الاشتراكي الألماني المأزوم يحسم مصير الحكومة غداً

الاشتراكي الألماني المأزوم يحسم مصير الحكومة غداً

20 يناير 2018
أبدى شولتز تفاؤله بنتائج تصويت حزبه (جون ماكدوغال/فرانس برس)
+ الخط -


لا يحظى الائتلاف الحكومي الكبير في ألمانيا "غروكو" بشعبية لدى القاعدة الحزبية لـ"الاشتراكي الديمقراطي"، الذي توصل الأسبوع الماضي إلى اتفاق مبدئي مع "الاتحاد المسيحي" من المرجح أن يفضي إلى الدخول في مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية بطبعة متجددة في البلاد بعد مرور قرابة أربعة أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية العامة.

ويبدو واضحاً أن المزاج لدى الكثير من الاشتراكيين يميل لعدم الخوض في التحالف لاعتقادهم بأن دخول حزبهم الائتلاف الكبير من جديد يكون كالشخص الذي يبيع نفسه، فيما يعتبر البعض الآخر أن النقاش لن يتم بالضرب من تحت الحزام، وهناك تبادل للأفكار وتقييم سياسي على نطاق واسع وبكثير من الواقعية ولا يتناول الورقة الاستكشافية فحسب، بل يشمل الفرصة أمام الحزب لتجديد نفسه بشكل أفضل في الحكومة أو المعارضة. في المقابل هناك فئة تطالب بضرورة الحصول على إشارات واضحة للتحسينات الممكنة على ورقة الاتفاق المبدئي، ومنها ما يتعلق بالسياسة الضريبية والمعاش التقاعدي، الأمر الذي دفع مؤيدي "غروكو" للطلب من معارضي التفاوض مع حزب المستشارة أنجيلا ميركل تقديم البديل، لأنه حسب رأيهم، لن يكون سوى اللجوء إلى الانتخابات المبكرة، وهذا يعني حسب مراكز استطلاعات الرأي، ومنها "إنفراتست ديماب"، أنها قد تكون نقطة انطلاق صعبة لـ"الاشتراكي".

ويرى خبراء في الشأن السياسي الألماني، أن ما ينقذ "الاشتراكي" هو تبنّي استراتيجية ورسائل أكثر إيجابية لإزالة الشكوك لدى الكثير من الحزبيين وشرح فضائل وأهمية "غروكو" للحزب في هذا الظرف العصيب، وفق شعارات جذابة ترتكز على أن يكون العمل من أجل ألمانيا وأوروبا، للحد من حملة التعبئة التي تقودها منظمة الشباب داخل "الاشتراكي" ضد مفاوضات تشكيل حكومة مع "الاتحاد المسيحي". هؤلاء الشباب يمثّلون 144 مندوباً من أصل 600 من روابط جمعيات الولايات، والتي ستقدّم توصياتها لمندوبي الحزب للمؤتمر الاستثنائي، وتتحضر للمواجهة في مدينة بون، انطلاقاً من أنه ستكون هناك صعوبة بالخوض خلال المفاوضات في الأساسيات من جديد وفي ظل الحديث عن أنه تم وضع تصور من قبل الفريقين خلال المحادثات الاستكشافية يقضي بالقيام بجردة بعد عامين على الائتلاف الجديد.

وفي هذا الإطار، يقول مراقبون إن على "الاشتراكي" أن يزن ما إذا كان قادراً على فرض ما يكفي من أجل الاستمرار في الحكم لأربع سنوات أخرى، لأن المسألة باتت مسألة وجود، إضافة إلى التسويق لما حققه خلال المحادثات الاستكشافية مع "الاتحاد المسيحي" في ملفات تتعلق بالعدالة الاجتماعية وبشأن المعاشات التقاعدية والرعاية، ودور ألمانيا المستقبلي الريادي في السياسية الأوروبية، أي بيع هذه الإنجازات بشكل جيد وبما فيه الكفاية للمندوبين أولاً ومن ثم للناخبين، مع اعترافهم بإخفاق مفاوضي "الاشتراكي" خلال المحادثات مع "الاتحاد المسيحي" في تحقيق تقدّم يذكر في مواضيع مثل الرقمنة والتكامل وتغير المناخ.


