توقف مشروع المليون وحدة يضر بشعبية السيسي

08 أكتوبر 2015
السيسي ورئيس شركة أرابتك الإماراتية المستقيل، حسن إسميك (أرشيف/Getty)
+ الخط -


عندما اتفقت شركة أرابتك الإماراتية للمقاولات مع الحكومة المصرية على تنفيذ مشروع ضخم للإسكان، اعتبرت تلك الصفقة من علامات الدعم الإماراتي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لكن المشروع، الذي أعلن عنه في مارس/آذار 2014، وكان من النقاط الرئيسية التي ارتكزت عليها حملة السيسي الانتخابية، توقف، الأمر الذي قد يؤثر في شعبيته ويسلط الضوء على عادة الوعد بمشروعات ضخمة ثم التعثر في إنجازها حسب تقرير لوكالة رويترز نشرته اليوم الخميس.

ووعد هذا المشروع ببناء مليون وحدة سكنية بحلول عام 2020 بتكلفة تبلغ نحو 280 مليار جنيه (35.76 مليار دولار) كما حصل المصريون على وعود بسلسلة من المشروعات الأخرى للمساهمة في دعم الاقتصاد في أعقاب الاضطرابات السياسية التي أعقبت ثورة يناير عام 2011.

وكان السيسي يعول على وعود بحصول مصر على مليارات الدولارات من دول الخليج العربية، التي أيدت الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي، في يوليو/تموز 2013، ولم يتبلور جزء من هذه الأموال، كما أن البنوك عاجزة عن تمويل مشروع أرابتك.

ونقلت رويترز عن دبلوماسي غربي في القاهرة قوله: "المصريون يريدون هذه المشروعات الآن، لكن استكمالها في الواقع سيستغرق سنوات".

وقد وقعت مصر مذكرة تفاهم خاصة بالمشروع مع أرابتك، التي قامت ببناء برج خليفة أعلى مبنى في العالم لحساب شركة إعمار العقارية، لكن المشروع توقف الآن.

وأشار مصدر مطلع على التطورات إلى وجود خلافات حول بنود العقد وصعوبات في التمويل، ولم تقدم أرابتك حتى الان خطة العمل في المشروع، فيما امتنعت أرابتك عن التعقيب، ولم يتسن الاتصال بمسؤولين في أبوظبي للتعقيب.

وتولى مسؤولون من أبوظبي رئاسة مجلس إدارة أرابتك منذ منتصف عام 2012، ويمثل مجلس الإدارة الحالي جزءاً من حكومة الإمارة وكبار رجال الأعمال.

وعند الإعلان عن المشروع قال الرئيس التنفيذي حينذاك، حسن اسميك، إن: "المشروع يدين بالكثير لولي عهد أبوظبي، فقد كان شديد الحرص على تعبئة كل الجهود لدعم الأشقاء في مصر من خلال مبادرات إنسانية واقتصادية واجتماعية".

ويقول دبلوماسيون غربيون إن: "الإمارات ما زالت ملتزمة التزاماً عميقا بدعم السيسي، لكن عندما يتعلق الأمر بمشروعات تجارية، فإنها تبدي اهتماماً أشد بتفاصيل العقود من أجل تحقيق عائد معقول على الاستثمارات".

وقال الباحث بمركز بروكينغز لسياسات الشرق الأوسط، إتش.إيه هيليار، إنه: "في الوقت الحالي كثير من المصريين العاديين سيجدون العذر للسيسي، لكن الشعب يريد في نهاية الأمر رؤية النتائج على الصعيد الاقتصادي".

وأضاف: "إذا لم تكن النتائج كبيرة بما يكفي أو لم تتحقق بالسرعة الكافية سواء في صفقة أرابتك أو العاصمة الإدارية الجديدة أو مشروع قناة السويس فإن شعبية السيسي قد تتراجع بدرجة كبيرة نتيجة لذلك".

وفي مؤتمر عن الاستثمار في مصر عقد في مارس/آذار الماضي قال السيسي إن رجل الأعمال الإماراتي محمد العبار سيتولى من خلال شركة استثمار جديدة من أبوظبي اسمها كابيتال سيتي بارتنرز، قيادة عملية بناء العاصمة الإدارية الجديدة.

