فقراء لبنان يجابهون الجوع بـ"الفلافل"

فقراء لبنان يجابهون الجوع بـ"الفلافل"

27 يونيو 2021
الإقبال على شراء الفلافل زاد بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة (فرانس برس)
+ الخط -

تتصدر وجبة "الفلافل" هذه الأيام قائمة خيارات الطعام لدى الكثيرين من اللبنانيين، نظراً إلى انخفاض سعرها مقارنة بأسعار اللحوم التي شهدت مؤخراً ارتفاعاً غير مسبوق، في تحول لأنماط الاستهلاك في البلد الذي يشهد أزمة مالية خانقة، بينما كانت "الشاورما" الوجبة الشعبية الأولى حتى وقت قريب.

هذا الواقع جعل معظم مطاعم اللحوم شبه خالية، فيما تعج محلات بيع "الفلافل" بالزبائن، في مشهد يعكس واحداً من تبدلات كثيرة طرأت على أسلوب حياة اللبنانيين، جراء الأزمة الاقتصادية.

وخلافاً للأكلات اللبنانية التقليدية، التي تدخل في معظمها اللحوم، كالكبة والكفتة وغيرهما، فإن الفلافل مصنوعة من الحمص والفول، وسعرها منخفض، ما جعلها "سلاحاً فعالاً" بوجه الجوع الذي يهدد فقراء البلد الذين تقدر المنظمات الدولية نسبتهم بنحو 55% من السكان، فيما تقول الحكومة إنها تعتزم قريباً منح هؤلاء مساعدة مالية شهرياً لشراء حاجاتهم الغذائية وغيرها، من خلال مشروع "بطاقة تمويلية"، لكن ذلك ينتظر موافقة البرلمان.

والفلافل تصنع على شكل أقراص يتم قليها بالزيت، وعادة ما تقدم مع الخبز والخضروات والطحينة، وهو طعام تقليدي واسع الانتشار في مطابخ العديد من الدول العربية، خاصة في مصر.

وحتى وقت قريب، كانت "الشاورما" الأكلة الشعبية الأولى في لبنان، إلا أن غلاء لحوم الأبقار والدجاج التي تدخل في إعدادها جعلها تتراجع أمام قرص الفلافل وخصائصه "الاقتصادية" والغذائية معاً.

حتى وقت قريب، كانت "الشاورما" الأكلة الشعبية الأولى في لبنان، لكن أسعار اللحوم التي تضاعفت نحو 6 مرات منذ بداية الأزمة دفعت الكثيرين لتغيير أنماط الاستهلاك. 

 

وارتفعت أسعار اللحوم في لبنان بنحو 6 أضعاف، وفق تقرير لوكالة الأناضول، اليوم الأحد، حيث أصبح سعر كيلوغرام لحم البقر حوالي 120 ألف ليرة، والغنم نحو 160 ألف ليرة، أما لحم الدجاج، فأصبح سعر الكيلوغرام منه نحو 50 ألف ليرة بعدما كان 12 ألف ليرة قبيل الأزمة الاقتصادية.

ومنذ أكثر من عام ونصف العام، تعصف بلبنان أزمة اقتصادية حادة هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، أدت إلى تضخم مالي وتراجع كبير في القدرة الشرائية لمعظم السكان، وارتفاع قياسي بمعدلات الفقر.

 

وتسببت الأزمة بتدهور قيمة العملة المحلية مقابل الدولار من 1507 ليرة إلى نحو 15 ألف ليرة لبنانية للدولار الواحد، ما انعكس ارتفاعا كبيراً في أسعار السلع المستوردة، لا سيما المواد الغذائية منها، والتي يستورد لبنان 85% من حاجته إليها.

ومن أمام أحد محال بيع الفلافل في بيروت، قال المواطن باسم عواد إن "سعر السندويتش الواحد من شاورما اللحم يعادل سعر 4 سندويشات من الفلافل، وهذه المقارنة كفيلة لمعرفة سبب الإقبال الكثيف على هذه الأكلة".

ولفت عواد إلى أن سندويتش فلافل بسعر 6 آلاف ليرة (0.4 دولار وفق سعر الصرف الدولار بالسوق الموازية) يشكل لكثيرين وجبة طعام شهية ومغذية، تعوضهم عن اللحوم والدجاج.

وفي مطلع يونيو/ حزيران الجاري، حذر البنك الدولي من أن "لبنان يغرق"، ورجّح أن تحتل الأزمة المالية والاقتصادية في البلد مرتبة من الثلاث الأولى من الأزمات الأكثر حدة على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر.

ومنذ 18 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، تحتجز المصارف اللبنانية حسابات الودائع بالدولار، كما وضعت سقوفاً على السحوبات من حسابات الليرة اللبنانية، ما فاقم من الصعوبات المعيشية التي يواجهها الكثيرون نتيجة تردي اقتصاد البلاد.

وقال محمود خليفة، مدير مطعم "فلافل خليفة" في منطقة البسطة في بيروت، إن الإقبال على شراء الفلافل زاد بشكل كبير في الفترة الأخيرة، ولم يشهد له مثيل منذ تسعينيات القرن العشرين.

 

وأضاف خليفة أن كيلوغرام لحم البقر يبلغ سعره نحو 120 ألف ليرة، وبالكاد يكفي عائلة مؤلفة من 4 أشخاص، أما الفلافل فيبلغ سعر الدزينة منه (12 قرصاً) مع الخضار والطحينة 18 ألف ليرة، وهذه الكمية تكفي عدد الأشخاص ذاته.

ويبلغ سعر سندويتش الفلافل الصغير في بيروت 6 آلاف ليرة، أما الكبير فيبلغ سعره 8 آلاف ليرة، ولا تختلف التسعيرة كثيراً بين مطعم وآخر في العاصمة.

وبحسب دراسة سابقة أجراها برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، فإن 50% من اللبنانيين يشعرون بالقلق من عدم قدرتهم على توفير الغذاء.

ولم يُخفِ مدير المطعم البيروتي الشهير تأثر مطعمه بالأزمة الاقتصادية كمعظم المؤسسات التجارية في لبنان، لكنه قال إن معاناة الناس كبيرة جداً، ومعظمهم بات تحت خط الفقر ويواجهون صعوبة في تأمين الغذاء بشكل ملائم.

وما يزيد حدة أزمة لبنان الاقتصادية خلافات سياسية بين المسؤولين تحول دون تأليف حكومة تخلف حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب التي استقالت بعد أيام قليلة على انفجار مرفأ بيروت الكارثي في 4 أغسطس/ آب الماضي، والذي أسفر عن سقوط أكثر من 200 قتيل و4 آلاف جريح.

المساهمون