مهرجان برلين... فيلم ألماني طويل بعنوان "معاداة السامية"

مهرجان برلين... فيلم ألماني طويل بعنوان "معاداة السامية"

02 مارس 2024
المخرج الفلسطيني باسل عدرا (يساراً) إلى جانب يوفال إبراهام (ماجا هيتيج/ Getty)
+ الخط -

"مشاهد مخزية وصادمة". "نشاط ضحل ودعاية فظة ومفسدة". "نقطة تدني ثقافية وفكرية وأخلاقية". بهذه العبارات، خرج الإعلام الألماني وسياسيوه بطرق جديدة، لمهاجمة ووصف أي دعم للفلسطينيين في ألمانيا. هذه المرة، تركز الهجوم على مهرجان برلين السينمائي الدولي (برليناله) في دورته الـ74، وذلك بعد فوز فيلم "لا أرض أخرى" للمخرج الفلسطيني باسل العدرا والمخرج الإسرائيلي يوفال إبراهام بجائزة أفضل فيلم وثائقي.

ركّز الإعلام الألماني على أن خطاب الفائزين الذي دعا إلى "وقف إطلاق النار"، وقوبل بالتصفيق الحار، قد تجاهل "إدانة حماس على أفعالها في السابع من أكتوبر". كذلك، انتقد عدم ذكر الفيلم، إلا لوهلة عابرة، لأحداث السابع من أكتوبر.

فيما أوردت صحيفة "بيلد" الألمانية الشهيرة سؤالاً استنكارياً، حاولت من خلاله التلاعب بالرأي العام، وتزوير المعاني حول ما وراء خطابات بعض المشاركين في المهرجان، وكتبت: "التضامن مع رفاقنا؟ من غير الواضح ما إذا كان هذا يعني أيضاً الإرهابيين الذين هاجموا إسرائيل في 7 أكتوبر"، وذلك في إشارة لكلمة المخرج الأميركي بن راسل، الذي ظهر على المسرح مرتدياً كوفية فلسطينية، وقال: "بالطبع، نحن أيضاً نقف من أجل الحياة هنا، ونقف ضد الإبادة الجماعية ومن أجل وقف إطلاق النار، ونتضامن مع كل رفاقنا"، الذي كان واضحاً أنه يقصد فيه زملاءه من المخرجين الفلسطينيين.

كذلك، ركزت صحيفة "دير شبيغل" الألمانية على أنه لم يُشر إلى "جرائم حماس"، وعلى أنه "لم تكن هناك أي ردة فعل من مدير الجلسة حول خطابات الفائزين التي طالبت بوقف إطلاق النار ووقف الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين".

استخدم الإعلام الألماني في أكثر من تقرير وصف "معاداة إسرائيل في برليناله"، "وفضيحة معاداة السامية في برليناله"، وكذلك تناقل سريعاً الاتهامات التي وجهها السياسيون والناشطون الألمان للمهرجان بـ"معاداة السامية".

صرحت نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية، كريستيانه هوفمان، أن المستشار الألماني أولاف شولتز يتفق على أن "مثل هذا الموقف أحادي الجانب لا يمكن السماح له بالاستمرار على ما هو عليه". وأضافت أنه في أي نقاش كهذا يجب أن يؤخذ في الاعتبار "السبب وراء التصعيد الجديد للصراع، وهو الهجوم الذي شنّته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي".

فيما انتقدت السياسية الألمانية دوروثي بار الوزيرة الألمانية للثقافة، وقالت: "تتواصل فضائح معاداة السامية واحدةً تلو الأخرى في عهد وزيرة الثقافة. في البداية، متحف الفن المعاصر، ثم الصمت المدوي للجسم الثقافي بعد 7 أكتوبر 2023، والآن برليناله. من غير المحتمل أن يُستغل أحد أكبر المهرجانات السينمائية في العالم كمهرجان مناهض لإسرائيل في العاصمة الألمانية".

فيما وصفت وزيرة الدولة الألمانية للثقافة، كلاوديا روت، الخطابات بأنها "أحادية الجانب بشكل صادم"، و"تتسم بكراهية عميقة لإسرائيل"، وأعلنت عن إجراء تحقيق.

