"تراللي" و"فنطازية": فرقة من أغنيتين

"تراللي" و"فنطازية": فرقة من أغنيتين

18 مارس 2018
(من صفحة الفرقة على فيسبوك)
+ الخط -
قبل ما يقارب السنة، أطلقت فرقة "الإنس والجام" الفلسطينية، أولى أغنياتها، والتي حملت اسم "تراللي". تمكّنت الأغنية من تحقيق نجاح جماهيري كبير؛ فتخطى عدد مشاهداتها على موقع يوتيوب حاجز الأربعة ملايين مشاهدة؛ ما أعطى الفرقة شهرة سريعة، وضعتها في مصاف الفرق الموسيقية الفلسطينية، رغم أن نتاج الفرقة كان يقتصر حينذاك على أغنية واحدة فقط.

يبدو أن ذلك النجاح دفع الفرقة للتأني قبل أن تطلق ثاني إصداراتها، لتتأخر أغنيتها الثانية، التي حملت اسم "فنطازية" إلى بعد ما يقارب السنة. ومن الممكن أن نقارن بين الأغنيتين في محاولة لرصد المسار الذي تتّخذه الفرقة، وذلك من خلال عدّة نقاط.


موسيقى الكلمات
أكثر ما يميز أغنية "تراللي" هو استخدام كلمة "تراللي" نفسها، الكلمة غير عربية الأصل، التي يقتصر استخدامها على بلاد الشام، تحمل معنى "الأخوت" أو "المجنون"، ولها إيقاع موسيقي خاص، ناهيك أنه، غالبًا، لم يسبق استخدامها في الأغنية العربية. هذه الكلمة مكّنت الأغنية من حجز مكان في ذاكرة المستمعين، في حين أن الأغنية الجديدة تفتقد لكلمة بديلة تحمل ذات الخصوصية الموسيقية؛ لكن الفرقة أوجدت معادلًا لها من خلال اعتمادها على ترديد "دوم ديجي ديجي دوم دوم" كإيقاع موسيقي كلامي، لتحافظ من خلال هذه "الجملة" على التيمة الموسيقية في الكلمات، من دون أن ترتقي لمستوى الأغنية الأولى في هذه النقطة.



غياب العنصر النسائي
في الأغنية الأولى تقف الشابة ميرا أبو هلال بين أعضاء الفرقة بوصفها "مغنية"، في حين أن دورها الفعلي يقتصر على ترديد لازمة الأغنية رفقة الكورال الجماعي. أما في الأغنية الجديدة، فتتخلى الفرقة عن هذا الحضور النسائي، الذي يبدو بأنه كان موجوداً لأهداف جندرية أو لاكتساب رضا بعض الجمهور الذين يهتمون بوجود العنصر الشبابي في الفرق الموسيقية؛ فوجود العنصر النسائي ضمن الفرق الموسيقية الناشئة قد يزيد من فرص انتشارها.


الاسترخاء في الأداء
في أغنية "تراللي"، يصعب تحديد الحالة التي يعبر عنها المغني الرئيسي للفرقة، محمد مصطفى؛ فتختلط فيها مشاعر البهجة والحزن، ويميل للأداء بانسيابية تبررها كلمات الأغنية. أما أغنية "فنطازية"؛ فتزداد فيها حدة الأداء، وتصل في بعض المقاطع إلى حد الانفعال، لكن الأداء الجماعي في الكوبليه الأساسي للأغنية يحافظ على طابع الاسترخاء؛ إذ لم يبدُ الأداء جادًا.



الموسيقى الشرقية والغربية
رغم أن أغنية "تراللي" تعتمد على المزاوجة بين الآلات الموسيقية الشرقية والغربية، فتتقاسم المساحات السمعية آلات العود والفيولين والبيانو والباص غيتار والإيقاع الشرقي، إلا أن الأغنية تبدو شرقية بامتياز بسبب الاعتماد على جمل موسيقية شرقية والعرب الشرقية في الأداء. ربما، لم تختلف "فنطازية" كثيرًا، باستثناء أن استخدام آلة الساكسيفون يزيد من حضور الموسيقى الغربية.


الابتعاد عن الأغنية الوطنية
قد يكون أكثر ما يميز فرقة "الإنس والجام" هو اعتمادها على تيمة الحب كموضوع لأغانيها، فهي تبتعد بشكل كلي عن التطرق للقضية الفلسطينية في أعمالها، وهي القضية التي أثقلت كاهل الموسيقى في الأراضي المحتلة؛ فتتميز "الإنس والجام" بميلها نحو البساطة بالكلمات والموسيقى، إذا ما قورنت بكثير من الفرق الموسيقية الفلسطينية.

المساهمون