حين أطلق غسان كنفاني الشمس من "قنديل صغير"

حين أطلق غسان كنفاني الشمس من "قنديل صغير"

15 مايو 2014
طفلة فلسطينية (عابد ديب/باسيفيك برس/Getty)
+ الخط -

عام 1948 هجّر الاحتلال الاسرائيلي الطفل غسان كنفاني (12 عاماً) من يافا.
هو أيضاً ترك لُعباً وأوراقاً وأقلاماً هناك، وهو أيضاً بقي ينتظر أن يعود ليكمل رسومه وكتاباته.

كعائلات فلسطينية كثيرة، حاولت عائلة غسان النجاة بأطفالها، بينما بدأ آخرون رحلة المقاومة الطويلة. 

شهد غسان النكبة، تملّكت وعيه، مهرت وجدانه بآلام ناسها وتحديداً مآسي أطفالها. سكنه أولئك الأطفال النازحون المشرّدون المحرومون من انسانيتهم، إلى درجة جعلته يحافظ على وجودهم في اهتماماته وأحلامه وأعماله.

حين امتهن الكتابة، كتب عنهم، وكتب لهم.

هم حاضرون في معظم كتاباته، أبطال الكثير من القصص المتفرّقة، التي جُمعت بعد استشهاده في كتاب حمل عنوان "أطفال غسان كنفاني"، نشر عام 1978، وترجم إلى الإنكليزية عام 1984 بعنوان "أطفال فلسطين". كما تابعت زوجته رسالته التي تتلخّص في كلمتين كان يردّدهما: "الأطفال مستقبلنا"، فأسست "مؤسسة غسان كنفاني الثقافية"، التي أولت اهتماماً خاصاً لرعاية الأطفال الفلسطينيين في لبنان، وأنشأت روضات لتعليمهم ومراكز فنية لتنمية مواهبهم.

في الحديث عن علاقته بالأطفال، لا بدّ من ذكر لميس، الطفلة التي ألهمته كتابة أحد أجمل الأعمال الأدبية العربية للأطفال، "القنديل الصغير".

حين استقرّ كنفاني في بيروت عام 1960، ارتبط بعلاقة أبوية وطيدة مع ابنة أخته لميس (مواليد 1955) وكان يحرص على حكاية الحكايات لها، الشعبية أو التي يقتبسها من التراث أو التي هي من خياله. وكان يحرص في عيد مولد لميس، على تقديم القصة لها في دفتر مزيّن برسوم بخطّ يده. عام 1963، في عيد مولد لميس الثامن، قدّم لها رائعته "القنديل الصغير" في دفتر مع رسوم تجسّد أبطال القصّة الخيالية وأحداثها، التي كانت تقوم على حبكة مشوّقة ومعبّرة، إذ يُطلب من أميرة صغيرة إدخال الشمس إلى قصرها كي تستحقّ الحكم ورضا والدها الملك.

لم ترَ لميس كيف تحوّلت هذه الهدية الخاصة والعائلية إلى عمل أدبي رائد في عالم "أدب الطفل العربي"، ليس لأنّها لم تعد تحبّ الحكايات، بل لأنّها لم تُمهل لكي تكبر. على مشارف عامها الـ 18، استشهدت مع غسان، حين كان يقلّها في سيارته التي فخّخها عملاء لإسرائيل في بيروت عام 1972.

غسان ولميس رحلا معاً، كما تقاسما حكاية "القنديل الصغير" معاً. لكنّ الكتاب بقي. تناقلته أيادي الكبار والصغار، وتحوّل إلى أعمال مسرحية وتلفزيونية، منها حلقة تلفزيونية من برنامج "الراوي" انتاج "قناة الجزيرة للأطفال" عام 2011، للمخرج القطري حافظ علي والمشرف العام محمود أورفلي والمنتج حمد علي، حيث اقتبس البرنامج قصّة كنفاني جنباً إلى جنب قصص عالمية وتراثية خالدة. "العربي الجديد" تستعيد هذه القصة والحلقة تحية لكنفاني وأطفاله، الذين يستحقّون حكايات تجلب الشمس إلى حياتهم.

المساهمون