هبوط جديد للجنيه المصري أمام الدولار والذهب بعد فشل "القبضة الأمنية"

هبوط جديد للجنيه المصري أمام الدولار والذهب بعد فشل "القبضة الأمنية"

07 فبراير 2024
ارتفع الدولار في السوق الموازي إلى 63 جنيها مصريا (Getty)
+ الخط -

بدأ الجنيه المصري التراجع أمام الدولار والعملات الصعبة الرئيسية في السوق الموازية ومحلات الذهب والصاغة، وأسواق بيع السلع والمنتجات الغذائية والأساسية والمعمرة، ومستلزمات المصانع والشركات.

ارتفع الدولار إلى مستوى 63.8 جنيها في سوق الذهب ظهر اليوم الأربعاء، بزيادة 5 جنيهات خلال 24 ساعة، مع توقعات بعودته للمستويات القياسية التي بلغها فوق 70 جنيها مطلع فبراير/ شباط الجاري.

يؤكد محللون أن تراجع الجنيه، مدفوعا باستمرار شح العملة في البنوك، وعدم تدبير الحكومة لموارد بالدولار، أمام الموردين والشركات، ولجوء الحكومة إلى القبضة الأمنية دون مواجهة حقيقية لأزمة اقتصادية حادة، يستلزم إعادة هيكلة اقتصادية شاملة.  

وشهدت الأسواق ارتفاعا بسعر غرام الذهب بنحو 150 جنيها اليوم، بعد زيادة حققها بنحو 200 جنيه، الثلاثاء الماضي، حيث بلغ سعر الغرام 24 نحو 4200 جنيه وعيار 21 بلغ 3650 وعيار 18 بلغ 3130، والجنيه الذهب 29 ألفا و200 جنيه والأوقية 129 ألفا و750 جنيها، مقابل 2035 دولارا للأونصة بالأسواق الدولية.

وشهدت أسواق الذهب تراجعا في التعاملات، حيث اقتصرت حركة السوق على الشراء من الجمهور دون بيع، بينما أصيبت أسواق الدولار بالشلل، حيث فضل تجار السوق الموازية الشراء دون تلبية الطلب، أملا في انتهاء الحملات الرقابية وانتظارا لصعود جديد للدولار. 

صعود الدولار في السوق الموازي 

وصف خبراء تحركات الدولار بالأسواق بأنه "يصعد مثل الزنبرك المضغوط بقوة أمنية، وبقدر ما تقل تلك الضغوط يصعد لأعلى"، مؤكدين اختلاف سعره من مدينة لأخرى وبين التجار حسب النشاط الذي يزاولونه، ووفقا لكميات الطلب والعرض.

يرصد الخبراء اختلافا في سعر الدولار، حيث يزيد بالمناطق الريفية عن المدن الكبرى، مع استمراره كعنصر أساسي في تحديد سعر كافة السلع بالأسواق. 

وجاء تراجع الجنيه بعد يومين من رحلة قصيرة للصعود أمام الدولار والعملات الصعبة، في السوق الموازي، مدفوعا بحملات أمنية على كبار تجار الذهب والمتعاملين في العملة، خارج القنوات الرسمية، بالتوازي مع حرب إعلامية بالصحف والقنوات الرسمية ووسائل التواصل الاجتماعي، حول تدفق استثمارات خليجية هائلة على مصر خلال أيام.

وتوافقت الحملة مع انتهاء مراجعة صندوق النقد الدولي، وسط توقعات بارتفاع تمويل الصندوق إلى 10 مليارات دولار، مقابل الالتزام ببرنامج طرح الشركات العامة وشركتين تابعتين للجيش للبيع، مع موافقة على تعويم جديد للجنيه، ومرونة سعر الصرف. 

ويظل السعر الرسمي للدولار عند حدود 31 جنيها، بينما صعد الدولار من مستوى هبوط أقل من 50 جنيها ليعلق في مسار "زنبركي" صاعد إلى مستويات 63 جنيها للدولار، في السوق الموازية بالمدن، وعند حدود 70 جنيها بالريف. 

ارتفاع مستمر لأسعار السلع  

يؤكد محللون أن عودة الطلب على الدولار، من قبل المستوردين والراغبين في السفر للخارج، وسداد مدفوعات الشركات للجهات الأجنبية، دون وجود بدائل لتدبير العملة الصعبة بالبنوك، أدت إلى رفع الأسعار بالسوق الموازية.  

يفسر أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بالغرف التجارية، عدم انخفاض السلع بالأسواق، رغم تراجع الدولار في الأيام الماضية تحت مستوى 50 جنيها، إلى تسعير جميع المستوردين للسلع على أساس سعر الدولار الذي ساد حتى مطلع الشهر الجاري ما بين 70 جنيها إلى 75 جنيها.

أكد شيحة، في تصريحات صحافية، أن ارتفاع الدولار ما بين 10 جنيهات إلى 15 جنيها ووصوله إلى 75 جنيها في يناير/ كانون الثاني الماضي، ثم تراجعه في يومين بنحو 20 جنيها، ثم ارتداده صعودا مرة أخرى، يعكس حالة المضاربات التي تجري على تسعيره، موضحا أن دورة الاستيراد وتكلفة السلع تستغرق نحو 6 أشهر.  

