إبطال جديد لإصلاحات العبادي: المالكي يكسب معركة بسلاح القضاء

إبطال جديد لإصلاحات العبادي: المالكي يكسب معركة بسلاح القضاء

11 أكتوبر 2016
دعا الصدر مناصريه لتظاهرات جديدة (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
بالتزامن مع وصول فريق المحققين الدوليين للبحث في مصير أموال العراق المفقودة إبان فترة حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي للبلاد بين 2006 و2014، ومع تسريبات تؤكد قرب انعقاد جلسة التحقيق حول المتورطين بملف سقوط الموصل بيد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، صادقت المحكمة الاتحادية العليا في العراق على إلغاء قرار رئيس الوزراء حيدر العبادي بإقالة نواب رئيس الجمهورية الثلاثة، نوري المالكي وأسامة النجيفي وإياد علاوي، لمخالفته الدستور. كما أصدرت حكماً آخر يقضي ببطلان إقالة العبادي لخمسة من كبار المدراء العامين في البلاد ضمن خطوات الإصلاح السياسي والإداري التي أطلقها العبادي مطلع العام الحالي وأثارت أزمة واسعة في البلاد.
وأعلن مجلس القضاء الأعلى في العراق، في بيان تلقت "العربي الجديد" نسخه منه، أن "المحكمة الاتحادية العليا عقدت جلستها اليوم (أمس) بكامل أعضائها ونظرت دعوى الطعن بقرار رئيس الوزراء الخاص بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية"، مشيراً إلى أن "المحكمة الاتحادية العليا وجدت أن وجود نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية أمر ألزمته المادة (69/ ثانياً) من الدستور". وأوضح أن "القرار القضائي أفاد بأن وجود نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية إلزام نص عليه الدستور اقتضاء للمصلحة العامة للحيلولة دون حصول فراغ في السلطة التنفيذية-رئاسة الجمهورية". ولفت إلى أن "القرار المطعون بعدم دستوريته بإلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية قد صدر خلافاً لما رسمته المادة 142 من الدستور، فيكون مخالفاً لأحكامه مما يقتضي الحكم بعدم دستوريته". وبحسب قرار المحكمة فإن نواب الرئيس الثلاثة سيكون بإمكانهم العودة إلى مناصبهم مجدداً واستعادة الحصانة القانونية لهم، فضلاً عن امتيازاتهم، كما لهم الحق في استعادة جميع مرتباتهم وحقوقهم التي يفرضها هذا المنصب وبأثر رجعي.
ويواجه القضاء العراقي اتهامات بالفساد وتلقي الرشى المالية والرضوخ لإرادات الكتل السياسية في البلاد. ويمثّل القرار المتخذ أمس نسفاً لإحدى أهم ورقات الإصلاح التي يتفاخر العبادي بإجرائها في فترة حكمه. وتكلف مناصب النواب الثلاثة وفقاً لتصريحات سابقة لرئيس الحكومة، نحو 30 مليون دولار سنوياً تشمل نفقات المكاتب الثلاثة لنواب الرئيس.


وأصدر العبادي في أغسطس/آب 2015 قرار إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية نوري المالكي وأسامة النجيفي وإياد علاوي، في أول خطواته الإصلاحية لمحاربة الفساد. وصادق الرئيس العراقي فؤاد معصوم على قرار إلغاء هذه المناصب بعد إصداره بنحو ثلاثة أسابيع.
وفي أول ردود الفعل المحلية، هاجم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قرار المحكمة، داعياً أنصاره إلى تظاهرات شعبية أمام بوابة المحكمة بعد انتهاء مراسيم إحياء ذكرى عاشوراء. كما أعلن تأجيل مفاوضات عودته إلى التحالف الوطني الحاكم للبلاد. وقال الصدر في بيان له إن "أموراً عديدة حدثت تكرس الفساد وتحاول إرجاعه، ومنها إبطال المحكمة الاتحادية إقالة نواب رئاسة الجمهورية، وتأخير اختيار وزيرين كفوئين ومستقلين لوزارتي الدفاع والداخلية ومحاولة البعض الاستيلاء عليها، وتعرقل المفاوضات مع ما يسمى التحالف الوطني، وإصرارهم على بعض الأمور الخاطئة". ودعا إلى "تظاهرات شعبية عارمة بعد انتهاء مراسيم عاشوراء أمام المحكمة لإيصال صوت الإصلاح إلى داعمي الفساد".
وقرر الصدر "تأجيل المفاوضات مع التحالف الوطني، بعد شكر لجنة التفاوض على ما قامت به"، داعياً الشعب إلى "الاستعداد لاعتصام ثانٍ مفتوح، ومن دون وعود، في حال لم تقم الحكومة بخطوات جادة لتعيين وزراء مختصين ومستقلين للوزارات الأمنية". وهدد الصدر بـ"وقفة أخرى والعودة إذا تم إرجاع الوزارات المستقيلة والمقالة".
وعقب بيان الصدر كتب نوري المالكي على حسابه على موقع "تويتر" قائلاً: "قرار المحكمة محترم وتصحيح الأخطاء أمر ضروري، ونرفض تهديدات العصابات التي تريد تحريك القضاء والسلطة التنفيذية وفق عقلياتها المنحرفة"، في ما بدا كرد على بيان الصدر.
في غضون ذلك، علمت "العربي الجديد" أن المحكمة ذاتها قررت إلغاء قرار العبادي بإقالة خمسة مسؤولين آخرين بدرجة مدير عام في وزارات الصحة والثقافة والتخطيط والتجارة فضلاً عن المدير العام لهيئة السياحة حمد اليعقوبي، وأمرت بإرجاعهم إلى وظائفهم. ووفقاً لمصادر من داخل المحكمة فإن "القرار القضائي صدر عن مدحت المحمود، رئيس أعلى سلطة قضائية في البلاد وأحد المقربين من نوري المالكي".
وحول هذا الموضوع، توقع أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد محمد عصام الوكيل، أن يؤدي قرار المحكمة إلى مشاكل كبيرة قبيل انطلاق معارك الموصل تعصف بالساحة السياسية في البلاد. وأوضح الوكيل لـ"العربي الجديد" أنه "بغض النظر عن اكتساب المالكي حالياً قوة أكبر مع وجود الحصانة له وعودته لمنصبه ما سيعرقل جهود عرض أوراقه على القضاء، فإن هناك مشاكل كبيرة ستكون حاضرة خصوصاً داخل كتل التحالف وخارجها، إذ إن القضاء نفسه الذي أعاد المالكي لمنصبه رفض إعادة محافظ ديالى عامر المجمعي، وهو ما سيثير غضب الكتل السنية والكردية على حد سواء".

المساهمون