فيتش تخفض توقعات اقتصاد الصين إلى سلبية بسبب تفاقم الديون

فيتش تخفض توقعات اقتصاد الصين إلى سلبية بسبب تفاقم الديون

10 ابريل 2024
ورشة في تشينغجيانغبو بمدينة هواي آن بمقاطعة جيانغسو شرقي الصين، 10 إبريل 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- وكالة فيتش خفضت توقعات اقتصاد الصين من مستقرة إلى سلبية بسبب زيادة الديون الحكومية وتباطؤ قطاع العقارات، متبعة خطوات مماثلة من وكالة موديز.
- التخفيض لم يؤثر بشكل مباشر على الأسواق المالية الصينية، حيث استقرت عائدات السندات واليوان، وفقًا للخبراء الاقتصاديين الذين يرون أن المشكلات المالية وأزمة العقارات معروفة بالفعل.
- الحكومة الصينية ردت على تخفيض التوقعات بالتأكيد على دور السياسة المالية في دعم النمو والسيطرة على الديون، معربة عن أسفها لقرار فيتش ومشيرة إلى الدور الإيجابي للسياسات المالية.

عدلت وكالة التصنيف الائتماني فيتش توقعات اقتصاد الصين من مستقرة إلى سلبية، قائلة إن ديون الحكومة من المرجح أن تتراكم في إطار سعيها لانتشال الاقتصاد من التباطؤ الناجم عن تعثر قطاع العقارات، وذلك في إجراء يتطابق مع تدبير مماثل اتخذته وكالة موديز لخدمات المستثمرين في ديسمبر/كانون الأول 2023. وقالت فيتش، في بيان أوردت تفاصيله شبكة بلومبيرغ الأميركية اليوم الأربعاء، إن تزايد غموض آفاق ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وسط حملة بكين لجعل النمو أقل اعتماداً على الإسكان، "يمكن أن يُبقي الديون في اتجاه تصاعدي مطرد".

وسرعان ما تراجعت الحكومة الصينية التي كانت تتحدث عن احتمال حدوث تحوّل في الاقتصاد، قائلة إن وكالات التصنيف الائتماني فشلت في عكس دور السياسة المالية في دعم النمو بما يساعد على استقرار أعباء الديون. عملياً، لم تتأثر الأسواق المالية، حيث لم يطرأ تغير يذكر على عائد السندات السيادية الصينية لأجل 10 سنوات عند حوالي 2.29%، فيما استقر اليوان أيضاً.

في هذا الصدد، قالت الخبيرة الاقتصادية في بنك سوسيتيه جنرال ميشيل لام: "لا أعتقد أن لهذا تأثيرا كبيرا على السوق"، مضيفة أن الخطر الذي يواجه المستثمرين من ارتفاع الديون الصينية هو أنه سيُبطئ النمو، ولن يزيد مخاطر التخلف عن السداد السيادية، معتبرة أن "مشكلة الديون وأزمة العقارات في الصين معروفتان جيداً ومفهومتان في أوساط شركاء السوق".

ويأتي إعلان فيتش في وقت حرج بالنسبة للاقتصاد الصيني. ففي الأسبوع المقبل، من المقرر أن تصدر الحكومة بعض المؤشرات الرئيسية، بما في ذلك النمو خلال الربع الأول من العام الجاري، في حين سيقرر البنك المركزي سعر الفائدة الرئيسي على القروض. وتراقب الأسواق المالية من كثب أي أدلة حول ما إذا كان الاقتصاد قد تجاوز الأسوأ بعدما صدرت بعض الأرقام المشجعة للتصنيع والصادرات في وقت سابق من هذا العام.

بدوره، قال الخبير الاقتصادي في بنك كريدي أغريكول شياو جيا تشي إن هذه البيانات هي ما تركز عليه الأسواق، لكن قرار فيتش "ربما لا يزال يضر بمشاعر السوق على المدى القريب بشأن الصين بينما مستوى الثقة منخفض بالفعل".