أشار أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء باتحاد الغرف التجارية، إلى تراجع في سعر بيع الحديد من أرض المصنع بنحو 5360 جنيها، مؤكدا في تصريحات صحافية أن السعر السائد بلغ بالمصانع 49 ألفا و920 جنيها، تأثرا بتراجع الدولار خلال النصف الأول من الأسبوع الجاري.

أخبر موزعون "العربي الجديد" بأن الأسعار السائدة بالمصانع تتغير بين لحظة وأخرى، مع تفضيل المصانع توجيه نحو 50٪ من طاقتها الإنتاجية للتصدير لضمان حصولها على الدولار الذي تحتاجه في استيراد "البليت" ومستلزمات الإنتاج والمعدات.

رصد "العربي الجديد" بيع طن الحديد للمستهلك بداية من 53 ألف جنيه، وفقا لنوعية الشركة وموقع التسليم للجمهور.  

وأنتجت مصانع الحديد 941 ألف طن خلال ديسمبر/ كانون الأول الماضي، بزيادة 22.5٪ مقارنة بنفس الشهر 2022، ليبلغ الإنتاج السنوي 10.4 ملايين طن 2023. 

وواصلت السلع الغذائية ارتفاعها لدى المحلات والموزعين، على مدار اليومين الماضيين. وارتفعت أسعار الألبان والأجبان والدواجن بنحو 15٪، واللحوم 20٪ والملابس 25٪، مع توقع صعود معدلات الزيادة خلال الأيام المقبلة.

وشهدت أسعار العقارات ارتفاعات بنحو 40٪ خلال أسبوع، متأثرة بالزيادة الهائلة في سعر الدولار ومستلزمات البناء، ورفع البنوك سعر الفائدة بنسبة 2٪، لتصل في حدود 30٪ للقطاع العقاري، مع التزام البنوك بتعليمات البنك المركزي، بعدم توجيه قروض للقطاع العقاري.  

وحذر عدد من أعضاء مجلس النواب من "الارتفاع الجنوني" في أسعار الأجهزة الكهربائية.

وقالت النائبة سولاف درويش، وكيل لجنة القوى العاملة بالمجلس، إن الأجهزة الكهربائية تضاعف سعرها بشكل غير مسبوق، وخاصة الثلاجات وشاشات التلفزيون وأجهزة التكييف والغسالات والبوتاغازات. بينما أرجعت النائبة مرفت ألكسان زيادة أسعار الأجهزة الكهربائية والسلع الغذائية إلى ندرة العرض للسلع وارتفاع سعر الصرف بطريقة غير مبررة. 

فجوة تمويلية 

ويدفع تذبذب سعر الدولار والتضخم الشركات إلى البقاء في منطقة الركود، لسجل 48.1 نقطة في يناير الماضي، حيث واصل الانكماش القوى البقاء تحت مستوى 50 نقطة، للشهر 38 على التوالي وفقا لمؤشر مديري المشتريات الذي تصدره مؤسسة "ستاندرد آند بورز". 

وتراجعت قيمة الصادرات بنسبة 20.6٪، تشمل الملابس الجاهزة والأسمدة ومنتجات البترول، خلال نوفمبر الماضي لتسجل 3.2 مليارات دولار، مقابل 4.04 مليارات دولار لنفس الشهر من عام 2022، بينما انخفضت الواردات بنسبة 9.9 ٪، حيث بلغت 6.28 مليارات دولار، مقابل 6.96 مليارات دولار.

ويشير جهاز التعبئة والإحصاء إلى انخفاض قيمة وارادت القمح بنسبة 41٪ والذرة 5٪ وفول الصويا 14.6٪، بينما ارتفعت قيمة منتجات البترول 19.1٪، والحديد والصلب 53.4٪، والسيارات 108٪ خلال نفس الفترة. 

وكشف البنك المركزي عن زيادة في صافي الاحتياطات النقدية، ليصل لنحو 30 مليون دولار، في ديسمبر الماضي مقارنة بنوفمبر 2023، ليصل إلى 35 مليارا و249 مليون دولار في يناير 2024.

تعاني الدولة من فجوة تمويلية واسعة مع صعوبة في تدبير مصادر التمويل وزيادة حجم الديون الخارجية تثقل كاهل الاقتصاد، تستلزم، وفقا لرأي الخبراء، تنفيذ عمليات واسعة للترشيد الاقتصادي وتعظيم استغلال الموارد المحلية من أجل زيادة التصدير ومصادر العملة الأجنبية، وإعادة هيكلة آلاف المصانع المتعطلة كليا أو جزئيا عن العمل. 

يتوقع بنك "غولدمان ساكس" أن يصل حجم الفجوة التمويلية إلى نحو 25 مليار دولار حتى عام 2028، في حالة تنفيذ موافقة صندوق النقد على اتفاق جديد، يرفع حدود القرض المخصص لمصر لنحو 10 مليارات دولار. 

المساهمون