السياسيون الأوروبيون ينضمون إلى "تيك توك" رغم التحذيرات الأمنية

السياسيون الأوروبيون ينضمون إلى "تيك توك" رغم التحذيرات الأمنية

08 ابريل 2024
منعت دول أوروبية عدة استخدام "تيك توك" على الأجهزة الحكومية (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- على الرغم من المخاوف الأمنية والتحذيرات بشأن تسريب البيانات للحكومة الصينية، اعتمد سياسيون أوروبيون على تيك توك لجذب الناخبين الشباب وزيادة شعبيتهم، مثل سيمون هاريس، رئيس وزراء أيرلندا.
- تيك توك واجه انتقادات من وكالات أمنية وحظر في بعض الدول الأوروبية بسبب مخاوف التجسس لصالح الصين، لكنه دافع عن نفسه بإنشاء مركز بيانات في دبلن للمستخدمين الأوروبيين.
- السياسيون الأوروبيون يستخدمون تيك توك بشكل متزايد للتواصل مع الشباب قبل الانتخابات، مع القلق من فقدان النفوذ للأحزاب المتطرفة التي تستغل المنصة بفعالية، مما يعكس تغير الاستراتيجيات السياسية للعصر الرقمي.

على الرغم من التحذيرات الأمنية المتتالية والتهديد بالحظر في دول غربية عدة، إلّا أنّ شعبية تطبيق تيك توك الجارفة، أجبرت العديد من السياسيين الأوروبيين على الانضمام إليه، بحسب وكالة رويترز.

بعدما صار رئيس وزراء أيرلندا المنتظر في مارس/ آذار الماضي، لجأ سيمون هاريس إلى "تيك توك" منصته المفضلة للتعبير عن نفسه والتواصل مع الجمهور. في مقطع فيديو كتب عليه بخط أصفر "شكراً لكم"، توجّه هاريس إلى متابعيه البالغ عددهم 95 ألفاً، متحدثاً عن رحلة صعوده من "مراهق متقلب المزاج" يشعر بالقلق من نقص المساعدة التعليمية لأخيه المصاب بالتوحد، إلى الرجل الذي سيصير أصغر رئيس وزراء في تاريخ أيرلندا.

وهاريس في طليعة السياسيين الأوروبيين الذين انضموا إلى منصة التواصل الاجتماعي المملوكة للصين، رغبةً في التواصل مع الناخبين الشباب، بالرغم من المخاوف الأمنية، والتي تتمحور حول إمكانية أن تصل بيانات مستخدمي التطبيق المملوك إلى شركة بايتدانس، ومقرها بكين، إلى أيدي الحكومة الصينية.

على سبيل المثال، حذرت وكالات الأمن الألمانية من استخدام التطبيق بسبب مخاوف من إمكانية مشاركة البيانات مع الحكومة الصينية أو استعماله للتأثير على المستخدمين. فيما يريد المشرعون في الولايات المتحدة إجبار مالكها الصيني على بيع المنصة أو حظرها من متاجر التطبيقات. كما عبّر الرئيس الأميركي جو بايدن عن مخاوفه من التطبيق خلال لقائه مع الرئيس الصيني شيجين بينغ مؤخراً.

من جهتها، رأت إدارة "تيك توك" أنّ التحذيرات الأمنية غير مبررة، وأكّدت مراراً أنها لا تجمع معلومات أكثر من التطبيقات الأخرى. وفي محاولة لتهدئة المخاوف، أطلقت موقعاً لتخزين بيانات المستخدمين الأوروبيين في دبلن العام الماضي، واستأجرت شركة أمنية تابعة لجهة خارجية لمراقبة تدفقات البيانات. كذلك، نفت الشركة الأم بيتدانس استخدام منتجها للتجسس، ونفت الحكومة الصينية بدورها، أن يكون لها أي علاقة بالتطبيق.

ومع اقتراب الانتخابات الأوروبية في يونيو/ حزيران المقبل، تشعر الأحزاب السياسية المسيطرة بالقلق من خسارة ساحة "تيك توك" لمصلحة الأحزاب المتطرفة التي نجحت في استغلال المنصة لجذب الناخبين.

سوشيال ميديا
التحديثات الحية

4 ملايين متابع لماكرون على "تيك توك"

كان هاريس (37 عاماً) من أوائل السياسيين الذين انضموا إلى "تيك توك" في مارس 2021، حيث أنتج العديد من مقاطع فيديو، تنوّعت بين الشخصي والسياسي. وهو الحال نفسه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي فعّل حسابه على المنصة في عام 2020، وصار يملك اليوم أكثر من 4 ملايين متابع. كذلك، انفتح السياسيون الألمان مؤخراً على التطبيق، وصار وزير الصحة كارل لوترباخ في مارس الماضي أوّل وزير في البلاد يفتح حساباً على "تيك توك"، وقال آنذاك: "الثورة على تيك توك تبدأ اليوم. لا يمكننا أن نترك وسائل التواصل الاجتماعي لحزب البديل من أجل ألمانيا"، وهو حزب يميني متطرف، صار اليوم ثاني أكثر الأحزاب شعبية في البلاد.

