صحافيون جدد في سجون مصر خلال 2020

سجون مصر khaled desouki/afp
31 ديسمبر 2020
+ الخط -

فجر التاسع عشر من ديسمبر/كانون الأول الجاري، اختفى الصحافي المصري، عامر عبد المنعم، قسريًا بعدما ألقت قوات أمن مصرية القبض عليه من منزله، قبل أن يظهر بعد بضعة أيام بنيابة أمن الدولة المصرية التي قررت حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيق، لاتهامه بـ"نشر أخبار كاذبة ومشاركة جماعة في تحقيق أهدافها".

عبد المنعم صحافي مصري على مشارف الستين من عمره، مريض بالسكري، وكان في فترة نقاهة بعد عملية جراحية لإزالة مياه بيضاء في كلتا عينيه قبل القبض عليه مباشرة. عمل لسنوات طويلة في جريدة "الشعب" المصرية"، لكنه ترك الصحافة قبل عدة سنوات، ورغم ذلك، انضم لكشف طويل يحتوي أسماء عشرات الصحافيين المصريين النقابيين وغير النقابيين، في السجون ومقار الاحتجاز الرسمية، خلال عام 2020 وما سبقه من أعوام منذ صيف عام 2013، وتولي النظام المصري الحالي مقاليد الحكم.

في مصر، جميع المعارضين رهائن محتملين للاعتقال. ومن بينهم الصحافيون الذين كانوا وما زالوا يدفعون أعمارهم أثمانًا لكلمة نطقوا بها. فصحيح أن هذا العام لم يشهد كمًا من القبض على صحافيين وإعلاميين، ربما بسبب انتشار جائحة "كوفيد-19"، لكنه شهد مزيدًا من خنق الحريات الصحافية والإعلامية بشكل عام. حيث بدأ بالقبض على صحافيين ومثقفين ضمن قبضة أمنية شديدة بالتزامن مع الذكرى التاسعة لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وانتهى بسجن عبد المنعم 15 يومًا في اتهامات مكررة، يكاد يكون محبوس بها جميع الصحافيين في السجون.

في مصر، جميع المعارضين رهائن محتملين للاعتقال، ومن بينهم الصحافيون الذين كانوا وما زالوا يدفعون أعمارهم أثمانًا لكلمة نطقوا بها

وبدأ النظام المصري سجن الصحافيين بالقبض على الصحافي محمد العتر يوم 16 فبراير/شباط 2020 من منزله. وأثناء القبض عليه، تم الاستيلاء على جهاز اللابتوب الخاص به، كما تم الاستيلاء على هاتفه الشخصي وهاتف زوجته أيضًا. ولم يظهر العتر في النيابة سوى يوم 17 مارس/آذار 2020 بعد القبض عليه بشهر وإخفائه قسرياً. وتم التحقيق معه بنيابة الهرم بتاريخ 17/3/2020 في القضية رقم 11429 لسنة 2020 جنح الهرم، قبل أن يخلى سبيله في مايو/أيار الماضي.

ثم في الأول من مارس/آذار، ألقي القبض على الصحافي المصري، ومدير مكتب قناة الأقصى في القاهرة، أحمد سبيع، أثناء مشاركته في عزاء المفكر الإسلامي البارز وعضو هيئة كبار العلماء، محمد عمارة. فضلًا عن الصحافي عاطف حسب الله، رئيس تحرير جريدة القرار الدولي، الذي ألقي القبض عليه يوم 18 مارس/آذار الماضي، وتم اخفائه لمدة شهر، إلى أن ظهر في نيابة أمن الدولة العليا اليوم 14 أبريل/نيسان 2020 للتحقيق معه في القضية رقم 558 حصر أمن دولة، حيث تم سؤاله في التحقيق أمام النيابة عن عمله في الجرائد التي عمله بها، وعن منشور كتبه على صفحته الشخصية على فيسبوك تعليقًا على أعداد المصابين في كورونا، وانتقاده للأعداد الرسمية الواردة من الدولة. ووجهت له اتهامات الانضمام لجماعة إرهابية وبث أخبار كاذبة، وأمرت بحبسه 15 يوما على ذمة التحقيق.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

ثم في إبريل/نيسان الماضي، ألقت قوات الأمن المصرية القبض على الصحافي أحمد علام، وقررت نيابة أمن الدولة العليا بالقاهرة، في 28 إبريل حبسه 15 يوماً على ذمة القضية رقم 558 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، بتهمة الانضمام لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون والدستور، ونشر أخبار وبيانات كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.

