إدواردو كاستالدو... أن تصبح نابولي معرضاً لصور المقاومة

إدواردو كاستالدو... أن تصبح نابولي معرضاً لصور المقاومة

18 ديسمبر 2023
المقاومة والاحتلال حاضران في أعماله (فيسبوك)
+ الخط -

"أصبحت الصهيونية مُسيطرة على الرأي العام ووسائل الإعلام في إيطاليا، وحتى على القوانين والشرطة.. لهذا، يجب أن تكون المقاومة قضية عالمية أكثر من أي وقت مضى". هذا ما كتبه فنان الشارع والفوتوغرافي الإيطالي إدواردو كاستالدو (Eduardo Castaldo) عبر صفحته على "إنستغرام"، تعليقاً على أحد أعماله الفنية الداعمة للمقاومة الفلسطينية.

"نايكي" تحتفي بصمود المقاومة

العمل الذي يشير إليه الفنان الإيطالي عبارة عن إعلان لشركة نايكي لمنتجات الملابس والأحذية الرياضية، في أحد شوارع مدينة نابولي. حوّل كاستالدو الإعلان إلى مُلصق يحتفي بصمود المقاومة الفلسطينية ويدعمها. في هذا الملصق، تحول لاعب كرة السلة الذي يظهر في الإعلان إلى مُقاوم يتلفح بالكوفية الفلسطينية، فيما استبدلت كرة السلة التي كانت في يديه بقنبلة مولوتوف، مع عبارة "نايكي" الشهيرة؛ Just Do It، لتبدو كأنها حثّ على المقاومة بدلاً من الدعوة إلى شراء واستهلاك منتجات الشركة الأميركية.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by edie (@eduardo.castaldo)


عقب انتهائه من هذا العمل، أعلن الفنان أنه قد جرى توقيفه واقتياده إلى أحد مراكز الشرطة في المدينة الإيطالية، حيث احتُجز أكثر من أربع ساعات، خرج بعدها مقابل غرامة مالية.

لم يكن هذا هو العمل الوحيد الذي أنشأه كاستالدو، فخلال السنوات الماضية، صنع الفنان الإيطالي الحاصل على جوائز عالمية اسماً لنفسه باعتباره مؤيداً للقضية الفلسطينية ومناصراً لفعل المقاومة ورافضاً للديكتاتوريات في جميع أنحاء العالم. يوظف كاستالدو منذ سنوات أعماله الفنية وصوره الفوتوغرافية لرفع مستوى الوعي بمحنة أولئك الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي.  
أما الإعلان المُشار إليه فيأتي ضمن سلسلة من أعمال الشارع المشابهة التي دأب على تنفيذها في شوارع المدينة منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، ويقدمها كاستالدو تحت عنوان "مقاومة الاحتلال". وكما فعل الفنان في عمله السابق؛ فقد اعتمد في تنفيذ أعماله تلك على الإعلانات المنتشرة في شوارع المدينة لمنتجات تجارية، أو حتى معارض فنية. بقليل من التفاصيل المضافة إلى الملصق أو الصورة، استطاع الفنان تحويل العديد من هذه الإعلانات إلى ملصقات مؤيدة للمقاومة الفلسطينية. 

المقاومة والمسيح

بين هذه الملصقات، نرى واحداً يحمل صورة للوحة جَلْد المسيح، وهي أحد أهم أعمال فنان عصر النهضة الشهير كارافاجيو. غيّر كاستالدو بعض تفاصيل الصورة، ليظهر المسيح المقيد إلى العمود وقد غطى رأسه بالكوفية الفلسطينية، فيما وُضع علم إسرائيل بشكل ظاهر على جبهة الجلاد الواقف إلى جانبه. يُعلق كاستالدو على هذه الصورة بقوله: "الفن يحتاج إلى الحقيقة، لهذا ستفشل الصهيونية في السيطرة عليه.. كارافاجيو يقف مع فلسطين".

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by edie (@eduardo.castaldo)


في هذه الملصقات، تحولت الفنانة المكسيكية الشهيرة فريدا كالو أيضاً إلى مُقاومة تغطي وجهها بالكوفية الفلسطينية، بينما تظهر عبارة الحرية لفلسطين أسفل الملصق. 
ولد إدواردو كاستالدو عام 1977 ونشأ في مدينة نابولي في جنوب إيطاليا، وبدأ العمل مصوراً صحافياً مستقلاً في عام 2006. أما علاقته بالقضية الفلسطينية؛ فتعود إلى عام 2008، حين انتقل للعمل في القدس من أجل تغطية عملية "الرصاص المصبوب" التي نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد غزة. امتد عمل الفنان في الشرق الأوسط حتى عام 2012، وقد مثّل التواصل المباشر والمستمر مع الأحداث في فلسطين المحتلة خلال هذه السنوات نقطة محورية في مسيرته. استطاع كاستالدو تبين قدر المعاناة والظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي. بهذا، أدرك، كما يقول، مدى الزيف والانحياز الذي تتسم به التغطيات الصحافية لوسائل الإعلام العالمية حين يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية. 
في عام 2018، بدأ الفنان الإيطالي التفكير جدياً في استغلال هذه الصور التي التقطها خلال عمله في فلسطين، من أجل التعريف بالقضية الفلسطينية. كان أول هذه المشاريع تحت عنوان "مرحباً بكم في بيت لحم"، وهو عبارة عن جدارية كبيرة تصور عمالاً فلسطينيين يصطفون عند حاجز عسكري إسرائيلي بالقرب من مدينة بيت لحم المحتلة، في الضفة الغربية. تتكون هذه الجدارية من نحو 50 صورة فوتوغرافية، كان كاستالدو قد التقطها لهذا الحاجز، وفاز بعضها بجوائز عالمية. كان العمل مجرد وسيلة، كما يقول، لرواية تجربته، وشعوره بعدم الراحة والإذلال والإساءة التي أجبر الفلسطينيون على المعاناة منها.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

A post shared by edie (@eduardo.castaldo)


ومنذ ذلك الحين، نفّذ كاستالدو عدداً من الجداريات في شوارع مدينة نابولي. ومن بين هذه الجداريات، تبرز جدارية أخرى تصور امرأة من نابولي وهي تلقي دلواً من الماء على جنديين إسرائيليين يحاولان تسلق جدار منزلها. هذه الجدارية الأخيرة تمثل إعادة بناء لصورة فوتوغرافية كان الفنان قد التقطها أثناء عملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية. تحمل الجدارية عنوان من نابولي إلى فلسطين. يشير الفنان في هذه الجدارية، كما يقول، إلى تضامن مدينته مع القضية الفلسطينية، بالإشارة إلى أحد السلوكيات الشائعة في الأحياء الشعبية لمدينة نابولي بإلقاء المياه من الشرفات لتفريق الصبية المزعجين أو المتشردين.
تتوفّر هذه الملصقات على موقع خاص يضع الفنان رابطه على "إنستغرام"؛ إذ يعرضها للبيع بأسعار معقولة. ويتوفّر بعضها، في المتجر نفسه، مطبوعاً على قمصان وعلى أكياس قماشية.

المساهمون