سوسن فقوعة...زهرة ملكية في فلسطين

30 مايو 2016
تعد النبتة الآن مهددة بالانقراض (الفيسبوك)
+ الخط -
بين أحضان الطبيعة إلى الشمال من الضفة الغربية المحتلة، حيث جبال قريتي جلبون وفقوعة المتجاورتين شرقي مدينة جنين، وفي مساحة لا تتعدى 20 كيلومتراً مربعاً، تعيش نبتة سوسن فقوعة أحد أنواع السوسن الملكي، والتي تعتبر فريدة بنوعها على مستوى العالم، ولا تعيش إلا في هذه المنطقة فقط، لتكون الأولى فلسطينيّاً على مستوى العالم.

ووفق خبراء البيئة الفلسطينيين، فإن زهرة سوسن فقوعة (تسمّى باللاتينية: Iris haynei) استوطنت في فلسطين منذ التاريخ القديم، وصنفت في ثلاثينيات القرن الماضي باسمها الحالي، وهي أحد أنواع السوسن الملكي، ضمن ثلاثة أقسام للسوسن تعيش في فلسطين وهي: السوسن بعنق "السوسن الملكي"، والسوسن متفرع العنق، والسوسن بدون عنق.

وتعتبرُ الكثير من الديانات ومعظم شعوب العالم زهرة السوسن بأنَّها مقدّسة، أي أنّها مرتبطة في المجتمع بمعتقدات دينيّة، لاعتقادهم بأنها تسبّح لله، فتزرع فوق المقابر للاعتقاد بأنها تخفف عن الموتى، وتطرد الأرواح الشريرة، وتنتشر في مناطق التمدد العمراني في الوعر وليس في السهل، وتشكل أزهارها موئلاً لمبيت أنواع محددة من النحل البري. وتعود تسمية قرية فقّوعة لأكثر من رأي، لكن الراجح هو لكثرة فقاقيع المياه فيها، وذلك نابع من كثرة الينابيع وعيون الماء الموجودة في أراضي القرية، في ما يعتقد البعض أن تسمية قرية جلبون المجاورة محرفة من كلمة "نجالبونا" السامية، بمعنى القوي والشجاع، أو تحريف لكلمة "جلبوع"، وهي الاسم القديم لجبال فقوعة.

نبتة فلسطين الوطنية
ولأهمية نبتة سوسن فقوعة، فقد صادقت الحكومة الفلسطينية الشهر الماضي، على اعتماد نبتة سوسن فقوعة "النبتة الوطنية لفلسطين"، بعد تنسيبها من سلطة جودة البيئة الفلسطينية، علاوة على إضافتها إلى الرموز والشعارات الوطنية، وذلك بإصدار الطوابع والميداليات والشعارات الوطنية التي تكرس هده النبتة كعنصر من عناصر التراث الوطني الفلسطيني. أي تم محاولة ربط النبتة بسبب خصوصية ظهورها على أرض فلسطين، بالتاريخ والثقافة الفلسطينيّة. سلطة البيئة بحثت منذ العام الماضي إمكانية اعتماد نبتة وطنية واختارت سوسنة فقوعة، كبقية الدول التي تتخذ نباتات أو طيور رمزاً لها، ولما تمتاز به النبتة من جمال، وفق ما يوضح مدير عام المصادر البيئية في سلطة جودة البيئة الفلسطينية، عيسى عدوان، في حديث لـ"العربي الجديد".

نبتة ملوكية ذات جمال بنفسجي
وبرغم جمال زهرة سوسن فقوعة ذات اللون البنفسجي القاتم، إلا أنه لا توجد لها رائحة، وتبدأ بالإزهار في شهر مارس/ آذار من كل عام، وتبقى متفتحة مدة ثلاثة أسابيع ضمن مشهد جمالي لعدة زهور منها في تجمع واحد، وتجف أوراقها التي تشبه أوراق البصل في فصل الصيف، وتبقى جذورها (رايزوم) في الأرض، ثم تبدأ في النمو في نهاية الشتاء القادم، لتعاود النمو من جديد في رسمة جمالية تعيشها جبال فقوعة وجلبون المرتفعة والمطلة على منطقة بيسان وجنين شمالي فلسطين المحتلة. يبلغ حجم أوراق نبتة سوسن فقوعة 30 سم للارتفاع وبعرض 2 سم ونصف للورقة، فيما يبلغ حجم زهرتها ما بين (16-11 سم)، وينمو في النبتة عنق واحد فقط، وفي كل عنق تزهر زهرة واحدة فقط لذا سميت بالزهرة الملكية، وفق ما يوضح الخبير في التنوع الحيوي النباتي في فلسطين، بنان الشيخ، لـ"العربي الجديد". ولا توجد أي أبحاث طبية لغاية الآن تتعلق بهذه النبتة، وهو ما يستدعي البحث والدراسة حول وجود أهمية طبية لها أم لا، يؤكد رئيس قسم كيمياء وتكنولوجيا الصيدلة في جامعة النجاح الوطنية بنابلس، نضال جرادات، في حديثه لـ"العربي الجديد".

زهرة وطنية مهددة بالانقراض يجب الحفاظ عليها
تحاول إسرائيل نسب الكثير من عناصر البيئة الفلسطينية لها، وتصنفها أنها تعيش في جبال "الجلبوع"، في حين تعاقب القوانين الإسرائيلية كل من يعتدي على هذه النبتة، وهو ما يثير قضية أهمية الحفاظ على هذه النبتة وضرورة التوعية للحفاظ عليها من الانقراض.


الحكومة الفلسطينية أكدت خلال اعتماد النبتة أنها النبتة الوطنية لفلسطين لهذا العام، على ضرورة تنمية الوعي الوطني الفلسطيني بأهمية حماية البيئة وقيم وعناصر التراث الطبيعي، وحماية عناصر التراث الطبيعي الوطني من السرقة والتزييف، وإظهار الوجه الحضاري والمتميز للمجتمع الفلسطيني في حماية البيئة والطبيعة. لأنَّ نسب الإسرائيليين هذه النبتة لأنفسهم، هي محاولة من أجل طمس معالم الشخصيّة التاريخيّة الفلسطينيّة.


في حين، يؤكد الشيخ في حديثه لـ"العربي الجديد"، أنه لا بد من وجود نقاش حول اتخاذ إجراءات لحماية نبتة زهرة سوسن فقوعة، حيث أن ندرتها في العالم، وتهديدها بالانقراض أهم ما يواجه هذه النبتة. سلطة جودة البيئة الفلسطينية سعت لتسليط الضوء على هذه النبتة، وستعمل على رفع عملية الوعي للجمهور الفلسطيني، إضافة للعمل على تكثيرها من خلال زراعتها في ذات المنطقة بمحمية طبيعية، حيث يشير عدوان إلى أن قانون العقوبات الخاص بالطبيعة والبيئة معمول به في فلسطين، لكنه من الأفضل رفع الوعي بشكل أكبر.



دلالات
المساهمون