لبنان: ارتباك رسمي في تسعير الوقود وشركات تتوقف عن التسليم

لبنان: ارتباك رسمي في تسعير الوقود وشركات تتوقف عن التسليم

29 يونيو 2021
ازدحام أمام محطات الوقود للتزود بالبنزين (حسين بيضون)
+ الخط -

ساد الارتباك عملية تسعير الوقود في لبنان، لتعلن مصادر مطلعة حدوث خطأ في جدول الأسعار المعلنة في وقت سابق اليوم الثلاثاء، مشيرة إلى عقد الجهات المعنية اجتماعات لتصحيح الخطأ، بينما توقفت شركات استيراد الوقود عن التسليم انتظاراً للأسعار النهائية.

ونشرت الوكالة الوطنية للإعلام (حكومية)، في وقت سابق اليوم، ما قالت إنه جدول الأسعار الجديدة للوقود، بناء على خفض دعم المحروقات الذي وافقت عليه الحكومة الأسبوع الماضي، في إطار تحركاتها لتخفيف أزمة نقص المنتجات النفطية التي تسببت في شلل بالبلاد.

وأظهر جدول الأسعار ارتفاع سعر صفيحة البنزين "95 أوكتان" سعة 20 ليتراً بقيمة 15900 ليرة، لتصل إلى 61100 ليرة، بصعود بلغت نسبته 35%، كما ارتفعت صفيحة بنزين "98 أوكتان" بقيمة 16300 ليرة لتبلغ 62900 ليرة، وصعد المازوت 12800 ليرة إلى 46100 ليرة للصفيحة، وزاد الغاز 9200 ليرة إلى 37600 ليرة.

لكن مصادر مطلعة قالت، لـ"العربي الجديد"، إنه "حدث خطأ في جدول الأسعار المعلن، وهناك اجتماعات تعقد لتصحيح الخطأ"، مضيفة أنه "من المتوقع أن ترتفع الأسعار بحوالي عشرة آلاف ليرة لبنانية"، بينما كانت زيادة الأسعار المعلنة مسبقاً تتراوح بين 15900 ليرة و16200 ليرة للبنزين.

ودفع هذه الارتباك بعض شركات الوقود إلى عدم تسليم البضائع ريثما يتم تصحيح الأسعار، فيما شهدت محطات الوقود ازدحاماً كثيفاً، وامتدت طوابير السيارات التي تنتظر دورها لتعبئة خزاناتها بالبنزين لمسافات طويلة.

وكانت غالبية المحطات مقفلة بالأساس في انتظار بدء سريان القرار الجديد، بناءً على الموافقة الاستثنائية التي أعطيت لتأمين استيراد المحروقات على أساس تسعيرة 3900 ليرة للدولار لمدة ثلاثة أشهرٍ، بدلاً من سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة للدولار.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

سريعاً، ردّت المديرية العامة للنفط على هذه الأخبار، مؤكدة عدم وجود خطأ في التسعيرة حسب الجدول المعتمد، وقالت: "تمت دراسة جدول الأسعار وفق قرار رئاسة مجلس الوزراء لاعتماد سعر 3900 ليرة كسعر لصرف الدولار".

واجتمعت المديرة العامة للنفط أورور فغالي مع أصحاب الشركات، لكونهم اعترضوا على احتساب بعض عناصر التسعيرة، مطالبين باحتسابها على سعر صرف الدولار النقدي، وقد أبدت فغالي تفهمها لمطالبهم واستعدادها لدرسها وعرضها مع وزير الطاقة، وتم الاتفاق بنهاية الاجتماع على تزويد السوق بالمحروقات.

من جهته، أوضح ممثل موزعي المحروقات فادي أبو شقرا، لـ"العربي الجديد"، بعدما كان تحدث عن وجود هفوة في جدول الأسعار، أن "شركات المحروقات هي التي تحدثت عن خطأ بالاحتساب ورفضت على أساس ذلك التسليم قبل تصحيح الوضع، أما التسعيرة بالنسبة إلينا فلا تقدّم ولا تؤخر، والمهمّ أن نتسلّم البنزين، ونأمل حصول التفاهم لتسلم الكميات بالشكل المطلوب والكافي لوقف طوابير الذل اليومية".

