وفد لبناني رفيع إلى سورية لبحث استجرار الطاقة بعد ضوء أخضر أميركي

وفد لبناني رفيع إلى سورية لبحث استجرار الطاقة بعد ضوء أخضر أميركي

03 سبتمبر 2021
يعاني لبنان من أزمة كهربائية حادة دفعته باتجاه البحث عن بدائل (فرانس برس)
+ الخط -

بعد ضوء أخضر أميركي، وفي أول زيارة رسمية حكومية رفيعة المستوى إلى سورية منذ اندلاع الحرب فيها قبل 10 سنوات، يزور وفد وزاري لبناني دمشق، غداً السبت، وفق ما أفادت وزارة الإعلام السورية، بهدف بحث استجرار الطاقة والغاز من مصر والأردن عبر سورية.

وأوردت وزارة الإعلام التابعة للنظام السوري، في دعوة للصحافيين في دمشق، أن وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد سيستقبل، السبت، عند "معبر المصنع - جديدة يابوس" الحدودي، الوفد اللبناني المؤلف من نائبة رئيس حكومة تصريف الأعمال وزيرة الدفاع والخارجية زينة عكر، ووزير المالية غازي وزني، ووزير الطاقة ريمون غجر، والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، على أن يعقد الطرفان لقاء في وزارة خارجية النظام السوري.

ولم يصدر تعليق لبناني رسمي، إلا أنّ مصدراً في وزارة الطاقة اللبنانية، قال لـ"فرانس برس"، إن زيارة السبت "تندرج في إطار التأكد من قدرة الدولة السورية على السير بمشروع" استجرار الغاز المصري عبر الأردن ثم سورية، وصولاً إلى شمال لبنان، مشيراً إلى أنه من المتوقع "إعادة إحياء" اتفاقية موقعة في عام 2009 تتضمن نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر سورية.

ويتفاوض لبنان منذ أكثر من سنة مع القاهرة لاستجرار الطاقة والغاز عبر الأردن وسورية، وفق ما كان مصدر مطلع على الملف قد أفاد "فرانس برس"، إلا أن العقوبات الأميركية على سورية شكّلت دائماً عقبة أمام الاتفاق.

وذكرت صحيفة "الوطن" المقرّبة من النظام السوري أن الوفد الذي يضم المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم سيلتقي بمسؤولين سوريين لبحث سبل تعزيز التعاون بين البلدين.

وتعتبر هذه الزيارة أعلى زيارة رسمية لمسؤولين لبنانيين إلى منذ اندلاع الاحتجاجات في البلاد عام 2011، بالرغم من أن العلاقات السياسية وحركة التبادل التجاري لم تتوقفا. 

وحافظ البلدان على علاقات دبلوماسية بينهما، إلا أن الزيارات الرسمية تراجعت إلى حدّ كبير، واقتصرت على مبادرات فردية من وزراء وشخصيات يمثلون أحزاباً حليفة لدمشق.

وشارك لبنان، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، عبر وفد مصغر، في مؤتمر دعت إليه روسيا في دمشق لبحث قضية اللاجئين.

وأعلنت الرئاسة اللبنانية، الشهر الماضي، تبلغها موافقة واشنطن على مساعدة لبنان على استجرار الطاقة الكهربائية والغاز من مصر والأردن مروراً بسورية فلبنان، البلد الغارق منذ نحو عامين في انهيار اقتصادي غير مسبوق شلّ قدرته على استيراد سلع حيوية، على رأسها الوقود.

ويعني التعهد الأميركي عملياً موافقة واشنطن على استثناء لبنان من العقوبات الدولية المفروضة على النظام السوري بسبب الحرب، والتي تحظر القيام بأي تعاملات مالية أو تجارية معه.

وتأتي هذه الزيارة عقب قرار الإدارة الأميركية الذي تبلّغه الرئيس اللبناني ميشال عون في 19 أغسطس/آب الماضي من السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا بمتابعة مساعدة لبنان لاستجرار الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سورية وذلك عن طريق توفير كميات من الغاز المصري إلى الأردن تمكّنه من إنتاج كميات إضافية من الكهرباء لوضعها على الشبكة التي تربط الأردن بلبنان عبر سورية، وسيتم تسهيل نقل الغاز المصري عبر الأردن وسورية وصولاً إلى شمال لبنان.