واعتبرت هيلج ليند، المتحدثة باسم السياسة الثقافية والإعلامية للمجموعة البرلمانية للحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، أن التصفيق القوي وعدم وجود معارضة بين الجمهور أمر "صادم وكاشف". وأضافت أنه كان ينبغي على إدارة المهرجان أن تعلق على التصريحات على المسرح أو تضعها في سياقها. وقالت: "أشعر بالعار من أن الناس في بلدي يحتفلون باتهامات الإبادة الجماعية ضد إسرائيل بدلاً من الالتزام بالحديث عن الإبادة الجماعية الألمانية"، في إشارة منها إلى المحرقة الألمانية ضد اليهود في الحرب العالمية الثانية. وادعت أن ألمانيا تشهد على نحو متزايد "استخدام الحرية الفنية كوسيلة للنشاط الضحل والدعاية الفظة والمفسدة"، وأن ما وصفته بـ"معاداة السامية اليسارية، التي كانت من المحرمات منذ فترة طويلة، تظهر حالياً عواقبها وفعاليتها".

بدوره، وصف مايكل ساشر، الخبير الثقافي في حزب الخضر، الخطاب الذي ألقاه المخرج الفلسطيني باسل العدرا في المهرجان بأنه "أحادي الجانب"، و"يصعب تحمله"، وأضاف: "من غير المقبول، في ظل الوضع الإنساني والسياسي الخطير الحالي، عدم ذكر الهجوم الإرهابي المستهدف والوحشي الذي شنته حماس على أكثر من ألف طفل وامرأة ورجل في إسرائيل، واحتجاز أكثر من 130 رهينة".

كما وصف فولكر بيك من حزب الخضر الألماني ورئيس الجمعية الألمانية الإسرائيلية تصفيق الجمهور لخطابات الفائزين بأنه "نقطة تدنٍّ ثقافية وفكرية وأخلاقية".

أما نائبة زعيم المجموعة البرلمانية لحزب البديل من أجل ألمانيا (يميني متطرف)، بياتريكس فون ستورش؛ فقد ادعت أن "كراهية اليهود متجذرة بقوة في المشهد الثقافي اليساري"، وذلك رغم أن الخطابات في المهرجان لم تأتِ على ذكر اليهود، بل انتقدت الاحتلال إسرائيلي والعدوان على غزة والفصل العنصري الذي يتعرض له الفلسطينيون. وأضافت فون ستورش: "يدور حديث عن انقراض إسرائيل وحضارتنا اليهودية المسيحية"، وطالبت بوقف الدعم المالي الألماني للمشاريع الثقافية اليسارية.

يذكر أن المهرجان تخللته أيضاً شعارات وانتقادات لحزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف. أما ليندا توتيبرغ، من الحزب الديمقراطي الحر، فقد رأت أن ما حدث في حفل توزيع الجوائز "مخز"، ودعت إلى "إيقاف أي فضائح مثل هذه في المستقبل، وليس مجرد التعليق عليها بقلق". وأكدت أن "مسؤولية ألمانيا الخاصة لا تقتصر على تذكر المحرقة، بل تتطلب أن تكون ألمانيا حليفة حقيقية لليهود الأحياء في ألمانيا وإسرائيل". 

ظهرت على حساب المهرجان في إنستغرام صور حملت شعارات " فلسطين حرة - من النهر إلى البحر"، و"أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة"، وحُذفت لاحقًا. بدورهم، أنكر منظمو المهرجان مسؤوليتهم عن هذه المنشورات، وادعوا أن الحساب قد اختُرق. وكتبوا في بيان نشر على موقعهم: "في يوم الأحد الموافق 25 فبراير، اختُرق حساب إنستغرام الخاص بنا لفترة وجيزة، ووُضعت منشورات نصية مصورة معادية للسامية حول حرب الشرق الأوسط، وهذه التصريحات ليست صادرة عن المهرجان ولا تمثل موقف المهرجان. حُذفت المنشورات على الفور وفُتح تحقيق في كيفية وقوع هذا الحادث".

ووجه المهرجان دعوة قضائية ضد أشخاص مجهولين، وبدأت النيابة العامة تحقيقها ضد مجهولين "استخدموا شعارات لمنظمات إرهابية"، بحسب ما ذكرت صحيفة بيلد الألمانية، وذلك في إشارة لشعار "من النهر إلى البحر". وقال منظمو المهرجان في بيانهم، إن "التصريحات أحادية الجانب والناشطة أحياناً التي أدلى بها الفائزون بالجوائز تعبيراً عن آراء شخصية فردية، لا تعكس بأي حال من الأحوال موقف المهرجان". وكانت مارييت ريسنبيك، المديرة التنفيذية لبرليناله، قد أدانت، في خطابها أثناء المهرجان، "عملية طوفان الأقصى"، ودعت إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

المساهمون