"أنا داري" لـ الإنس والجام: الأغنية العاطفية بصيغتها الطريفة

"أنا داري" لـ الإنس والجام: الأغنية العاطفية بصيغتها الطريفة

17 فبراير 2019
لم تتقيّد الفرقة بالصورة التي رسمها الجمهور (أمين صائب)
+ الخط -
بمناسبة عيد الحب، طرحت الفرقة الموسيقية الفلسطينية "الإنس والجام" أغنية جديدة عبر قناتها الرسمية على "يوتيوب"، حملت اسم "أنا داري". الأغنية من كلمات سهاد الطرح، وألحان جوزيف دقماق، وتوزيع "الإنس والجام". وقد تم تصوير الأغنية على طريقة الفيديو كليب، وتولّى مهمة الإخراج عوني اشتيوي.

يبدو أن النجاح الكبير الذي حققته أغنية الفرقة الأولى، "ترللي"، كان سلاحاً ذا حدين؛ فعلى الرغم من أن "ترللي" ساهمت بانتشار الفرقة واكتسابها لعدد كبير من المتابعين بوقت قصير، ولكن كان لذلك أثر سلبي أيضاً، فهوية الفرقة اقترنت بأغنية واحدة.

ومع كل إصدار جديد لها، يعود الجمهور إلى الأغنية الأولى، ويقارن الإنتاج الجديد بها، مطالباً أعضاء الفرقة بأن يحافظوا على المستوى والنسق الذي ظهروا به في الأغنية الأولى. وذلك ما حدث مع الأغنية الجديدة؛ رابع الأغاني المنفردة التي تصدرها الفرقة، إذ بدا واضحاً من خلال التعليقات على "يوتيوب" أن نسبة كبيرة من الجمهور كانت تنتظر من الفرقة الحديثة أن تحافظ على الهوية التي ظهرت بها في "ترللي".

في الحقيقة، إن تأطير فرقة موسيقية لا تزال في طورها التأسيسي سيحدّ كثيراً من إبداعها؛ ولكن الأمر اللافت أن "الإنس والجام" لم تتقيّد بالصورة التي رسمها الجمهور عنها، وقدمت خلال السنتين الماضيتين أغاني متنوعة من حيث الشكل والمضمون، وذلك يبدو ناجماً عن رغبة الفرقة في التجريب؛ وهذا ما يفسر أن الفرقة أنتجت أغنيتي "فنطازية" و"أنا داري" من نمط "الإندي روك" بروح شرقية، بعد أن كانت البداية بأغنية شرقية كلاسيكية؛ وتخللت ذلك أغنية شرقية أخرى، هي أغنية "لقيوني عالشط"، بالإضافة إلى بعض التجارب لتجديد بعض الأغاني التراثية والشعبية من بلدان عربية مختلفة، بموسيقى يغلب عليها الطابع التجريبي.

وإن كان ما يميّز "الإنس والجام" هو أنها الفرقة الموسيقية الفلسطينية الأولى التي ركّزت على المواضيع العاطفية في أغانيها، ووقفت على خشبة المسرح من دون أن يرتدي أفرادها الحطة الفلسطينية، أو أي شيء يفصح عن هويتهم بشكل مباشر، فإن تقديم أغنية "أنا داري"، بمناسبة مثل عيد الحب، هو أمر يكرس هذه الخصوصية.

فـ"الإنس والجام" تقدّم أغاني خفيفة تناسب ذوق شريحة واسعة من الجمهور الفلسطيني والعربي، وتخلّص الموسيقى الفلسطينية من قيد القضايا السياسية، التي تحوّلت مع مرور الوقت إلى صورة نمطية تعيق أي تجربة موسيقية جديدة.

كما أن عودة الفرقة إلى هذا النوع من الأغاني العاطفية تبدو مهمة في هذا التوقيت، ولا سيما أن أغنيتهم السابقة، "لقيوني عالشط"، التي أهدوها إلى الطفل السوري الكردي إيلان، أوحت بأن الفرقة ستنجرف في تيار الأغاني الملتزمة، إلا أن الخفة التي تتمتع بها "أنا داري" صححت مسار الفرقة سريعاً.

وبالنسبة لأغنية "أنا داري"، فإنها لا تبدو بدورها أغنية عاطفية نمطية من الأغاني التي تصدر بمناسبة عيد الحب عادةً؛ فعلى الرغم من ثيمتها العاطفية وكلماتها الخفيفة، إلا أن استخدام صيغة الاستنكار فيها يعطيها رونقاً خاصاً، فتبدو أكثر طرافةً من الأغاني التي تطرح بهذه المناسبة.

لكن ما يعيب الأغنية هو أنها تغالي في المنحى الساخر في بعض المقاطع، ولا سيما المقطع الأخير، الذي يرد فيه: "ورايي زي المخابرات، وبتفتشي بالتعليقات على أسامي كل البنات، بدك تعرفي أسراري".

تبدو هذه الكلمات كفيلة بتفريغ الحالة العاطفية التي تشحنها الأغنية، ولا سيما أن الخطاب فيها يتحوّل من الاستنكار الذي يقوم به العاشق للتحريض على إنهاء حالة المخاصمة والتجاهل، إلى خطاب ساخر، لا يخلو من الضعف.

المساهمون