"الإنس والجام": لا نحاول قول شيء

إبراهيم نجم من "الإنس والجام" الفلسطينية لـ"العربي الجديد": لا نحاول قول شيء

18 مارس 2018
(من كواليس تصوير "فنطازية")
+ الخط -


قبل عام، أطلقت فرقة "الإنس والجام" الفلسطينية أغنيتها الأولى، "تراللي". والأسبوع الماضي، كانت أغنيتها "فنطازية". لاقت الأغنيتان ترحيبًا كبيرًا من الجمهور. هنا، حوار مع أحد أعضاء الفرقة، إبراهيم نجم، يحدّثنا فيه عن تجربة الفرقة وجديدها.


• مرّ عام على "تراللي". حصدت الأغنية نجاحًا كبيرًا، خصوصًا أنّها كانت مشروعًا مستقلًا، لم يتكئ على شركات إنتاج، بل على الفرقة فقط. كيف تنظر إلى هذا النجاح الذي عرفته الفرقة بعيدًا عن أن تقف وراءها شركة إنتاج أو مؤسسة؟

انطلقت الفرقة مؤمنة بأن المكان الطبيعي للموسيقي هو خشبة المسرح أولًا، وهو المكان الطبيعي لأي فنان. وهذا النجاح كان منصفًا لتجربتنا في "الانس والجام"، وأثبتنا أنه لا داعي لانتظار شركة إنتاج أو ممول ما. إن كان هناك حالة إبداع لا بد من أن تحدث.


• نضطر أحيانًا إلى التصنيف. في أي خانة تضع "الانس والجام" نفسها؟ الأغنيتان اللتان أطلقتهما الفرقة تراوحان بين "البوب"، وشيء من الطرب.. كيف يمكن تصنيفهما؟ خصوصًا أنّنا نتلمس شيئًا من الجدّة في بناء الجملة الموسيقية في كلا الأغنيتين.

ننشغل في "الانس والجام" ببناء الجملة الموسيقية لا بتصنيف شكلها النهائي، معتمدين على المشارب الموسيقية التي ينتمي لها أعضاؤها من دون فذلكة أو إقحام لنمط موسيقي على حساب الآخر. إنها عفوية الحالة وصدقها.


• قبل أسبوع، أطلقتكم أغنيتكم الجديدة؛ "فنطازية". هل من قصة تقف وراءها؟ حدّثنا حول هذه التجربة أكثر.

"فنطازية" حالة وفكرة موسيقية، شارك فريق "الانس والجام" في بناء تكوينها اللحني لتصير إلى ما صارت إليه كأغنية من كلمات وألحان وتوزيع. هكذا، تحدّينا المثل الشعبي الذي يقول "إذا كتروا الطباخين بتنحرق الطبخة".


• عودةً إلى "تراللي".. هل كانت صدفةً؟ فهمنا أنّ كاتب الكلمات، سامر الصالحي، كان قد نشر الكلمات على فيسبوك. والتقطها أحد أعضاء الفرقة واشتغلتم عليها.. أم كان الاختيار مدروسًا وكُتبت الكلمات خصّيصًا للفرقة؟

وجدت "تراللي" بالصدفة كمنشور غير مكتمل على صفحة الصديق سامر الصالحي الشخصية على فيسبوك. بعد أن قمت بتلحينها أحب الصالحي الأغنية وأضاف مقطعًا آخر. أصبحت "تراللي" من ضمن برنامج "الانس والجام" بعد أن أحبها كل أعضاء الفرقة؛ فسجلناها.



• ما الفرق بين الأغنيتين؟ ما الاختلافات بينهما؟ على المستوى الموسيقي تحديدًا.