ويشمل مشروع العاصمة الجديدة إقامة مطار أكبر من مطار هيثرو في لندن وبناء برج أعلى من برج إيفل الفرنسي.

اقرأ أيضاً: الإمارات تتلقى مقترحاً مصرياً لحل أزمة المشاريع الكبرى

وبعد ما يقرب من أربعة أشهر من توقيع مذكرة التفاهم مع العبار، قال وزير الاستثمار المصري أشرف سلمان إن: "شركة العبار ستتولى فقط إنشاء جزء من المشروع مع مستثمرين آخرين، من بينهم شركة الصين للإنشاءات التي وقعت مذكرة تفاهم لدراسة بناء وتمويل جزء من المشروع"، وامتنعت كابيتال سيتي بارتنرز عن التعقيب.

وفي مثال آخر على الصعوبات التي تواجه هذه المشروعات وبعد عام من الإعلان عن بناء أول محطة للكهرباء تعمل بالفحم في مصر، قالت شركة النويس للاستثمار، ومقرها أبوظبي الشهر الماضي إن إجراءات المشروع لم تُستكمل.

وقال العضو المنتدب لشركة أبوظبي للأوراق المالية، محمد علي ياسين: "لا أعتقد أن الإمارات ستنسحب، لكن الشركات الإماراتية التي حاولت القفز إلى العربة تجد صعوبة في إنجاز التزامات لم يتم التخطيط لها جيدا".

وفيما يتعلق بصفقة أرابتك، قال مدير البحوث في شركة نعيم القابضة، ألين سانديب، إن "الطرفين يختلفان على شروط اقتسام الأرباح والعائد الذي تحصل عليه الحكومة مقابل توفير الأرض وإصرار الدولة على استخدام العمالة ومواد البناء من مصادر محلية في الغالب لمشروع ذي هوامش ضعيفة للغاية".

ولم يتضح ما إذا كانت مصر تمثل عنصراً رئيسياً في طموحات رئيس أرابتك التنفيذي السابق اسميك، الذي وعد في يونيو/حزيران عام 2014 بجعل الشركة واحدة من أكبر عشر شركات على المستوى العالمي بحلول عام 2018، واستقال بعد ذلك بأسبوع.

وترك خادم عبد الله القبيسي، الذي يعتبر حليفاً مقرباً لاسميك، دوره كرئيس لمجلس إدارة أرابتك وعضواً منتدبا لشركة الاستثمارات البترولية الدولية الشركة الأم لشركة آبار، ولم يتضح ما إذا كان رحيله يمثل مؤشراً على ضعف دعم أبوظبي لشركة المقاولات أرابتك.

وقال مصدر في وزارة الإسكان المصرية إن: "مصر ما زالت تنتظر أن تقدم أرابتك التي منيت بخسائر في أرباع السنة الثلاثة الأخيرة، خطة عمل توضح تفاصيل بناء 100 ألف وحدة سكنية على خمس سنوات، وإن الطرفين لم يتفقا حتى الآن على موعد بدء العمل"، كذلك فإن أرابتك لا تملك المال اللازم لتمويل المشروع دفعة واحدة.

ومن المستبعد أن تمول بنوك مصرية المشروع بسب عدم كفاية السيولة في الجهاز المصرفي، ورغم أن كلفة تمويل مشروع حفر قناة السويس الجديدة دبرت من خلال إصدار شهادات استثمار محلية فإن المحللين يقولون إنه: "من المستبعد أن يتكرر هذا النوع من التمويل الذي اعتمد على المشاعر الوطنية في تشجيع المصريين على شراء الشهادات".

وتساءل أنجوس بلير رئيس شركة سيجنت للتوقعات الاقتصادية عن الحكمة وراء المشروعات الضخمة. وقال إنه: "لا بد من وجود حلول أخرى لتنمية الاقتصاد.. فهذا عنصر من العناصر التي يمكن استغلالها كرؤية اقتصادية، لكن يجب أن تكون هذه المشروعات والبرامج مدروسة جيدا حتى يحدث تعظيم للقيمة واستمرارية في الأجل البعيد".


اقرأ أيضاً:
خلافات تهدد مشروع العاصمة الإدارية في مصر
6 مشاريع "عملاقة" وهمية في العام الأول للسيسي

المساهمون