وأعلنت المديرية العامة للنفط في وزارة الطاقة والمياه، في بيان، أمس الاثنين، أنّ الشركات المستوردة للنفط ستقوم بتسليم المحروقات لزوم السوق المحلي استناداً إلى جدول الأسعار الجديد، كما أنّ مصرف لبنان (البنك المركزي) باشر بفتح اعتمادات البواخر النفطية الراسية قبالة السواحل اللبنانية، و"عليه، بدأت البواخر النفطية إفراغ حمولتها، وهذا سيوفر بصورة مستدامة تأمين السوق المحلي بالمحروقات".

اجتمعت المديرة العامة للنفط أورور فغالي مع أصحاب الشركات، لكونهم اعترضوا على احتساب بعض عناصر التسعيرة، مطالبين باحتسابها على سعر صرف الدولار النقدي، وقد أبدت فغالي تفهمها لمطالبهم واستعدادها لدرسها وعرضها مع وزير الطاقة

وكانت المديرية العامة للنفط قد اعتمدت ما قالت إنها إجراءات وتدابير احترازية لعدم تحقيق أرباح على حساب المواطن، بعدما أقدمت عدة محطات على الإقفال للاحتفاظ بمخزونها المدعوم على سعر 1514 ليرة للدولار، بغرض بيعه اليوم وفق تسعيرة 3900 ليرة للدولار، ما دفع المديرية إلى الطلب من الأجهزة الأمنية المساعدة على فتح هذه المحطات مع اتخاذ الإجراءات اللازمة بحقها.

وقررت المديرية إقفال كل الشركات النفطية المستوردة الخاصة ومنشآت النفط في طرابلس شمالاً والزهراني جنوباً، والامتناع عن تسليم أي بضاعة للسوق المحلي، وطلبت من مديرية الجمارك جرد المخزون في كل مخازن شركات الاستيراد في القطاع الخاص ومخزون المنشآت النفطية.

ودعا مسؤولون اللبنانيين إلى الاطمئنان، لأن أزمة الوقود ستشهد انفراجة بعدما بدأت ستّ سفن بتفريغ المحروقات تباعاً، بينما يؤكد مواطنون أنّ رفع أسعار المحروقات سيفاقم من الصعوبات المعيشية، إذ ستطاول زيادة الأسعار مختلف السلع والقطاعات التي تعتمد على البنزين والمازوت، ما يعني مزيداً من المعاناة والجوع والفقر.

ولبنان في خضم أزمة مالية وصفها البنك الدولي مؤخراً بأنها "إحدى أشد حالات الركود في التاريخ الحديث"، إذ وصلت معدلات الفقر، وفق البيانات الرسمية، إلى نحو 55% من السكان. 

وفي سياق التحركات الشعبية احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وارتفاع سعر صرف الدولار، وما رافقها من تسجيل أحداث أمنية، عدا عن الإشكالات التي تقع يومياً أمام محطات الوقود، يعقد المجلس الأعلى للدفاع، اليوم الثلاثاء، في قصر بعبدا الجمهوري بدعوةٍ من الرئيس ميشال عون.

وتستمرّ التحركات الاحتجاجية في لبنان رفضاً لارتفاع سعر صرف الدولار وتدهور قيمة الليرة، التي فقدت أكثر من 90% من قيمتها، بينما تعجز السلطات الرسمية وأجهزتها الأمنية والقضائية عن ضبط السوق السوداء، وسط اتهامات توجّه إليها بتغطية كبار الصرافين وتجار العملة وتحصينهم من أي مساءلة أو محاسبة.

وشهدت مناطق عدّة في الشمال والبقاع والجنوب وبيروت قطعاً للطرقات، أمس الاثنين، احتجاجاً على تردي الأوضاع المالية والمعيشية وتفاقم الأزمات التي تزيد من معاناة المواطنين وتهدد أمنهم الغذائي والصحي.

كذلك، أقفلت المصارف أبوابها، اليوم الثلاثاء، تنفيذاً لقرار جمعية المصارف التي استنكرت في بيانٍ، أمس الاثنين، الاعتداء الذي وصفته بـ"المشين"، الذي تعرّض له موظفون ومقر الإدارة العامة لـ"البنك اللبناني السويسري" في منطقة الحمرا ببيروت، على يد مجموعة من إحدى الجمعيات.

وطالبت جمعية المصارف في لبنان، وفق بيان لها، "الأجهزة القضائية والأمنية المختصة بملاحقة المعتدين ومحاكمتهم إنفاذاً للقوانين المرعية، وبتوفير كل الشروط اللازمة لضمان حسن سير عمل القطاع المصرفي اللبناني وسلامة موظفيه وزبائنه".

المساهمون