فاجعة خدشت وجه المغرب

22 نوفمبر 2017
+ الخط -
فاجعة موت 15 امرأة دفعة واحدة، في تدافع قوي وقاتل من أجل قفة بها شيء من الدقيق والزيت والسكر بقيمة لا تتجاوز 14 يورو، لا يمكن وصفها إلا بالفاجعة. إنها الفاجعة بعينها، مجسدة في الموت الرخيص الذي صار يحاصرنا.
قد تتعدّد التحليلات بشأن الخبر من كل القنوات، المغربية والدولية، وتتعدد وجهات النظر والأسباب، والموت واحد هنا. ولا عزاء للفقر والحاجة، والعزاء كله لمن متن هنا في دروب الفقر الذي بات يلفنا أفرادا وجماعات فمن أين نطل على الفاجعة؟ ومن أين نحلل؟ ومن أين نطل على المغرب؟
تقول المعطيات إنّ شخصا متدينا يعمل خطيبا ومقرئا في أحد مساجد الدار البيضاء، وينحدر من المنطقة، دأب على توزيع إعانات غذائية منذ سنوات على أهالي سيدي بولعلام، وأسس جمعية لهذا الغرض، فحدث أن تدافعت النسوة صباح يوم أحد، فماتت منهن 15، والأخريات لا زلن هناك تنتظرن إعانات أخرى أو موت آخر من أجل الخبز وحده!
يقول التحليل إنّ أزمة التنمية قائمة في المغرب، والفقر ينتشر ويكبر كي يصير كفرا فعليا في سياستنا وفي مشاريعنا، ويهدم ما تم إنجازه، فهل يتعلق الأمر بالموارد أم بالتدبير أم بالحكامة أم بأزمة مجتمع؟ وتقتضي الموضوعية في التحليل أن يتحمل الجميع المسؤولية، من المؤسسات إلى الناخبين إلى المواطنين، والمعضلة مشتركة بالفعل والتواطؤ.
فليس من باب السبق الصحفي أن نعلن أنّ نساء متن هنا أو هناك من أجل قفة رخيصة، ومن أجل تدبير رغيف أطفال صاروا أيتاما، وهم ينتظرون عودة الأم، لكي تعد الرغيف نفسه. فالسبق هنا أنّ الموت يعلو على الرغيف وعلى الزيت وعلى السكر. كما أنّ السبق الصحفي هو من مكر الجغرافيا والتاريخ، كي تذكر القنوات العالمية، وتخبر العالم أنّ قرية نائية في المغرب تسمى رسميا سيدي بولعلام توجد على الخريطة في المغرب، وأنّ نساء قتلن بعضهن في تدافع مشروع من أجل قفة رخيصة .
فمن أين نطل على الوطن؟ هي إذن فاجعة سيدي بولعلام التي خدشت وجه المغرب.
A4F7B411-6DC2-40DA-A7BA-A42851C8E327
A4F7B411-6DC2-40DA-A7BA-A42851C8E327
أحمد بومعيز (المغرب)
أحمد بومعيز (المغرب)