عصر المنتج

عصر المنتج

23 يناير 2022
فيلم "الرصاصة لا تزال في جيبي" (يوتيوب)
+ الخط -

هل اختفى المنتج الطموح الواعي الذي يعي من أين تؤكل الكتف؟ لقد مرت السينما المصرية بفترات بزوغ وانكسار، كان العامل المشترك فيها وجود منتج مهموم بصناعة سينما بلاده، مدرك لأهميتها وقوتها الناعمة محلياً وإقليمياً ودولياً.

فمن منا ينسى المنتج الكبير رمسيس نجيب، الذي بدأ مجرد عامل ينظف استوديو مصر، وتدرج إلى ريجسير، واستطاع بطموحه أن يصبح أحد أهم منتجي السينما المصرية، إن لم يكن أهمهم على الإطلاق.

موقف
التحديثات الحية

قدم لنا نجيب وجوهاً سينمائية صارت نجوماً ملء السمع والبصر. ومنهم، الوجه الجديد آنذاك محمود ياسين في رائعة حسين كمال "نحن لا نزرع الشوك"، أمام الكبيرة شادية. وقدمه أمام فاتن حمامة في فيلم "الخيط الرفيع"، وأيضاً أمام نجلاء فتحي في فيلم "أختي".

ونجلاء فتحي نفسها كانت من اكتشافه أيضاً. رمسيس نجيب، هو الذي قدم لبنى عبد العزيز في سلسلة أفلام لا تنسى.

وقدم لنا كذلك حسين فهمي في فيلم "حب وكبرياء"، ومحمود عبد العزيز في أول بطولة سينمائية في فيلم "حتى آخر العمر"، من إخراج المخرج الشاب وقتذاك أشرف فهمي.

أول فيلم عن حرب أكتوبر

وفي رصيده أيضاً أول فيلم عن حرب أكتوبر المجيدة، من تأليف إحسان عبد القدوس، وهو "الرصاصة لا تزال في جيبي"، من إخراج حسام الدين مصطفى، وجمع فيه كل نجوم السينما وقتذاك. سافر إلى إيطاليا وتعاقد مع مصمم معارك حربية لإخراج الجزء الخاص بالمعارك الحربية، واستطاع إقناع المخرج بذلك.

من منا ينسى المنتج جمال الليثي، أحد الضباط الأحرار الذي عشق السينما والثقافة، شأنه في هذا شأن زملائه، حيث أنجبت لنا المؤسسة العسكرية وقتها أسماءً لامعة، سواء في عالم الأدب أو الفن والسينما.

من النماذج مثلاً: يوسف السباعي والمخرج فيما بعد عز الدين ذو الفقار وكذلك أحمد مظهر.

وقف جمال الليثي وراء مجموعة أفلام لا تُنسى، وكان يجيد اختيار الأفيش بلغة أهل المهنة، كما كان له الفضل في اختيار النجوم والنجمات المناسبين للعمل الفني، فكان يبدل ويغير في ترشيحات المخرج ويقنعه فعلاً بما كان يصبّ في مصلحة العمل الفني.

وقد بلغ المنتج الكبير جمال الليثي من الطموح أن يستورد أكبر ماكينة لتحويل الفيلم السينمائي إلى شرائط فيديو، وكان هذا سبقاً هاماً وقتها.

"خلي بالك من زوزو"

لا أحد ينسى المنتج الكبير تاكفور أنطونيان الذي كان يمتلك حساً فطرياً قوياً لنجاح العمل من عدمه. وهنا نذكر عن المنتج أنطونيان الحادثة الآتية التي تؤكد حدسه القوي بمستقبل الفيلم.

فعند اقتراب موعد عرض فيلم "خللي بالك من زوزو"، طلب كل من المخرج حسن الإمام والشاعر صلاح جاهين - وهما شريكان له في الفيلم - الانسحاب من الإنتاج واسترداد مبالغهما المالية، حيث توقعا عدم نجاح الفيلم.

عبثاً حاول أن يثنيهما عن عزمهما، لكن كل محاولاته ذهبت سدىً، وقد كان لهما ما أرادا، لكن الفيلم، على عكس توقعهما، نجح نجاحاً كبيراً، ليؤكد بذلك حدس تاكفور أنطونيان وحسّه الفطري في التنبؤ بنجاح الفيلم.

سنتعرض لكثير من المنتجين الآخرين لاحقاً، لكي نقدم لهم التحية اللازمة، ونذكر في الوقت نفسه بقيمة هؤلاء المنتجين الكبار الذين صنعوا شمس السينما التي ما زالت تشرق علينا.

المساهمون