ويبقى التعويل على قدرة زعيم "الاشتراكي" مارتن شولتز، الذي يواجه مشكلة في التعامل مع حزبه وبات وضعه أكثر تعقيداً، بتحقيق أمر لافت يمكّنه من امتصاص ردة الفعل الغاضبة على الورقة الاستكشافية وإطلاق إشارة إيجابية إلى أعضاء حزبه المشككين في الاتفاق المبدئي، والحصول خلال المؤتمر الاستثنائي للحزب المقرر يوم الأحد المقبل على تصويت إيجابي يسمح له بالخوض في مفاوضات ائتلافية لتشكيل حكومة مستقرة مع ميركل. ويعترف الكثيرون بافتقار شولتز لمواصفات الزعيم التكاملي، وهو الذي أعطى "الاتحاد المسيحي" بعد فشل مفاوضات "جامايكا" مكافأة أخلاقية، وبات حزبه الآن يخوض مقامرة. وعلى شولتز القتال من أجل كل صوت من أصوات المندوبين، كون مستقبله السياسي بات مرهوناً بتشكيل الائتلاف الكبير، خصوصاً بعد اتخاذ جمعيات الحزب في عدد من الولايات، بينها تورينغن وسكسونيا إنهالت وبرلين، قرارها برفض التحالف الجديد. ويبقى على شولتز مهمة إقناع مندوبيه بأن الوثيقة يمكن فهمها على الأرجح كأساس سليم لمزيد من النقاشات خلال مفاوضات الائتلاف، وهو ما أوضحه المسؤول في "الاشتراكي" تورستن شيفرغومبل، في حديث مع القناة الثانية في التلفزيون الألماني "زد دي إف"، عندما رد على خطاب "الاتحاد المسيحي" الذي يرفض إعادة التفاوض، موضحاً أن كل من يعتقد أن نتائج المحادثات الاستكشافية هي تلقائياً اتفاق الائتلاف، مخطئ.

مع العلم أن شولتز نبّه أخيراً خلال جولته بداية الأسبوع في مدينتي دورتموند ودوسلدورف لحشد دعم المندوبين لمفاوضات ائتلاف، من أن أوروبا تتحرك صوب اليمين، مشيراً إلى أنه لم يكن مندهشاً من خطورة النقاش ولكنه أعجب جداً بحيويته. كما أعرب عن اعتقاده بأنه يمكن التطلع إلى الحزب بطريقة بناءة وذات مغزى، مع تفاؤله بنتائج التصويت خلال المؤتمر.

ويشير مخضرمون في "الاشتراكي" إلى أن الواقع الحالي واتجاهات سلوك التصويت المحتمل خلال المؤتمر غير واضحة، لكن يبدو أن هناك حالياً ثلاثة معسكرات: ثلث ثابت وضد نسخة جديدة من الائتلاف الكبير، ويظهر هذا الثلث لدى القاعدة الحزبية التي لديها نفور من حكومة ائتلافية مع "الاتحاد المسيحي" وعدم يقين وخشية من أن يكون "الاشتراكي" أضعف حتى بعد الانتخابات الجديدة. وثلث يقف مع الائتلاف على الرغم من المخاوف تجاه المسؤولية السياسية للدولة على "الاشتراكي". أما الثالث الحاسم، فهو المطلوب محاولة إقناعه وهو أمر بالغ الأهمية، مع العلم أنه كلما تم الارتقاء في السلم الهرمي للقيادة الحزبية أصبح احتمال فرصة الموافقة على دخول مفاوضات تشكيل الحكومة كبيراً.

تجدر الاشارة إلى أن استطلاعاً للرأي أجرته "إينسا" ونشرته صحيفة "دي فيلت" هذا الأسبوع، أظهر أنه عقب اختتام المحادثات الاستكشافية مع "الاتحاد المسيحي"، انخفضت نسبة مؤيدي "الاشتراكي" إلى 18,5 في المائة، أي أقل 2 في المائة مما كانت عليه نتائجه خلال الانتخابات البرلمانية العامة في سبتمبر/أيلول الماضي، وهي أدنى نسبة ينالها الحزب العريق على الإطلاق.