لا تسكبوا الزيت على نار الدولار

لا تسكبوا الزيت على نار الدولار

23 اغسطس 2022
الحسيني نصح المواطنين بوضع الدولارات التي بحوزتهم في البنوك قبل 15 سبتمبر (وسائل التواصل)
+ الخط -

أمس الاثنين خرج علينا المذيع المصري يوسف الحسيني ناصحا المواطنين بوضع الدولارات التي بحوزتهم في البنوك قبل 15 سبتمبر/أيلول المقبل، من دون أن يقدم أسبابا وجيهة لدعوته المغلفة بتخويف أصحاب المدخرات الدولارية، بكلام عام من نوعية وجود توقعات بتدفقات استثمارية على الدولة لم يحدد مصدرها وتوقيتها، وما إذا كانت أموالاً أجنبية ساخنة أم سيولة نقدية خليجية جاءت لتشتري المزيد من دُرر البنوك والشركات المصرية وأجود أصول الدولة وأحدثها المصرف المتحد ومدينة الإنتاج الإعلامي وغيرها.

وفي رأيي أن هذه الدعوات الغامضة وغيرها تربك المشهد الاقتصادي أكثر مما هو فيه من إرباك وتخبط، ولا تفيد قطاع البنوك وسوق الصرف الأجنبي في شيء، ولن تدفع أصحاب المدخرات الدولارية للتدافع نحو البنوك لإيداع ما في حوزتهم من دولارات أو التنازل عنها وتحويلها إلى جنيه مصري.

ذلك لأن مثل هذه الدعوات لا تصدر عن أناس ذوي ثقة ومصداقية ولا تستند إلى أسس اقتصادية ومنطقية واضحة، أو معلومات تشير مثلاً إلى موافقة صندوق النقد الدولي على القرض الجديد الذي طالبت به مصر وتقدّر الحكومة قيمته بأقل من 15 مليار دولار، أو وصول ودائع خليجية جديدة تضاف إلى احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، بل قد يصنف بعضهم هذه الدعوات على أنها جزء من إعلام السامسونغ، لذا لن تجد قبولاً ومصداقية لدى المصريين.

على من يتصدرون المشهد الإعلامي وصفوف الناصحين للناس بكيفية المحافظة على مدخراتهم وأموالهم أن يكونوا أمناء ومحل ثقة أولاً. ويكفي ما جرى للناس عندما خرج علينا أهم مسؤول مصرفي واقتصادي ومالي في الدولة وهو محافظ البنك المركزي السابق طارق عامر يبشرنا بتهاوي سعر الدولار لأربعة جنيهات.

كما خرج علينا مسؤول اقتصادي أمني سابق هو اللواء فاروق المقرحي يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 في برنامج تلفزيوني ليقول بكل ثقة إن سعر الدولار سيتهاوى إلى 7 جنيهات في عام 2017، وأنه لن يجد أحداً يشتريه في نهاية عام 2018.

موقف
التحديثات الحية

ساعتها كان الإعلام يروج أكاذيب بهدف دفع المدخرين لبيع ما في حوزتهم من نقد أجنبي أو التوقف عن شراء الدولار.. كفى هزلاً وخداعاً في قضية خطيرة وحساسة تهم الجميع.

من لديه تحليل صادق مبني على معلومات وبيانات دقيقة وموثقة فليقدمه بتجرد للناس، أو ليترك البنك المركزي يدير الملف بشكل فني ومحترف بعيداً عن الضغوط والشائعات والنصائح السامة.

أموال الناس ليست لعبة تخضع للأكاذيب والفهلوة. من يتصدر المشهد والنصح يجب أن يكون صادقاً وأميناً ونزيهاً وإلا فليصمت، فالناس لا ينقصها خسائر، والسوق لا يحتاج إلى مزيد من الارتباك.

وسوق الصرف الأجنبي ليس بحاجة إلى مزيد من الهزل والخداع وسكب الزيت على النار. هو بحاجة إلى استقرار لأن ذلك من مصلحة الجميع، المواطن والاقتصاد والدولة بشكل عام.

المساهمون