4 مشاهد من مصر تبحث عن تفسير منطقي

4 مشاهد من مصر تبحث عن تفسير منطقي

18 فبراير 2024
الأسعار في مصر لم تتراجع رغم الحديث عن خفض قيمة الدولار/ فرانس برس
+ الخط -

المتابع للأزمة الاقتصادية في مصر، يلحظ أن هناك العديد من المؤشرات التي تحتاج إلى تفسير منطقي، خاصة أن الحديث الرسمي والإعلامي عن حال الاقتصاد والأرقام الرسمية شيء، والواقع الذي يعيشه المواطن شيء آخر، لكن سأقصر مقالي هنا على رصد 4 مشاهد فقط لا تزال بحاجة إلى تفسير.

1- ضخامة الديون المستحقة

تخرج علينا بيانات رسمية لتؤكد أن مصر مطالبة بسداد أعباء ديون خارجية من أقساط وأسعار فائدة تبلغ قيمتها 42.3 مليار دولار خلال العام الجاري فقط.

بالطبع فإن هذا المبلغ يفوق قدرات الدولة ومواردها من النقد الأجنبي خاصة مع التراجعات الأخيرة في الإيرادات الدولارية من قناة السويس وتحويلات المغتربين والصادرات والاستثمار الأجنبي وصادرات الغاز وغيرها، وأن هذه الأرقام كانت مخفية عن الرأي العام من قبل وظهرت وقت السداد.

وعندما تسأل: متى حصلت مصر على كل هذه التلال من الديون الخارجية إذا كان المبلغ المطلوب سداده يفوق إجمالي احتياطي الدولة من النقد الأجنبي، وفي أي عام حصلت الحكومة على هذه القيمة التي تزيد على إجمالي الدين الخارجي المستحق على مصر قبل 10 سنوات؟

المؤشرات تقول إن الرقم الحقيقي للدين الخارجي يفوق ما هو معلن والبالغ نحو 165 مليار دولار بنهاية يونيو، والدليل حجم الدين المستحق هذا العام

وهل هذه الديون تتضمن الودائع الخليجية المستحقة على الدولة هذا العام والتي تم ترحيل سداد بعضها إلى سنوات مقبلة عن طريق تجديدها، وهل الإيرادات الدولارية المتوقعة من قروض جديدة وبيع أصول وغيرها كافية لسداد تلك الأعباء الضخمة؟

هنا لن تجد إجابة شافية عن تلك الأسئلة وغيرها، كما لن تجد أحداً يخبرك بأحدث رقم للدين الخارجي المستحق على البلاد، علماً بأن المؤشرات تقول إن الرقم الحقيقي يفوق كثيراً ما هو معلن والبالغ نحو 165 مليار دولار بنهاية شهر يونيو الماضي، والدليل حجم الدين المستحق هذا العام.

موقف
التحديثات الحية

2- قفزة الدولار ونجاعة القبضة الحديدية

استخدمت الدولة قبضتها الحديدية في ملاحقة المضاربين وتجار العملة، ولاحقت حائزي الدولار سواء في الشوارع أو صالات البنوك، ونجحت تلك الحملات المكثفة في إطفاء نيران السوق السوداء بعض الوقت ودخول المضاربين جحورهم مؤقتاً إلى حين اقتناص أول فرصة لبث رعبهم داخل السوق.

لكن السؤال: هل القبضة الحديدية هي العلاج الناجح لعلاج أزمة نقدية هي اضطرابات سوق الصرف، علماً بأن هذا الأسلوب ثبت فشله في معظم دول العالم، وأن تلك القبضة ما إن تتراخى بعض الوقت حتى تطل السوق السوداء برأسها من جديد، خاصة أن أسباب وجودها لا تزال قوية وقائمة وأبرزها ندرة الدولار؟

3- لماذا لم تتراجع الأسعار؟

في مصر، يقفز سعر الدولار في السوق السوداء ليتجاوز 70 جنيهاً، يصاحب القفزة اضطراب شديد في الأسواق وقفزات في أسعار كل شيء، كل السلع والخدمات بلا استثناء، السلع الغذائية والأدوية، الأدوات الكهربائية والمنزلية، كلفة المعيشة، أسعار المواصلات والاتصالات، السيارات، حتى أسعار المنتجات والسلع الزراعية المحلية.

هنا تسأل بمنتهى السذاجة: هل تراجعت أسعار السلع والخدمات مع تهاوي سعر الدولار؟ فتأتيك الإجابة وهي أن الأسعار تواصل قفزاتها

وعندما تسأل أي تاجر عن سر هذه القفزات التي تقف وراء دوامة الغلاء التي لا تنتهي يقول لك إنه "بسبب قفزة الدولار"، ألا تتابع ما يحدث في سوق العملة. ألا تعلم أن مصر تستورد نحو 70% من احتياجاتها من الخارج، وأن أي زيادة في سعر العملة الأميركية تنعكس مباشرة على سعر كل السلع المستوردة".

ويجيب تاجر آخر " إنه الطوفان الذي لا يرحم فقيراً أو غنياً، طوفان يمتد إلى كل مناحي الحياة".

موقف
التحديثات الحية

بعد أيام تخرج علينا صحف ومواقع خبرية وفضائيات تتحدث عن حدوث انهيار في سعر الدولار، وتؤكد أن قيمته تراجعت إلى أقل من 50 جنيهاً، بل إلى حاجز 45 جنيهاً للدولار، هذه أخبار جيدة.

هنا تسأل بمنتهى السذاجة: هل تراجعت أسعار السلع والخدمات مع تهاوي سعر الدولار؟ فتأتيك الإجابة وهي أن أسعار السلع تواصل قفزاتها، ولا تجد أي رادع من الأجهزة المسؤولة في الدولة.

وربما تأتيك إجابة أخرى غريبة عجيبة وهي أن تراجعات الدولار الحادة سيظهر أثرها على الأسواق والأسعار بعد 3 أشهر هي فترة الدورة المستندية للسلع المستوردة.

وهنا تسأل السؤال البديهي: إذا، لماذا تقفز الأسعار عقب قفزة الدولار مباشرة وفي نفس اللحظة والتو، في حين تحتاج إلى ما بين 3 و4 شهور لتتراجع في حال انخفاض قيمة الدولار؟

يبقى السؤال: لماذا لا يتحرك أحد بالسرعة الكافية لوقف تفاقم الأزمة الاقتصادية التي يمكن أن تأكل الأخضر واليابس؟

4- تحرك بطئ لمواجهة أزمة حادة

يدرك الجميع حجم الأزمة الاقتصادية الحادة التي تمر بها مصر، والتي تعد قفزة الأسعار والغلاء أحد مظاهرها، ويعرف أصحاب القرار العلاج جيداً، ويبقى السؤال: لماذا لا يتحرك أحد بالسرعة الكافية لوقف تفاقم تلك الأزمة التي يمكن أن تأكل الأخضر واليابس؟

هل يراهن هؤلاء على عنصر الزمن في علاج الأزمة، وهو العنصر الذي ثبت فشله بامتياز، أم يكون الرهان على تدفق مليارات الدولارات من مصادر لا نعرفها وقد لا تأتي أصلاً، أم أن الحل واحتواء الأزمة يقفان عند نشر الشائعات وإغراق المجتمع في مخدرات ثقافية؟

المساهمون