وانضم المستشار الألماني أولاف شولتز إلى لوترباخ، الاثنين، بعد أن أطلق حسابه الخاص على "تيك توك"، وعلّق مازحاً على ذلك عبر منصة إكس بالقول: "لن أرقص. هذا وعد"، وكتب في التعليق المرافق لأوّل مقاطعه على "تيك توك": "نحن فوجئنا مثلك تماماً! نعم، المستشار موجود بالفعل على تيك توك الآن".

ولطالما كان لكبار وزراء ألمانيا حضور قوي على وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، إذ يمتلك كل من شولتز، ووزير المالية، ووزير الاقتصاد، ووزير الخارجية حسابات على منصة إنستغرام. فيما يحفّز الانضمام إلى "تيك توك" مؤخراً الحاجة للوصول إلى الناخبين الشباب، خاصةً أنّه يمكن للأطفال البالغين من العمر 16 عاماً في ألمانيا التصويت في الانتخابات الأوروبية التي تقام في يونيو المقبل.

ذعرٌ بين الأحزاب التقليدية

من بين الأحزاب الألمانية، يهيمن حزب البديل من أجل ألمانيا على تطبيق تيك توك، إذ يملك حسابه 411 ألف متابع، في حين يملك مرشحه الرئيسي ماكسيميليان كراه 41 ألف متابع. قال المستشار السياسي يوهانس هيلييه: "جميع الأحزاب الديمقراطية الأخرى تشعر بالذعر في الوقت الحالي لعدم ترك هذا التطبيق المهم وكذلك المواطنين والناخبين الشباب بيد هذا الحزب المتطرف".

في أحد مقاطع الفيديو، يشجع كراه تلاميذ المدارس على مواجهة المعلمين اليساريين، ويقدم نصائح المواعدة للشباب، ويطلب منهم عدم مشاهدة الأفلام الإباحية أو التصويت لمصلحة حزب الخضر، قائلاً: "الرجال الحقيقيون هم يمينيون، والرجال الحقيقيون لديهم مُثُل، والرجال الحقيقيون هم وطنيون".

ويجد السياسيون الآخرون الذين يريدون استعمال التطبيق أنفسهم معضلة لأنهم متردّدون حيال "استخدام منصة تابعة لدولة استبدادية". قال لوترباخ إنه يمكن أن يكون لديه تحفظات بشأن "تيك توك" مع الاعتراف بفعاليته، مضيفاً: "لا أعطي المنصة أي شرعية باستخدامها"، كما أكّد أنّه اشترى هاتفاً منفصلاً لاستخدام التطبيق بهدف "منع تسرب البيانات".

كذلك، يرى فريق ماكرون أن فائدة "تيك توك" والحاجة إلى تنظيمه قضيتان منفصلتان، وقال أحد مستشاريه طالباً عدم نشر اسمه لـ"رويترز": "لا يمكننا تجاهل السكان، فالغالبية العظمى منهم لا يشاهدون الأخبار التلفزيونية ولا يقرؤون الصحف".

وعلى الرغم من أن بريطانيا والنمسا حظرتا على الموظفين الحكوميين استخدام "تيك توك" العام الماضي، صار تجاهل التطبيق أصعب، إذ وجد تقرير صادر عن معهد رويترز لدراسة الصحافة العام الماضي، تراجعاً في ثقة الناس بوسائل الإعلام التقليدية مع تحول قسمٍ منهم إلى "تيك توك" للحصول على الأخبار، خاصة الشباب، إذ يستخدمه اليوم 20% من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً للحصول على الأخبار.

وفي بريطانيا، صار وزير الدفاع غرانت شابس أحد أبرز السياسيين الذين يتمتعون بحضور كبير على المنصة، حتّى عندما أعلن حظر استخدام "تيك توك" على الأجهزة الحكومية، ردّ شابس بنشر مقطع من فيلم "وولف أوف وول ستريت"، تظهر فيه شخصية جوردان بيلفورت، التي لعبها ليوناردو دي كابريو، وهي تقول: "لن أغادر"، أضاف شابس أنه لم يستخدم "تيك توك" مطلقاً على أجهزة الهاتف الحكومية، معتبراً أن الحظر كان منطقياً.

بدورها، منعت بلجيكا الوزراء وموظفي الخدمة المدنية من تثبيت التطبيق على أجهزتهم الرسمية، لكن السياسيين يتجاوزون ذلك من خلال استخدامه على أجهزة منفصلة. فيما نشر سياسيو حزب الخضر المشارك في الحكومة الألمانية، مقاطع فيديو على "تيك توك" بأجهزة متصلة بشبكة الإنترنت الخلوية حصراً، ولا تحتوي على تطبيقات أخرى.

وقال متحدث باسم حزب الخضر لوكالة رويترز: "السبب الآخر لوجودنا على تيك توك هو أننا لا نريد ترك المجال لأقصى اليسار أو اليمين المتطرف"، مضيفاً: "يحصل الشباب على الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي وتيك توك هي واحدة من أكبر المنصات. بعض السياسيين مرتاحون لذلك، في حين ما يزال بعضهم الآخر متشككين في الأمر".

المساهمون