موسيقيًا وتوزيعيًا، اعتمدت أغنية "تراللي" على إيقاعين؛ هما الكراتشي للمقدمة الموسيقية، والأبيات والبلدي للازمة الغنائية، فيما كانت الآلات الموسيقية تقوم بمرافقة الغناء عن طريق خطوط هارمونية بسيطة لا تعتمد على على الترجمة الغنائية، وبمرافقة غنائية من كل أعضاء الفرقة كجوقة باعتماد أقل على خطوط الهارموني الغنائي. على عكس "فنطازية" التي اعتمدنا فيها خطوط غنائية هارمونية إلى جانب غناء الجوقة في اللازمة الغنائية. أما إيقاعيًا، فتراوحت "فنطازية" بين الإيقاعات الشرقية مثل المقسوم والكراتشي واللف والمثلث العراقي، إلى جانب دمجها بإيقاعات لاتينية. واعتمد البيانو بمرافقة معتمدة على أسلوب الرومانس واللاتين في التآلفات الهارمونية، في نفس الوقت اعتمدت الكمنجة والفيولا خطوطًا وتآلفات موسيقية وهارمونية كلاسيكية. وكانت الأرضية الموسيقية تحت ارتجال الساكس قائمة على تآلفات لحنية وإيقاعية معتمدة أسلوب الفانك. هناك اختلاف بين الأغنيتين من حيث التوزيع وإدماج المشارب الموسيقية المختلفة التي ينتمي لها أعضاء الفرقة، إلى جانب البساطة في توزيع "تراللي"، إذ اعتمدت مقامًا واحدًا من دون تحويلات مقامية في مقام الكرد، الأمر المختلف في "فنطازية" حيث تراوحت بين التصرفات المقامية بين النهوند والحجاز.


• تضم الفرقة كل من جوزيف دقماق (بيانو وساكس)، محمد مصطفى (غناء)، حسين أبو الرب (إيقاع)، محمود كرزون (كمان وفيولا)، أمير ملحيس (باص غيتار)، إبراهيم نجم (عود).. في "تراللي" حضرت ميرا أبو هلال. ومن الأسماء، واضح أنّ جميع أعضاء الفرقة من الذكور. أين ذهبت ميرا؟ ولماذا يغيب العنصر النسائي عن الفرقة؟

إن غياب العنصر النسائي عن الفرقة لا يعود إلى قرار، وإنما بسبب طبيعة العلاقة الإنسانية الأعم التي تربط أعضاء الفرقة. فكلنا تربطنا علاقة صداقة وزمالة دراسة وعمل منذ عقد من الزمن، بما فيهم ميرا. إلا أن ظروفًا خاصة بها حالت دون تواجدها ضمن عائلتها "الانس والجام" في هذه الفترة.


• هناك فرق واضح جدًا بين الفيديو كليبين، الأول والثاني. الثاني يبدو أكثر حركةً من سابقه، وأكثر ألوانًا.. حدّثنا عن التجربتين والفرق بينهما. وهل تجد الفيديو كليب ضرورة؟ إلى جانب ذلك، في كلا الفيديو كليبّين، وربّما هذا يُحسب لهما، لم يكن موضوع الأغنية مطابقًا للصورة، نهائيًا. هل هذه صدفة أم هنا قصدية وراء ذلك؟ ولماذا؟

نحاول أن نعزز مبدأ ومفهوم الفرقة والعمل الجماعي، ولعلنا نصرّ في العملين تقديم الأغنيتين بهذا الشكل. ولعل الصورة التي يقدمها الفيديو كليب تساعد في تعزيز هذا التوجهّ كون المشاهد والمستمع تعود أن يقرن العمل الغنائي والموسيقي باسم فرد لا مجموعة. إلى جانب قناعتنا بأن العمل الفني يجب أن يظل ملكًا للمتلقي وله حرية تأويله. لذلك نرفض ترجمة موضوع الأغنية حرفيًا بالصورة.


• هل تفكّر الفرقة بأن تُطلق عملًا (أو أكثر) موسيقيًا فقط من دون غناء؟

هناك 3 أعمال موسيقية، وسيطلق واحد منها قريبًا.


