أنجز الإعلامي والمنتج الجزائري، مراد أوعباس، وثائقياً تاريخياً بعنوان "444...الوساطة الجزائرية"، يتناول تفاصيل وأسرار الوساطة الجزائرية في حل أزمة الرهائن الأميركيين المحتجزين في السفارة الأميركية في طهران.
والعدد 444 في عنوان الوثائقي يشير إلى أن الأزمة استعصت على الحل حتى مضي 444 يوماً، بين 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1979 والإفراج عن الرهائن في 20 يناير/كانون الثاني 1981.
ويسلط الوثائقي الضوء على الدور المتقدم الذي لعبته الجزائر خلال أزمة الرهائن، إذ كان وزير الخارجية الجزائري الراحل، محمد الصديق بن يحيى، وفريق من الدبلوماسيين على غرار رضا مالك ومحمد صغير مصطفاي، قد نجح في حل تلك الأزمة الحادة بين طهران وواشنطن، وتحرير الرهائن الأميركيين.
ويكشف "444...الوساطة الجزائرية"، الذي يتحدث فيه عدد من الدبلوماسيين والمسؤولين في الدول الثلاث كانوا على صلة بالملف، وقائع الوساطة والظروف السياسية المحيطة بالأزمة.
ويظهر في الوثائقي عدد من الرهائن الذين قدّموا شهادات حية، بينهم الدبلوماسي الأميركي، جون ليمبرت، الذي عاش تلك التجربة بكل تفاصيلها.
كما يعرض العمل شهادات نادرة وحصرية لسياسيين ودبلوماسيين عملوا في إدارة الرئيس الأسبق، جيمي كارتر، أبرزهم آخر أعضاء مجلس الأمن القومي الأميركي، قاري سيك، والمختص في الملف الإيراني نائب السفير الأميركي في الجزائر في تلك الفترة، كريستوفر روس، وكبير المستشارين في الخارجية الأميركية الذي تابع الملف، مارك فيلدمان.
ومن الجانب الإيراني يظهر في الوثائقي نائب رئيس مجلس الوزراء والوزير الإيراني المفاوض في أزمة الرهائن، بهزاد نبوي، وأحد أبرز الطلبة الذين خططوا ونفذوا عملية اقتحام السفارة الأميركية في طهران يوم الرابع نوفمبر/تشرين 1979، عباس عبدي.
وفي 19 يناير/كانون الثاني 1981 أعلن عن التوقيع في مطار الجزائر على اتفاق أميركي إيراني بوساطة جزائرية قادها وزير الخارجية الجزائري، محمد الصديق بن يحيى، يقضي بتسليم السلطات الإيرانية، التي مثّلها في المفاوضات نائب رئيس الوزراء بهراز نبوي، الدبلوماسيين الأميركيين المحتجزين إلى الجانب الجزائري، لنقلهم على متن طائرة الخطوط الجوية الجزائرية، حيث تسلمهم وارن كريستوفر في 20 يناير/ كانون الثاني 1981.
وتضمن "بيان الجزائر" الإفراج عن الدبلوماسيين مقابل التزام أميركي برد أموال إيرانية كانت موجودة في البنوك الأميركية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لإيران، من دون الاستجابة لمطلب إعادة الشاه إلى إيران لمحاكمته.
444 بين أميركا وإيران والجزائر
أكد أوعباس أن تصوير جزء من هذا الوثائقي جرى في الولايات المتحدة الأميركية، في كل من نيويورك والعاصمة واشنطن، كما صُوّر في طهران والجزائر.
وأوضح أن "444...الوساطة الجزائرية" هو عن كيف تدخلت الدبلوماسية الجزائرية بطلب من أحد طرفي النزاع، وهو إيران، في الوقت الذي فقد فيه الأميركيون الأمل في تحرير الرهائن، وانصرف تفكيرهم للانتقال إلى استعمال القوة مجدداً.
وأضاف أوعباس أن"تمسك الدبلوماسيين الجزائريين بمجموعة من القيم الأخلاقية والأعراف الدبلوماسية، خاصة ما يتعلق بالإبقاء على سرية اللقاءات، يعطي فكرة على جهد دبلوماسي احترافي وقدرة في التعامل مع الأزمات الإقليمية والدولية".
وجاءت فكرة إنجاز هذا الفيلم الوثائقي الذي استغرق أكثر من ستة أشهر، بحسب أوعباس، من نشر أحد الرهائن، وهو السفير جون ليمبرت، في كل سنة عندما تحل ذكرى تحرير الدبلوماسيين الأميركيين من السفارة في طهران، لفيديو يوجه من خلاله شكره للحكومة الجزائرية ودبلوماسيتها التي تمكّنت من إيجاد حل لفك تلك الأزمة المعقدة.
وأوضح "هذا ما دفعني إلى استثمار الفكرة والبدء في إنجاز الفيلم، خاصة أن بعض المواد والأفلام الوثائقية التي أُنتجت حول الأزمة، وهي كثيرة، لا تعطي الدور الجزائري حقه".
ويطمح منتج الفيلم الوثائقي إلى تقديم عرض شرفي بمناسبة الذكرى السنوية لتحرير الرهائن الأميركيين التي تصادف يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل، ويتطلع إلى عرض شرفي آخر بالعاصمة الأميركية واشنطن، ويسعى إلى عرضه في شبكات ومنصات أميركية.