ويوم 13 إبريل، ألقي القبض على الصحافي والمذيع بقناة "الحياة" ومقدم برنامج مشاكس، خالد غنيم، وتم إخفاؤه لمدة 15 يوم في مقر جهاز الأمن الوطني بمنطقة سموحة بمحافظة الإسكندرية، إلى أن ظهر في نيابة أمن الدولة العليا اليوم 28 إبريل للتحقيق معه في القضية رقم 558 حصر أمن دولة، وتم اتهامه بالانضمام إلى جماعة أسست على خلاف القانون وبث أخبار كاذبة، على إثر نشره لخبر عن وباء الكورونا. ثم في السادس من مايو/أيار 2020، ألقت قوات الأمن المصرية القبض على الصحافي الاقتصادي والناشر، مصطفى صقر، مؤسس شركة "بيزنس نيوز"، بعد اقتحام منزله، وتم اقتياده إلى أحد مقار الأمن الوطني، ومن ثَمَّ تم نقله إلى مقر نيابة أمن الدولة العليا، في اليوم نفسه، التي بدورها حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات، باتهامات ليس لها علاقة بالصحافة والنشر، لكن  "الانضمام إلى جماعة إرهابية".

مصر بين أكبر سجون العالم بحسب المنظمات الصحافية الحقوقية

وفي 13 مايو/أيار 2020، قررت نيابة أمن الدولة المصرية، حبس الصحافي في جريدة "المصري اليوم" هيثم حسن، والصحافي سامح حنين، 15 يومًا على ذمة القضية رقم 586 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، بتهم الانضمام إلى جماعة إرهابية، وتمويل جماعة إرهابية ونشر أخبار وبيانات كاذبة، لكن أفرج عنهما قبل أيام.

كما ألقي القبض على الصحافية المصرية لينا عطا الله، رئيس تحرير موقع "مدى مصر" ظهر 17 مايو/أيار، من محيط سجن طرة أثناء إجرائها مقابلة مع ليلى سويف، والدة الناشط المعتقل والمضرب عن الطعام، علاء عبدالفتاح. لكن أخلي سبيلها بكفالة مالية بعد توجيه اتهام لها بـ"تصوير منشأة عسكرية من دون ترخيص"، وذلك بعد التحقيق معها في القضية رقم 8009 لسنة 2020 جنح المعادي.

أما الصحافي المصري، محمد منير، رئيس تحرير جريدة "الديار"، ونائب رئيس تحرير جريدة "اليوم السابع" سابقًا، فقد وجهت له نيابة أمن الدولة اتهام بـ"مشاركة جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وإساءة إستخدام موقع التواصل الاجتماعي وقررت نيابة أمن الدولة حبسه 15 يومًا علي ذمة التحقيقات في القضية 535 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا، في 15 يونيو/حزيران الماضي. لكنّه توفي نتيجة مضاعفات إصابته بفيروس كورونا عقب أيام معدودة من إخلاء سبيله على ذمة القضية.

توفي الصحافي محمد منير عقب أيام معدودة من إخلاء سبيله بعد إصابته بكورونا خلال سجنه

وفي 24 يونيو/حزيران 2020، ألقت قوات الأمن المصرية القبض على الصحافية نورا يونس، رئيسة تحرير "المنصة"، بعد مداهمة المقر وتفتيش أجهزة الكمبيوتر الموجودة فيه، وأخلي سبيلها بكفالة مالية بعد يوم. كما ألقي القبض على الصحافي المصري عوني نافع، في يونيو/حزيران الماضي، وأدرج على ذمة القضية رقم 558 لسنة 2020، بعد القبض عليه ضمن المصريين العالقين بالسعودية الذين ناشدوا السلطات المصرية إعادتهم إلى وطنهم في جائحة كورونا، وانتقدوا تخليها عنهم مع بداية الأزمة، في الوقت الذي كانت الدول تعيد فيه رعايا دول إلى أوطانهم.

ثم في 15 أغسطس/آب الماضي، ألقت قوات الأمن المصرية، القبض على الصحافي المصري، محمد عيسوي، وقررت النيابة حبسه 15 يومًا، بعد التحقيق معه ومواجهته بالبث المباشر لصالح قناة الجزيرة القطرية، بينما هو يعمل في موقع "القاهرة 24" الإخباري الخاص. وأفرج عنه لاحقًا.