• في أغنية "فنطازية"، جاء العمل كاملًا من توقيع الفرقة، بعكس الأول. (كلمات: الإنس والجام / تلحين: الإنس والجام).. ما الذي تحاولون قوله بهذا؟

في هذا العمل لا نحاول قول شيء، غير أن هذه هي الحقيقة. لكن أحد عوامل اختيارنا لهذا العمل تحديدًا هو أنه العمل الوحيد الذي قام عن طريق العصف الذهني الموسيقي (الجام)؛ الأمر الذي نقوم فيه عند التوزيع دائمًا، إلا أننا وظفناه بكل عناصر بناء العمل في هذه الأغنية.


• كيف تأسست الفرقة؟ كيف اجتمعتم وتوافقتم؟ خصوصًا أنها تضم ستة أشخاص. بينما عادةً تضم الفرق بين 3 إلى 4 على الأكثر.

كنت قد أشرت في إجابة سابقة أنه تجمعنا زمالة وصداقة قديمة ويوجد بيننا لغة موسيقية مشتركة والتقاء تام على المستوى الشخصي الإنساني، ويجمعنا الشعور العام بعدم الارتياح لتنفيذ المشاريع الممولة أو انتظار منتج ما ليقرر الوقت والمادة. نحن نؤمن بأن الإبداع لا حدود أو مقيدات له. وبدأنا منذ سنتين أنا وجوزيف وحسين وميرا في الالتقاء وإطلاق العنان لأفكارنا الموسيقية الخاصة، وتطور الأمر خلال العام الأول لتصبح "الانس والجام" بتشكيلتها الحالية.


• كونكم فرقة، ألا تخافون من أن يذهب كل منكم، لاحقًا، في طريق فرديّ؟ كيف تراهنون على الاستمرار؟

الشرارة التي أشعلت مشروع "الانس والجام" هي الفكرة بحد ذاتها. لن أكون مثاليًا في رؤيتي للأمور، إلا أن الرهان على الفكرة، و"الانس والجام" قائمة على الفكرة لا الشخوص، وهنا يكمن الرهان على استمرارها.


• كيف تنظرون، عمومًا، إلى الفرق في العالم العربي، بمختلف توجّهاتها الفنية؟

عمومًا الموسيقى هي تراكم زمني وجغرافي، وكل تجربة تضيف بإيجابيات نتعلم منها، وسلبيات نتجنبها قبل الوقوع فيها، وهنا تأخذنا الموسيقى إلى أبعد مما هو عربي، فنحن نتعامل بلغة عالمية تأخذها لهجاتها نحو خصوصية مرحلية.


• في المؤتمر الصحافي لإطلاق "فنطازية"، تحدّثتم عن ألبوم. حدّثنا أكثر عنه؛ أبرز ملامحه، طبيعته الموسيقية بشكل أساسي، متى متوقّع صدوره؟

بدأنا فعلًا في التجهيز لتسجيل ألبومنا الأول، والذي يضم أغاني ومقطوعات موسيقية خاصة، وأغاني ومقطوعات أعدنا توزيعها على طريقة "الانس والجام". متوقع صدوره هذا الصيف، ولأننا المنتجون لهذا العمل لا نعرف إن كنا سنوفق ببلوغ الموعد، فنحن ننتج ذاتيًا، تارة من مدخراتنا الخاصة وتارة بتوفير مبلغ من عوائد العروض.


• ثمة عدد جيد من الفرق داخل فلسطين.. كفرقة فلسطينية، ما هي أبرز ملامح المشهد الفلسطيني للفرق. وما هي أبرز الصعوبات والعوائق؟

في "الانس والجام" لا ننظر إلى الصعوبات والعوائق إلا كتحد جديد نؤمن بأننا سنجتازه، ولعل أبرز عائق هو التمويل، وهو الأمر الذي تجاوزناه في عملنا الأول وأكدنا عليه في عملنا الثاني.

دلالات

المساهمون