أزمة "إيفرغراند" تهوي بمبيعات المنازل الصينية 17%

أزمة "إيفرغراند" تهوي بمبيعات المنازل الصينية 17%... والاقتصاد يتصدع

18 أكتوبر 2021
أسعار العقارات نحو الهبوط بسبب عزوف المشترين (Getty)
+ الخط -

هوت أزمة ديون مجموعة "إيفرغراند" الصينية، بمبيعات العقارات في الصين بنسبة 17% على أساس سنوي، خلال سبتمبر/أيلول الماضي، وسط مخاوف من تصدّع النمو الصيني، حيث يُعد القطاع العقاري أحد الركائز في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم.

وطاولت الأزمة شركات تطوير عقاري أخرى، حيث نأى المشترون بأنفسهم عن السوق. وجاء هبوط قيمة المبيعات، الشهر الماضي، بعد أن سجلت تراجعاً بنسبة 19.7%، خلال أغسطس/آب الماضي، وفقا لحسابات وكالة بلومبيرغ الأميركية، من خلال رصد بيانات صادرة، اليوم الاثنين، عن المكتب الوطني للإحصاء الحكومي.

وأظهرت البيانات انخفاض الاستثمار في القطاع العقاري لأول مرة منذ بداية تفشي جائحة فيروس كورونا مطلع العام الماضي، والذي أسفر عن عمليات إغلاق لقطاعات اقتصادية واسعة، متراجعاً بنسبة 3.5% مقارنة بالعام الماضي.

وساهمت جهود الحكومة على صعيد الحد من نفوذ شركات التطوير العقاري في تفاقم أزمة السيولة في "إيفرغراند"، التي بدأت تنتقل في الوقت الحالي إلى شركات أخرى، وهو ما جعل المشترين يترددون في سداد مبلغ مقدم الحجز لشراء منازل لم يبدأ تشييدها بعد.

وتكافح "إيفرغراند" لسداد فوائد ديون كبيرة. واعترفت الشركة، الشهر الماضي، بأنها قد لا تكون قادرة على الوفاء بجميع التزاماتها، لكنها نفت أن تكون على وشك الإفلاس. وفي نهاية سبتمبر/أيلول، لم تتمكن المجموعة من سداد دفعات قروض يبلغ مجموعها 131 مليون دولار (113 مليون يورو). وهذا الشهر، لم تتمكن أيضا من احترام قرض ثالث بقيمة 148 مليون دولار (127 مليون يورو).

وتظهر البيانات أن حجم ديون العملاق العقاري الصيني يصل إلى 310 مليارات دولار، الأمر الذي يعرّض الاقتصاد الصيني لأزمة في حال التخلف عن السداد.

وقالت هيلين تشياو، كبيرة خبراء الاقتصاد المتخصصة في الصين الكبرى لدى "بنك أوف أميركا كورب"، في مقابلة مع تلفزيون بلومبيرغ: "لا يوجد مشترٍ للعقارات الجديدة في الصين بسبب المخاوف، لذا يمكن لنا أن نشاهد عمليات هبوط إضافية للاقتصاد".

وربما هبطت مبيعات شركة "إيفرغراند" بمفردها بنسبة 93%، في سبتمبر/أيلول الماضي، مقارنة بالعام السابق، بحسب تقرير صادر عن شركة "سيتي غروب إنك"، يستند إلى بيانات تعود لشركة "تشاينا ريل استيت انفورميشن كورب".

ومن المرجح أن يوسع هبوط المبيعات من هذه الحلقة المفرغة، عبر مزيد من التدهور في عجز السيولة النقدية لدى شركات التطوير العقاري، ما يضطرهم إلى تقديم عروض بخصومات أكبر.

ومن المحتمل أيضاً أن يسفر ذلك عن خفض في أسعار العقارات السكنية، في بلد يدخر فيه الناس جزءاً كبيراً من ثرواتهم في شراء العقارات، فيما هبطت أسهم قطاع الشركات العقارية في البر الرئيسي الصيني على إثر هذه التطورات.

وبالفعل، هبطت مؤشرات نمو الأسعار وتراجعت المنازل التي بدأت فيها أعمال البناء والمبيعات على نحو كبير خلال الأشهر الأخيرة، بحسب ما جاء في تقرير صدر حديثاً عن شركة "موديز أنالاتيكس"، ما يعرّض المتعاقدين على شراء وحدات عقارية بالفعل لخسائر كبيرة. بينما من المنتظر إعلان الصين عن البيانات الخاصة بأسعار العقارات السكنية، عبر 70 مدينة كبرى يوم الأربعاء المقبل.

في المقابل، خرج البنك المركزي الصيني عن صمته فيما يتعلق بأزمة "إيفرغراند"، الأسبوع الماضي، عندما قال إن المخاطر التي تواجه النظام المالي والناجمة عن الصعوبات التي تتعرض لها شركة التطوير العقاري "قابلة للسيطرة"، ومن غير المرجح أن تتفشى لدى غيرها.

وتسعى الحكومة الصينية إلى القضاء على الديون المفرطة عبر قطاع العقارات، على أساس مفهوم يقضي بأن العقارات السكنية مخصصة لغرض المعيشة وليس لغرض الدخول في مضاربة. على الرغم من ذلك، فإن القيام بهذه المهمة يعتبر نوعاً من الممارسة الخطيرة، في بلد يمثل فيه قطاع العقارات الأوسع نطاقاً حوالي 23% من الناتج المحلي الإجمالي، بحسب تقديرات بنك الاستثمار الأميركي "غولدمان ساكس".

وشرعت السلطات التنظيمية في تخفيف قيود قروض الإسكان، وهو تحرك يمكن أن يقدم المساعدة لأولئك الذين يشترون منزلاً للمرة الأولى ويزيد من حجم المعاملات، بعد وضع حد أقصى غير مسبوق لتعرض البنوك للاستثمار في القطاع العقاري.

وواجهت شركات التطوير العقاري الصينية موجة من عمليات تخفيض التصنيف الائتماني، حيث يبلغ نصيبها من الديون المتعثرة على مستوى العالم مقدار النصف، بحسب بيانات جمعتها وكالة بلومبيرغ.

وكشفت إحصاءات أخرى أن تراجع سوق العقارات يأتي من بين العديد من المشكلات التي يتعرض لها الاقتصاد في الصين، حيث سجل نمواً بطيئاً خلال الربع الماضي.

وأظهرت بيانات نُشرت، اليوم، نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.9%، في الفترة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول، من مستواه السابق في أضعف أداء منذ الربع الثالث من عام 2020 ومخالفاً للتوقعات.

وقال فو لينغ هوي، المتحدث باسم المكتب الوطني للإحصاء الحكومي، في مؤتمر صحافي في بكين، اليوم، إن "الانتعاش الاقتصادي المحلي لا يزال غير مستقر وغير منتظم". مضيفا، وفق ما نقلته وكالة شينخوا للأنباء الصينية، أن الدولة ستتخذ تدابير منوعة للحفاظ على نمو الاقتصاد في نطاق مناسب.

المساهمون