ألمانيا: قيادة "البديل" للمعارضة قد تقضي على آمال "غروكو"

ألمانيا: معضلة قيادة "البديل" للمعارضة داخل البوندستاغ قد تقضي على آمال "غروكو"

16 يناير 2018
يتخوّف خبراء من انتفاضة مفتوحة ضد مارتن شولتز (Getty)
+ الخط -
يدور نزاع جديد داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي حول ما إذا كان من المفيد الدخول في ائتلاف مع الاتحاد المسيحي بزعامة المستشارة أنجيلا ميركل، وبالتالي إفساح الطريق لحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي، بأن يكون أقوى أحزاب المعارضة داخل البوندستاغ، وعندها لن يكون من المستبعد أن يرأس لجنة الميزانية، وأن يكون أيضاً أوّل من يرد على تصريحات حكومة المستشارة. ويرى الحزب الاشتراكي هذا الأمر معضلةً بالنسبة إلى حزبه. وقد عبّر عنها صراحة نائب رئيس الاشتراكي أولاف شولز، بالقول: "أن يكون ألكسندر غاولاند، رئيس كتلة البديل اليميني الشعبوي، في البرلمان زعيماً للمعارضة، لا أحد يريد أن يتصوّر مثل هذا الحق".

ويبدو واضحاً أنّ ممثلي اليسار في الحزب الاشتراكي يريدون تجنّب ذلك بأي ثمن، وهو ما تعمل عليه منظمة الشباب في الحزب منذ فترة، وقد اعتبرت في قرارها أخيراً أنّ "تحمّل المسؤولية يعني أن لا تترك اليمين المتطرّف والفاشيين الجدد لقيادة المعارضة، لا بل على العكس من ذلك، المسؤولية التاريخية تحتّم على الاشتراكي أن يواجه دائماً مسؤولية إدارة الدولة، وهذا من الممكن أن يكون أيضاً من خلال دوره في المعارضة"، وفق ما أوضحه لصحيفة "هاندلسبلات"، أمس الإثنين، المتحدث باسم دائرة من الديمقراطيين الشباب اليساريين في المجموعة البرلمانية للاشتراكي.


ويرى مراقبون أنّ وجهة النظر داخل الاشتراكي المؤيدة لمنع "البديل" من قيادة المعارضة، قد توفّر حجة إضافية لرفض ائتلاف متجدّد مع الاتحاد المسيحي، لأن نواب الاشتراكي داخل البوندستاغ سيتعيّن عليهم أن يمثّلوا مواقف الحكومة، والتي قد لا تتناسب بالضرورة دائماً مع مواقف وطروحات الحزب. كذلك، قد تترتّب على ذلك بعض الآثار السلبية على الاشتراكيين الديمقراطيين، ومنها التعبئة الضعيفة للناخبين خلال الانتخابات العامة المقبلة، لأنّ البديل قد يستفيد من التحالف الكبير "غروكو"، لتعزيز حضوره مرة أخرى، بعد أن يزيد تعلّق المتعاطفين باليمين الشعبوي، نتيجة السّخط من استمرار التكتلات الكبيرة بالمفاهيم نفسها، وشعورهم بأنهم غير ممثلين.

كل هذا يهدّد جهود الاشتراكي بالاستمرار بتحالف "الأحمر والأسود"، والمضي في المفاوضات، بعد أن حقّق الأخير نهاية الأسبوع الماضي مع الاتحاد المسيحي، اتفاقاً مبدئياً قد يفضي إلى بدء مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلاف كبير "غروكو"، علماً أنّ الانتقادات لمشروع التحالف الجديد آخذة في التوسع، ومنها ما جاء في تصريح لعمدة العاصمة برلين، الاشتراكي ميشائيل مولر، لصحيفة "تاغس شبيغل"، الأحد، والذي قال فيه إن "تصويت الناخب كان واضحاً وضدّ الائتلاف الكبير، ما يعني أن تشكيل التحالف نفسه بالسياسة نفسها لا يمكن اعتباره رداً مناسباً"، فيما اعتبر مسؤولون آخرون في الاشتراكي أن "المطلوب إجراء تحسينات على الجانب الاجتماعي من نتائج المحادثات"، وهذا ما يرفضه الاتحاد المسيحي، وعبرت عنه عبر "تويتر" نائبة رئيس المسيحي الديمقراطي يوليا كلوكنر بالقول: "إن الذين وافقوا على الورقة الاستكشافية، ويريدون اليوم إعادة التفاوض، ربّما كانوا موجودين جسدياً فقط في المحادثات. لقد تم التفاوض على كل شيء في الحزمة"، مضيفة أنّ "هذا لا يعطي انطباعاً جيّداً أننا نعتمد على الدقة".


أمام هذا الواقع، يلخّص خبراء في الشؤون السياسية الألمانية ما حصل بأنه ليس هناك من رابح واحد أو خاسر واضح، وأن الظروف التوفيقية التي توصّلت إليها الأطراف الثلاثة تسمح لهم بالتعايش معاً، وأن ألمانيا باتت اليوم بعهدة 450 ألفاً من الاشتراكيين الديمقراطيين، لأن نتائج التصويت غير مؤكدة بعد، وذلك بفعل الاستياء المتزايد من الورقة الاستكشافية التي تمّ التوصّل إليها مع الاتحاد المسيحي، كما وإعلان منظمة الشباب داخل الاشتراكي أنهم سيحشدون، وخلال المؤتمر الاستثنائي الذي سينعقد في مدينة بون، من أجل عدم الموافقة على التحالف من جديد مع الاتحاد المسيحي.

وهنا، يتخوّف خبراء من أن تكون هناك انتفاضة مفتوحة داخل الحزب ضد رئيسه، مارتن شولتز، بعد توصية قيادة الحزب بالتفاوض. وعندها ستكون لهذا الأمر أثمان باهظة، وهذا سيعبّر عن عدم الثقة بالقيادة بأكملها، وسيتعيّن على شولتز أن يستقيل. إلّا أن القادة الأبرز في الاشتراكي يعربون عن ثقتهم بقبول مندوبي الحزب بنتائج المحادثات، وهو ما عبّرت عنه مالو دراير، نائبة رئيس الحزب ورئيسة وزارء ولاية راينلاند بفالز، في حديث صحافي، مؤكدةً أنها تجد له فرصة جيّدة، إذ قالت "دعونا نفترض أنه يمكننا تحقيق الكثير في مفاوضات الائتلاف".

بدوره، توقّع عمدة مدينة هامبورغ أولاف شولز، دعم مؤتمر الاشتراكي لبدء مفاوضات الائتلاف مع الاتحاد، رغم تحفّظه على عدم وجود إصلاحات ضريبية كبيرة في الوثيقة التي توافقت عليها الأحزاب الثلاثة.

المساهمون