وأشارت السفيرة شيا، عند اتصالها بالرئيس عون، إلى أن "الجانب الأميركي يبذل جهداً كبيراً لإنجاز الإجراءات، وأن المفاوضات جارية مع البنك الدولي لتأمين تمويل ثمن الغاز المصري وإصلاح خطوط نقل الكهرباء وتقويتها والصيانة المطلوبة لأنابيب الغاز".

واللافت أنّ الوفد اللبناني الذي يزور دمشق يضمّ شخصيات رفيعة المستوى ويرتدي "العباءة الرسمية" باعتبار أن أكثرية الزيارات التي كانت تحصل منذ اندلاع الحرب السورية عام 2011 ارتبطت بمسؤولين سياسيين يندرجون خصوصاً في خانة "حزب الله" ومقرّبين من نظام بشار الأسد، وكانت السلطات في لبنان تتنصّل في غالب الأوقات منها تجنّباً لمقصلة العقوبات الأميركية وردود الفعل الداخلية المعارضة ولعدم خرق مبدأ النأي بالنفس، فيما كانت تقتصر الزيارات "المعدودة" الرسمية على قضايا محددة وتعني لبنان مباشرةً، وأبرزها تلك التي قام بها وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية أخيراً.

زيارة الوفد بمنأى عن العقوبات

ويلفت مدير "معهد المشرق للشؤون الاستراتيجية" سامي نادر، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إلى أن "زيارة الوفد اللبناني إلى دمشق غداً تبقيه بمنأى عن العقوبات الأميركية باعتبار أنّها تأتي بمسعى أميركي، عدا عن أن العقوبات تستوجب علاقة تجارية أو مالية سواء مع النظام السوري أو إيران".

ويشير نادر إلى أن "الإدارة الأميركية رفعت جزئياً العقوبات عن النظام السوري بهدف استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر إلى لبنان، وبالتالي فقد وضع استثناءات حصراً بالملف"، لافتاً إلى أن "هذا المشروع كان محط مفاوضات بين لبنان ومصر قبل أكثر من سنة، وقد عاد صندوق النقد الدولي ووضعه منذ فترة على الطاولة بعدما كان يصطدم بعقبتين، الأولى مرتبطة بشبكة البنى التحتية المدمرة في سورية بفعل الحرب، ولا سيما أنابيب الغاز وكذلك شبكة الكهرباء، والثانية متصلة بالعقوبات الأميركية على سورية وقانون قيصر".

وتأتي هذه الزيارة أيضاً بعد جولة قام بها وفد الكونغرس الأميركي على المسؤولين اللبنانيين في بيروت واستمرّت يومين. وتركزت الاجتماعات، بحسب بيان السفارة الأميركية في لبنان، على "آخر التطورات السياسية والاقتصادية والتعاون الأمني بين الولايات المتحدة ولبنان والمساعدات الإنسانية الأميركية".

وفي السياق، توقف نادر عند حديث سيناتور أميركي خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده وفد لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس وتشديده على الدور الذي تلعبه الإدارة الأميركية في حلّ أزمة المحروقات في لبنان، وإشارته الصريحة إلى أن لبنان يجب ألا يعتمد على إيران لحلّ أزماته.

وفقاً لذلك، ينطلق نادر ليؤكد أن زيارة الوفد اللبناني إلى دمشق وعامةً ملف استجرار الطاقة والغاز مختلف تماماً عن باخرة النفط الإيرانية التي يعد دخولها إلى لبنان خرقاً للعقوبات، والإدارة الأميركية أرسلت رسالة واضحة لإيران، التي حاولت جسّ النبض بهذا الإطار، أن رفع العقوبات جزئياً عن النظام السوري لا يعني أنها سترفع عنها أيضاً لحلّ أزمة المحروقات التي هي أصلاً أزمة سيولة فيما بواخر النفط ترسو على الشاطئ وتنتظر تفريغ حمولتها.

كما ردت الإدارة الأميركية على الخطوة الإيرانية التي أعلن عنها أمين عام حزب الله حسن نصر الله بخطوة مضادة مقابلة، أكدت من خلالها أن هناك بديلاً عن الباخرة الإيرانية وهو مشروع صندوق النقد الدولي. يقول نادر، ويضيف: "النفط الإيراني لا يمكن إلا أن نقرأه في إطار الصراع الدائر بين إيران والولايات المتحدة، ولا سيما في وقت توقف فيه مسار المفاوضات في فيينا".