مليونا تونسي يبحثون عن قروض صغيرة لتدبير أعمال بديلة

مليونا تونسي يبحثون عن قروض صغيرة لتدبير أعمال بديلة

23 ديسمبر 2020
أصحاب الحرف الأكثر احتياجاً للتمويل الصغير (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -

يطرق آلاف التونسيين يومياً أبواب مؤسسات وجمعيات القرض الصغير، بحثاً عن تمويلات تعيدهم إلى الدورة الاقتصادية، بعدما فاقمت جائحة فيروس كورونا الجديد أزمة البطالة وزادت موجات التسريح في القطاعات الخدمية نتيجة الغلق وتدابير الحجر الصحي، إذ تظهر بيانات متخصصة حاجة نحو مليوني شخص لقروض صغيرة.

ويبحث التونسيون المسرّحون من وظائفهم عن حلول فردية تعيد إدماجهم في سوق العمل عبر التمويلات الصغرى ومتناهية الصغر التي تقدمها الجمعيات أو مؤسسات القرض الصغير، في ظل انحسار مصادر تمويل المشاريع وتفاقم أزمة السيولة في القطاع المالي.

ويعلّق التونسي كمال البهلول (48 عاماً) آماله على موافقة مؤسسة القرض التي تقدم لها بطلب للحصول على تمويل بقيمة 4 آلاف دينار (1481 دولاراً) من أجل اقتناء معدات كهربائية تساعده على العمل لحسابه الخاص في إصلاح شبكات الكهرباء المنزلية، بعد أن فقد عمله في ذات الاختصاص في أحد نُزل مدينة طبرقة شمال غرب تونس.

يقول كمال لـ"العربي الجديد" إن النزل الذي كان يعمل فيه أحال كل العمال على البطالة الفنية، ليحصلوا على منحة حكومية بـ 200 دينار شهرياً، وهو مبلغ لا يكفي حتى لسداد إيجار بيته، وهو ما دفعه للعمل لحسابه الخاص في قطاع الكهرباء المنزلي.

ويعوّل المتحدث على موافقة واحدة من 3 مؤسسات للإقراض الصغير التي طرق أبوابها من أجل الحصول على التمويل، مشيراً إلى أنه حصل على موافقة مبدئية من إحدى مؤسسات القرض الصغير، غير أنه ينتظر منذ أسابيع صرف الأموال، مبدياً تفاؤلاً بمشروعه الجديد وعدم رغبته في العودة إلى العمل في القطاع السياحي مجدداً.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويطالب خبراء الاقتصاد بتوفير السيولة اللازمة لمؤسسات القرض الصغير لمساعدتها على الاستجابة لطلبات أصحاب الحرف لما بعد أزمة كورونا وتشجيع العمل للحساب الخاص.

وتنشط في تونس 7 مؤسسات قروض تمويل صغير تقدم قروضاً لأصحاب المهن والحرفيين والتجار، وتمثل النساء نحو 60% من عملاء هذه المؤسسات، فيما يستأثر القطاع الزراعي بنحو 40% من القروض المقدمة، وفق بيانات رسمية.

وتؤكد أسماء بن حميدة المديرة التنفيذية لمنظمة "أندا العالم العربي"، وهي منظمة للتمويل الصغير، حاجة مليوني تونسي إلى التمويل الصغير من أجل خلق مواطن رزق لهم، مشيرة إلى أن هناك زيادة مقدرة للتمويل الصغير بعد جائحة كورونا بنحو 50%.

وقالت بن حميدة لـ"العربي الجديد" إن الجائحة خلّفت أكثر من 270 ألف عاطل جديد عن العمل تقريباً وزادت معدلات البطالة في تونس بنحو 2%، وهو ما يزيد الطلب آلياً على احتياجات التمويل الصغير الذي سيكون له شأن مهم في إنعاش الاقتصاد وتخفيف التدخلات الحكومية لمساعدة الأسر الفقيرة عبر التحويلات الاجتماعية.

ورجّحت أن تسجل مؤسسات القرض الصغير زيادة لا تقلّ عن 25% في طلبات التمويل، ما يرفع هذه الاحتياجات إلى نحو مليوني قرض مقابل 1.5 مليون قرض قبل حائجة كورونا، مؤكدة أن فقدان الدخول وانحسار فرص العمل بسبب غلق المؤسسات سيدفعان الأسر والأفراد نحو التفكير في حلول فردية يقع تمويلها عبر القروض الصغيرة التي تقدمها مؤسسات القرض المتخصصة.

وأشارت بن حميدة إلى أن مؤسسات القرض الصغير تواجه تحديات جديدة بسبب عدم ملاءمة التشريعات الخاصة بهذا النشاط مع متطلبات السوق الجديدة، وهو ما يحدّ من قدرتها على الاقتراض والإقراض، مطالبة بإحداث صندوق للتمويل الصغير يساعد على توسعة شريحة المنتفعين لتشمل في المرحلة المقبلة الشباب وخريجي الجامعات.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وتخضع الجمعيات والمؤسسات المسندة للقروض الصغيرة لقانون الجمعيات وقانون المؤسّسات المسندة للقروض الصغرى، وهو ما يحد من قدرتها على الاستجابة لكلّ الطلبات التي تتزايد بفعل الجائحة الصحية وزيادة نسب البطالة في تونس.

وأظهر المسح الوطني حول السكان والتشغيل، الذي أجراه معهد الإحصاء الحكومي للربع الثالث من العام الجاري، أنّ عدد العاطلين عن العمل بلغ 676.6 ألف شخص، مقابل 746.4 ألفاً تم تسجيلهم خلال الربع الثاني، لافتاً إلى تراجع نسبة البطالة إلى 16.2% خلال الفترة من يوليو/ تموز إلى سبتمبر/ أيلول مقابل 18% في الأشهر الثلاثة السابقة.

وقال الخبير المالي راضي المؤدب لـ"العربي الجديد" إن الإقراض الصغير يعدّ الأهم في الظروف الحالية لتمكين الفقراء من الاندماج في سوق العمل والدورة الاقتصادية من جديد، وهو أمر ضروري لتقليل هوامش التدخل الاجتماعي للدولة في ظل الظروف المالية الصعبة، مطالباً بتوفير السيولة اللازمة لمؤسسات القرض الصغير لمواجهة الطلب المتزايد على القروض.

المساهمون