وليد دقة... كل هذا التحريض الإلكتروني

وليد دقة... كل هذا التحريض الإلكتروني

08 ابريل 2024
من وقفة للمطالبة بإطلاق سراح وليد دقة في واشنطن عام 2023 (جلال غونس/ الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- وليد دقة، أسير فلسطيني، استشهد بعد 38 عامًا من الأسر وتعرضه لجرائم طبية بمستشفى آساف هروفيه، تاركًا إرثًا وطنيًا وفكريًا، وقد واجه سياسات التعذيب والتنكيل.
- تعرض دقة لحملة تحريض إلكتروني شرسة، حيث جندت إسرائيل مئات الحسابات للتحريض ضده، ورغم انتهاء محكوميته، تم تمديد اعتقاله تعسفيًا، مع رصد أكثر من 85 منشورًا تحريضيًا ضده.
- السياسة الإسرائيلية المتواصلة في التحريض ضد الفلسطينيين والأسرى تجلت في تجاهل مواقع التواصل للمحتوى العبري الضار، مع كشف "حملة" عن ارتفاع في خطاب الكراهية والتحريض باللغة العبرية، مما يعكس استمرارية السياسات الإسرائيلية لإقصاء الفلسطينيين.

بعد 38 عاماً في الأسر، استُشهد الأسير الفلسطيني وليد دقة في مستشفى آساف هروفيه، في فلسطين المحتلة. وقد أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية ونادي الأسير الفلسطيني في بيان صحافي، أن استشهاد الأسير وليد دقة جاء بعد سلسلة من الجرائم الطبية التي نفّذها الاحتلال بحقه، هادفًا إلى قتله. 
وجاء في البيان: "إننا ننعى قائدًا وطنيًا، ومفكرًا صلبًا أمضى حياته من أجل قضيته الأولى فلسطين، وترك إرثًا وطنيًا وفكريًا خاصًا حمل هويته. وواجه دقة سياسات التعذيب والتنكيل والحرمان والعزل، بالإضافة إلى الجرائم الطبية المتتالية (عملية القتل البطيء) إلى أن أُعلن عن استشهاده اليوم (أول من أمس الأحد)".
لن نتحدّث هنا عن سيرة وليد دقة النضالية الطويلة، ولا عن أحلامه أو عائلته أو زواجه وولادة ابنته ميلاد، وغيرها من التفاصيل التي تجعل من حياة الشهيد، مسلسلاً طويلاً من النضال. بل سنسلّط الضوء على حملة التحريض الإلكتروني التي طاولته منذ سنوات، وجنّدت لها إسرائيل مئات الحسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

85 منشوراً تحريضياً على وليد دقة

في شهر مايو/أيار 2023، وبعد انقضاء المهلة الفعلية لمحكوميته، لم يفرج الاحتلال عن وليد دقة بل بقي معتقلاً بشكل تعسُّفي، إثر إضافة سنتين إلى حكمه في عام 2018، بدعوى محاولته مساعدة الأسرى على الاتصال بعائلاتهم. في تلك الفترة، برزت باللغتين العبرية والإنكليزية تغريدات ومنشورات تحرّض بشكل منسق ومباشر ضده.
ورصد مركز صدى سوشال للحقوق الرقمية أكثر من 85 منشورا تحريضيا ضده عبر منصة إكس، نصت على عبارات كراهية مثل "دعوه يتعفن في السجن، أتمنى أن يموت وهو يتألم"، و"دعوه يتعفن ويعاني الأسوأ"، و"لنأمل جميعاً أن يعاني وليد دقة بشكل شديد من السرطان حتى وفاته المنتظرة"، و"الموت البطيء والمؤلم خلف القضبان لا يزال أكثر رحمة مما يستحق هذا الحيوان". وجاءت هذه المنشورات في سياق تحريض متواصل تمارسه الحكومة الإسرائيلية والمستوطنون والجيش تجاه الفلسطينيين، وتحديداً الأسرى، في ظل ازدواجية معايير تمارسها هذه المنصات حتى هذه اللحظة، فتفرد الساحة لاستمرار مثل هذا الخطاب تجاه الفلسطينيين، خصوصاً مع تواصل حرب الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ولم يكن هذا التحريض على دقة محصوراً في المستخدمين العاديين، بل شاركت فيه قيادات سياسية وأمنية إسرائيلية، غردت ونشرت صوراً وفيديوهات ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، تدعو بشكل صريح إلى تجاهل وضعه الصحي وإصابته بالسرطان، وتطالب بعدم تقديم أي علاج طبي له.
وقتها أصدر مركز فلسطين لدراسات الأسرى، بياناً جاء فيه أن "هذا التحريض المقيت ضد أسير مريض يعيش أيامه الأخيرة، هو تعبير عن مدى عنصرية وتطرّف هذا الكيان، وهو تصريح وتفويض بقتله... وهذه المواقف من الجمهور الإسرائيلي تأتي تماهياً مع مواقف قادة ووزراء الاحتلال، وعلى رأسهم المجرم (إيتمار) بن غفير، الذين مارسوا التحريض بشكل علني ضد الأسير دقة وطالبوا بعدم إطلاق سراحه، رغم ظروفه الصحية القاسية والخطيرة".