وفي التاسع من سبتمبر/أيلول الماضي، ألقت قوات الأمن المصرية، القبض على الصحافي المصري بموقع "درب" الإخباري، وعضو نقابة الصحافيين، إسلام الكلحي، أثناء تغطيته جنازة الشاب الذي لقي مصرعه على يد أمين شرطة بقسم شرطة المنيب في الجيزة.

وفي الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ألقت قوات الأمن المصرية، القبض على الصحافية المصرية بموقع "المنصة" بسمة مصطفى، أثناء تأدية عملها في محافظة الأقصر، حيث كانت تعد تقريرًا حول مقتل المواطن المصري عويس الراوي، قبل أن يخلى سبيلها لاحقًا على ذمة قضية. وفي الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أفرج عن المصور الصحافي، محمد الراعي، من مقر الأمن الوطني بشبرا الخيمة بالقاهرة، حيث جرى التحقيق معه بشأن طبيعة عمله الصحافي والأماكن التي عمل لصالحها.

يقبع في مصر 30 صحافياً في السجون بحسب "مراسلون بلا حدود"

لم تقف السلطات المصرية عند إضافة صحافيين جدد للسجون المصرية، بل إنها أعادت تدوير صحافيين أنهوا مدة حبسهم الاحتياطي، في قضايا أخرى، مثلما حدث مع الصحافي المصري معتز ودنان الذي أنهى عامه الثاني في الحبس الاحتياطي على ذمة التحقيق في القضية رقم 441 لسنة 2018 أمن دولة والمتهم فيها بالانضمام لجماعة أسست على خلاف القانون ونشر أخبار كاذبة في 21 فبراير/شباط الماضي. لكن بعد 48 ساعة من إخلاء سبيله على ذمة القضية 441 لسنة 2018، فوجئ بتدويره على ذمة قضية جديدة وهي القضية رقم 1898 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا باتهام الترويج لارتكاب أعمال إرهابية.

إعلام وحريات
التحديثات الحية

ومصر هي بين أكبر سجون العالم، بحسب إحصاءات المنظمات الحقوقية وبينها "مراسلون بلا حدود" و"لجنة حماية الصحافيين" اللتان أصدرتا تقاريرهما السنوية حول الصحافيين القتلى والرهائن في ديسمبر/كانون الأول الحالي. وكشفت "مراسلون بلا حدود" أنّه يقبع في مصر 30 صحافياً في السجون، بينما "تتنافس" مع السعودية وسورية على "زعامة الشرق الأوسط في السجل المخزي" المتعلق بانتهاك حقوق الصحافيين.

عام 2012 لم يكن هناك صحافي مسجون في مصر بسبب عمله، ولكن منذ 2013 حتى الآن أصبحت مصر واحدة من الدول العشر الأولى من حيث  سجن الصحافيين

وقالت المنظمة في تقريرها السنوي حول الصحافيين المحتجزين والرهائن، إنّه "في مصر، بينما لم يتم الإفراج عن معظم الصحافيين الذين طاولتهم موجة الاعتقالات في سبتمبر/أيلول 2019، التحق بهم في الاحتجاز زملاء آخرون، حيث تلجأ السلطات دائماً إلى ذريعة "الانتماء إلى جماعة إرهابية" و"نشر أخبار كاذبة" من أجل الزج بالصحافيين في السجون أو إبقائهم خلف القضبان".

عام 2012 لم يكن هناك صحافي مسجون في مصر بسبب عمله، ولكن منذ 2013 حتى الآن أصبحت مصر واحدة من الدول العشر الأولى من حيث  سجن الصحافيين

وأشارت "لجنة حماية الصحافيين" إلى تركيز مصر على استغلال الحبس الاحتياطي وظاهرة التدوير لإبقاء الصحافيين مسجونين خلف القضبان بقضايا جديدة حتى بعد أن تصدر أحكام بالإفراج عنهم في القضايا الأصلية التي احتجزوا بسببها.
وقال منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة، شريف منصور، في حديث سابق لـ"العربي الجديد"، عن مستوى تدهور حرية الصحافة في مصر: "في عام 2012 لم يكن هناك صحافي مسجون في مصر بسبب عمله، ولكن منذ 2013 حتى الآن أصبحت مصر واحدة من الدول العشر الأولى من حيث  سجن الصحافيين، ومنذ عام  2015 من الدول الخمس الأولى في العالم".

المساهمون