الشرائط المصورة وسيلة للكفاح من أجل حقوق الإنسان في فنزويلا

الشرائط المصورة وسيلة للكفاح من أجل حقوق الإنسان في فنزويلا

01 يناير 2024
تظهر رسومات لوكاس غارسيا باريس عنف قوات الأمن في فنزويلا (فيديريكو بارا/ فرانس برس)
+ الخط -

باتت الشرائط المصوّرة وسيلة في فنزويلا لإثارة الانتهاكات المتعددة لحقوق الإنسان والإضاءة عليها، من خلال ريشة الرسّام لوكاس غارسيا باريس، لكن لا سوبرمان هنا وما من بطل خارق ليهب لإنقاذ الضحايا أو يضمن نهاية سعيدة.

في ثلاث من رسمات سلسلة "الطريق إلى العدالة"، تمثّل حذاء يكسر الباب، وأماً وطفلاً يصرخان، وجندياً بجمجمة تحت خوذته، يلخص لوكاس غارسيا باريس (50 عاما) عنف قوات الأمن في فنزويلا.

تواجه فنزويلا اتهامات خطيرة بانتهاكات لحقوق الإنسان، من أبرزها التعذيب وعمليات الإعدام من دون أحكام قضائية، وفتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا في القمع الذي حدث عام 2017 والذي خلف أكثر من مائة قتيل.

تنفي سلطة الرئيس نيكولاس مادورو، المرشح المحتمل لولاية ثالثة عام 2024، هذه الاتهامات، مؤكدة أن المذنبين بالانتهاكات يعاقبون.

يقول غارسيا باريس: "لو أخبرتني قبل عشر سنوات أننا سنتعامل مع المواضيع الرئيسية لما يحدث في البلاد من خلال الشرائط المصورة، لم أكن لأصدق ذلك".

تتناول أعماله الانتهاكات الحالية أو الأخيرة، ولكن أيضا قضايا قديمة أثارت صدمة في البلاد مثل مذبحة "إل أمبارو" التي وقعت عام 1988 في بلدة صغيرة على الحدود مع كولومبيا.

عندما قام جنود وشرطيون آنذاك بقتل 14 صيادا ظنوا أنهم من "المسلحين". الغلاف لهذا المجلّد كان بالأبيض والأسود، وملطخاً بقطرات دم. ولا يزال الناجيان الوحيدان من هذه المجزرة يطالبان بإحقاق العدالة في قضية لم يُحاكَم فيها أي شخص على الإطلاق.

الالتفاف على الرقابة

وللكاريكاتير السياسي حضور قديم في فنزويلا، ومن أبرز أرباب هذا الفن بيدرو ليون زاباتا (1829-2016) ورايما المشهوران في كل أنحاء أميركا اللاتينية. لكن الشرائط المصورة هي مجال غير مستكشف كثيرا.

يقول غارسيا باريس: "لم تكن هناك قصص مصورة عن الأبطال الخارقين أو روايات الخيال المصور الرائعة".

نشأت شرائطه المصورة الأولى نتيجة تعاون مع إحدى منظمات حقوق الإنسان التي سعت إلى الوصول إلى جمهور أوسع، متبعة القول المأثور بأن الصورة تساوي ألف كلمة.

بدأ تصميم سلسلة "رسوم مصورة للتمرد" عام 2017، عندما تم قمع موجة من التظاهرات ضد سلطة تشافيز بالقوة.

ويقول مارينو ألفارادو، مدير هذه المنظمة التي تحمل اسم "بروفيا" (برنامج العمل الفنزويلي للتثقيف في مجال حقوق الإنسان)، إن السؤال كان "كيف نفسر ما يحدث بطريقة أبسط وأسهل".

وأكد أن الهدف من هذه الشرائط المصورة المجانية هو الالتفاف على جو "الرقابة" الخانق الذي تندد به نقابة الصحافة.

"أكثر تعاطفا"

ومع أن هذا النجاح لم يكن كبيراً، لكنه أتاح حصول تعاون جديد.

ويلخّص "الطريق الى العدالة" تقارير التحقيق التي أجراها مدّعو المحكمة الجنائية الدولية. "ما يقال لا يُنسى"، مقتبس من كتاب يحمل الاسم نفسه، ويروي قضايا كبرى وشهادات رمزية منذ التسعينيات.

تعاون غارسيا باريس أيضا مع منظمات أخرى لحقوق الإنسان مثل منظمة رياسين، وقد نشر في الآونة الأخيرة كتابا خاصا به بعنوان "الموضوع. مذكرات مصورة عن حقوق الإنسان".

يتذكر المؤلف أنه عندما اضطر إلى الهجرة موقتا إلى إسبانيا عام 2012، في بداية الأزمة السياسية والاقتصادية، تبرع بكل كتبه، باستثناء قصصه المصورة التي كان يحفظها بعناية منذ مراهقته. ويضيف: "كنت أكتب لكنني الآن لم أعد أفعل، لأنني أدركت أن ما أحبه هو تأليف الشرائط المصورة".

يرى غارسيا باريس أن "مفهومه" لحقوق الإنسان "تطور" من خلال التواصل مع منظمات غير حكومية وضحايا. ويوضح قائلا: "تصبح أكثر تعاطفاً (...) ما يحدث للآخرين يبدأ بالفعل بإيذائك" معربا عن أمله في أن يشهد قراؤه التحول نفسه.

ويقول: "يميل الناس إلى اعتبار (قضية حقوق الإنسان) مشكلة تنشأ في مكان آخر وتؤثر فقط على الآخرين"، مضيفا: "في حين أنه بالواقع، ما يحصل للآخرين يحصل لك".

(فرانس برس)

 

 

المساهمون