بالمفاوضات مع 'ب ي د' وقسد، كان موقفنا واضحاً للجانب الأميركي بأننا سنمارس نشاطنا السياسي دون استئذان من أحد، ولن نقدم أي طلبات لترخيص أحزابنا أو لفتح مكاتبنا من أي جهة كانت".

وطالب أوسو بالكشف عن مصير المفقودين الذين اعتقلهم "ب ي د"، مشيراً إلى أن هيئة الداخلية لإدارة "ب ي د" أصدرت بياناً أوضحت فيه حق أحزاب المجلس بفتح مكاتبهم وممارسة كل نشاطاتهم دون الحصول على أية رخصة.

وقال: "نحن نعتمد على هذا البيان، ومن حقنا عقد مؤتمر المجلس دون أية موافقات، وحتى اليوم لم يصدروا أية قرارات تلغي هذا البيان، نأمل أن لا يقدموا على خطوة كهذه، وسيكون لنا موقف إذا حاولوا منع عقد المؤتمر".

ولفت إلى أنه خلال التحضير لعقد المؤتمر الرابع السابق للمجلس في 2017، مُنع انعقاده من قبل المسلحين التابعين لحزب الاتحاد الديمقراطي، "ليتواصل بعد ذلك مسلسل اعتقال أعضاء المجلس وإحراق مكاتبه، وهي انتهاكات متواصلة حتى اليوم".

جدول أعمال المؤتمر

وأوضح أن حضور المؤتمر سيقتصر على الأغلب على المقيمين في سورية، ولكن إذا حضر أعضاء من الخارج، فلا ينبغي لأحد منعهم من الحضور، مشيراً إلى أن جدول أعمال المؤتمر سيتضمن "قراءة الوثيقة التنظيمية والتقرير السياسي والرسائل الواردة من المناطق، وبعد إجراء التعديلات اللازمة عليها سيتم إقرارها، وإجراء انتخابات المستقلين والمنظمات لتقديم ممثليهم إلى الهيئة العامة للمجلس الوطني الكردي".

من جهته، قال شلال كدو، سكرتير حزب اليسار الديمقراطي الكردي في سورية، إنّ المؤتمر سيناقش ويقر البرنامج السياسي للمجلس الوطني الكردي في المرحلة المقبلة، وكذلك النظام الأساسي أو النظام الداخلي لهذا المجلس، فضلاً عن انتخاب أمانة عامة جديدة، ولمختلف مؤسسات ولجان المجلس التي سوف تنبثق من المؤتمر، ما يعني أنه سيكون هناك هيئة رئاسية جديدة، ورئيس جديد للمجلس".

وتوقع كدو في حديثه مع "العربي الجديد" أن يكون هناك تغيير "قد يكون كبيراً" في الجهاز الإداري في المجلس الوطني الكردي، "لأن المؤتمرات عادة أو المحطات الشرعية تستبدل كل المؤسسات السابقة بمؤسسات أخرى جديدة".

وأشار بدوره إلى أن المجلس الوطني لم يطلب ضمانات من الإدارة الذاتية أو غيرها لانعقاد المؤتمر، لأننا "مقيمون في بلدنا وسنعقد مؤتمرنا بحضور كل قيادات ومندوبي المؤتمر المقيمين في الداخل السوري"، بما في ذلك "عشرات قيادات أحزاب المجلس وممثلي الفعاليات الاجتماعية والمرأة الكردية والشخصيات الاجتماعية والأكاديمية المستقلة"، ما يعني أنّ المؤتمر يستند إلى قاعدة شعبية عريضة جداً، وفق تعبيره.

وبالنسبة إلى قيادات أو ممثلي المجلس الوطني الكردي المنضوين في أطر المعارضة السورية مثل الائتلاف الوطني أو هيئة التفاوض أو في اللجنة الدستورية، أوضح كدو أنهم لن يحضروا هذا المؤتمر.

وكانت قوات "الأسايش" قد أجبرت المشاركين في المؤتمر السابق عام 2017، الذين وصل عددهم إلى 250 من أعضاء المجلس الوطني الكردي على إخلاء قاعة المؤتمر.  

والمجلس الوطني الكردي إطار سياسي انبثق من المؤتمر الكردي السوري الذي انعقد في مدينة القامشلي بتاريخ 26 أكتوبر/ تشرين الأول سنة 2011، ويتكون من مجموعة أحزاب كردية وفعاليات ومنظمات شبابية ونسائية ومدنية، ويُعَدّ القوة الرئيسية المنافسة لسلطة "الاتحاد الديمقراطي الكردستاني" (ب ي د) المهيمن على شرق سورية عبر أذرعه العسكرية والأمنية والمدنية، والمدعوم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.