العدوان على غزة: صحافة إسرائيل بالبزة العسكرية

العدوان على غزة: صحافة إسرائيل بالبزة العسكرية

22 مايو 2021
ما بعد العدوان (فرانس برس)
+ الخط -

كما لو كان يتلو بياناً عسكرياً، وقف شارون غال، أحد مقدمي البرامج الحوارية في قناة "13" الإسرائيلية، ليلة الثلاثاء - الأربعاء في الاستوديو، ووجّه حديثه للفلسطينيين مباشرة في غزة، بلغة عربيّة مكسرة، مهدداً بأنه "في حال لم يطردوا "حماس" من الحكم فإنّ معاناتهم فقط ستتعاظم". أما كوبي فنلكر، المراسل العسكري لقناة "20" الإسرائيلية، فقد بدأ تعليقه صباح الأربعاء حول مجريات الحرب على غزة بأن تمنى "موتاً جماعياً للعرب"، وليس فقط الفلسطينيين.  
ما أقدم عليه غال وفنلكر يبرز فقط بعض مظاهر الفاشية وطغيان غياب المهنية في تغطية الإعلام الصهيوني لمجريات الحرب على غزة؛ ويشي بعمق تماهي الصحافيين في تل أبيب مع توجهات الجيش والحكومة الإسرائيليين، ومزاودتهم على الجنرالات وساسة اليمين في الدعوة لأعمال القتل وإشاعة التدمير في القطاع. 
تحولت استديوهات القنوات والإذاعات الإسرائيلية تحديدًا إلى منصات للتحريض الفظ والمباشر على أعمال القتل والتدمير. فلقد كانت الصحافة الإسرائيلية دوماً تحرص على تبني الرواية الرسمية، في كل ما يتعلق بـ"الصراع" مع الشعب الفلسطيني، وتستنفر بشكل خاصّ لتسويق هذه الرواية في الحروب والمواجهات مع المقاومة، فتكون جزءاً من البروباغندا للاحتلال؛ إلا أنّ سلوك هذه الصحافة خلال الحرب المتواصلة ضد قطاع غزة حالياً تجاوز كل السوابق التي حطّمها المعلّقون والمراسلون الإسرائيليون في التحريض على ارتكاب جرائم ضدّ الفلسطينيين. 
فعند بدء الحرب على غزة، لم يتردد بن كاسبيت، وهو أحد كبار المعلّقين، بينما كان يُعلن عن الشروع في شن الغارات على غزة، في البرنامج الحواري الذي يقدمه في إذاعة "103 إف أم" بمشاركة الصحافي يونان مجال، في الدعوة إلى تكثيف القصف ليشمل كل مناطق غزة، حيث استخدم عبارات نابية في ذم الفلسطينيين. أما روني دانئيل، المعلّق العسكري في قناة "12"، الأكثر شعبية في إسرائيل، فقد دافع عن قيام المستوطنين اليهود في المدن المختلطة التي يقطنها الفلسطينيون واليهود بالتزود بالسلاح و"عدم التردد في إطلاق النار على المتظاهرين العرب بحجة الدفاع عن النفس". 
ولم يقتصر التحريض على القتل على مقدمي البرامج ومراسلي التلفزة ومعلقيها، بل تجاوزها إلى المحللين الذين تتم استضافتهم للتعليق على مجريات الحرب. فقد ضاق روني ياهف، الذي عمل مستشاراً إعلامياً لعدد من رؤساء الوزراء السابقين من احتجاج قادة الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي الأميركي على جرائم الحرب الإسرائيلية، فتمنى خلال مشاركته في برنامج عرضته قناة "12" أن تسقط صواريخ "حماس" على رأس النائبة في الكونغرس إلهان عمر، وهي التي أعلنت تضامنها مع الشعب الفلسطيني. 

إعلام وحريات
التحديثات الحية

إلى جانب ذلك، فقد خلت تغطية المراسلين وقراءة المعلّقين لتطورات الحرب والأحداث في القدس والمواجهات بين فلسطينيي الداخل المحتل وأعضاء التنظيمات الإرهابية اليهودية، من أي منحى نقدي. فلم يتردد عميت سيغل، المعلق في قناة "12" من مهاجمة مفتش عام شرطة الاحتلال كوبي شفتاي، عندما حمّل النائب إيتمار بن غفير، زعيم الحركة الكهانية الإرهابية المسؤولية عن إشعال الأوضاع في القدس، مما قاد إلى الحرب على غزة. 
ولكي يدلل الكاتب الإسرائيلي يوسي جوربتش على دور غياب النقد للرواية الرسمية لدى وسائل الإعلام في إشاعة التضليل وطمس الحقائق، أشار إلى أنّ تبني الصحافة في تل أبيب لمزاعم الجيش بأن حركة "حماس" تطلق الصواريخ من المناطق المأهولة يتناقض مع الحقائق العلمية. وفي تغريدة على حسابه على تويتر، لفت جوربتش إلى أن إطلاق الصواريخ من بيت أو عمارة سيؤدي حتماً إلى تدمير هذا المنزل أو المبنى، مشدداً على أنّ الإعلاميين يعون أن هذه الصواريخ تطلق من أماكن مفتوحة أو من حفر خاصة. 
في المقابل، فإنّ القلة من المعلقين والمراسلين الذين تجرأوا على توجيه النقد للرواية الرسمية وأثاروا التساؤلات حولها، فقد تعرضوا للتهديد بالقتل من قبل مؤيدي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. فقد اضطرت الشرطة الإسرائيلية إلى توفير حماية إلى مقدمات البرامج في القناة "12" رينا متسليح، يونيت ليفي، ودانا فايس، وزميلهن شاي بيلغ، بعد أن تلقوا تهديدات بالقتل بسبب خطهم النقدي في التغطية. 

المساهمون