سيرة سياسية
التحديثات الحية

وفي دعوة متكررة طيلة سنتين، طلب المركز من إدارات مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة وقف التعامل بازدواجية في ما يتعلق بمحتوى النشر، والتعامل بحيادية وموضوعية مع المحتوى الفلسطيني وعدم الانحياز للاحتلال الإسرائيلي، حيث تمارس سياسة إقصاء ضد المحتوى الفلسطيني، بينما تفتح الباب على مصراعيه أمام الإسرائيليين لنشر التحريض والكراهية ضد الفلسطينيين من دون حسيب أو قيود.

سياسة إسرائيلية متواصلة

كل هذه المنشورات المحرضة على دقة، كانت جزءاً من سياسة إسرائيلية، تحاول تشويه صورة الفلسطينيين، منذ ما قبل السابع من أكتوبر، في ظل صمت تام من إدارات مواقع التواصل الاجتماعي. وهو ما ظهر بشكل واضح في حرب الإبادة المتواصلة، خصوصاً لجهة تجاهل هذه المنصات المحتوى العبري الداعي إلى تدمير غزة وقتل سكانها، أو ذلك الذي ينزع الإنسانية عن الفلسطينيين، خصوصاً الغزيين منهم.
فمطلع العام الحالي، كشف المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي "حملة"، عن ارتفاع مثير للقلق في خطاب الكراهية والتحريض على العنف باللغة العبرية ويستهدف الفلسطينيين/ات عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وأظهرت نتائج النصف الأول من عام 2023 انتشاراً واسع النطاق يترجم إلى ضرر حقيقي على أرض الواقع، كما يتضح من الهجوم العنيف على قرية حوارة وسكانها في 26 فبراير/شباط، وفق التقرير. بينما شهد النصف الثاني من عام 2023، وفق تقرير "حملة"، زيادة غير مسبوقة في هذه الخطابات، بالإضافة إلى خطابات تكريس العنف وتبرير العقاب الجماعي وتفاقم تجريد الشعب الفلسطيني من إنسانيته، خاصة خلال العدوان على غزة بعد 7 أكتوبر.
وتبيّن من خلال جهود "حملة" نشر ما معدله 23 مضمون عنف أو كراهية بحق الفلسطينيين/ات في كل دقيقة في فترة ما بعد 7 أكتوبر، وقد أبدى كتّاب عديدون لهذا المحتوى الضار مشاعر إيجابية حيال ما يشاركونه من محتوى عنيف، من دون أي إحساس بالذنب، أو الخزي، أو الإرهاق، أو الحزن. ورصد التقرير أكثر من 10 ملايين حالة من المحتوى الضار باللغة العبرية التي انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي خلال عام 2023، والتي تركز معظمها على منصة إكس.

المساهمون