عبء الديون يُثقل خزينة الحكومة الصينية

هذا، وارتفع الدين العام في الصين بسرعة على مدى السنوات العشر الماضية تقريباً، حيث ضخت الحكومة الأموال في شرايين الاقتصاد محاولةً الحفاظ على معدلات النمو الرائدة عالمياً، والتي سجلتها على مدى العقود السابقة. ووسط ركود عقاري بات يهدد بإبطاء الإنتاج، حددت الحكومة بعض إجراءات التحفيز الجديدة، مثل الإعانات المقدمة للأسر والشركات التي ترغب في ترقية الأجهزة أو الآلات، وأشارت إلى أن المزيد قد يأتي لاحقاً.

واقترب الدين العام من 80% من الناتج المحلي الإجمالي اعتباراً من منتصف العام الماضي، أي قرابة ضعف المستوى الذي كان عليه في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وفقاً لبنك التسويات الدولية. وهذا أقل بكثير من العديد من الاقتصادات المتقدمة مثل اليابان والولايات المتحدة، رغم أنه مرتفع نسبياً بالنسبة للأسواق الناشئة. ويُظهر مقياس بكين الخاص للدين الحكومي أنه يبلغ 56% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2023، وهو ارتفاع حاد منذ وباء كورونا.

ومع ذلك، بما أن الصين تقترض بعملتها الخاصة، فهي ليست معرّضة لخطر أزمة الديون التي ضربت الدول النامية الأخرى في الماضي، وفقاً للرئيس التنفيذي لشركة Ecognosis Advisory Co أندرو فريريس، الذي قال إن "الشيء الوحيد الذي يجب عليهم القلق بشأنه هو وضعهم الداخلي، وهذا أمر يمكن تحقيقه بسهولة أكبر، لأن ثلث النظام المصرفي ملك الحكومة".

ولا تزال الملكية الأجنبية في سوق السندات السيادية الصينية صغيرة، أقل بقليل من 8%، وفق حسابات بلومبيرغ لأحدث البيانات الرسمية، ومن المحتمل أن يحد هذا من أي تأثير لتغيير التوقعات الائتمانية. وبالفعل، كان المستثمرون الأجانب مشترين صافين للسندات الصينية منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، رغم خفض وكالة موديز توقعاتها.

وفي حين خفضت فيتش توقعاتها، فإنها أبقت على تصنيف عجز مصدر العملة الأجنبية للصين على المدى الطويل عند درجة "إيه بلاس" A+، مشيرة إلى أن إحدى النقاط الرئيسية التي يجب الانتباه إليها هي "الدرجة التي يؤدي بها الدعم المالي إلى إعادة تنشيط نمو الناتج المحلي الإجمالي الأساسي".

وفي الرد على وكالة فيتش، دافعت وزارة المالية الصينية عن سياستها المالية باعتبارها داعمة للنمو، قائلة إن الحكومة ستكون قادرة على "السيطرة على نسب ديونها بشكل جيد وتوفير مساحة سياسية للتعامل مع المخاطر والتحديات المحتملة مستقبلاً".

وقالت الوزارة في بيان صدر بعد دقائق من إعلان فيتش: "نأسف لخفض فيتش التوقعات الائتمانية للصين"، معتبرة أن أساليب التصنيف "فشلت في التفكير في الدور الإيجابي" للسياسة المالية الصينية في استقرار النمو الاقتصادي، وكذلك نسبة الرافعة المالية الكلية "بطريقة فعالة ومتطلعة للمستقبل".

وأصبح المسؤولون الصينيون أكثر حساسية بشأن التعليقات السلبية على الاقتصاد في ظل سعيهم لتعزيز الثقة ووقف تدفقات رأس المال إلى الخارج. ودعا كبار قادة البلاد في ديسمبر/كانون الأول 2023، إلى بذل الجهود لتضخيم وجهات النظر المتفائلة، وتوصلوا إلى استراتيجيات جديدة، بما في ذلك الإفصاح المسبق عن البيانات المشجعة.

وفي هذا المجال، قالت خبيرة استراتيجية الأسعار في OCBC فرانسيس تشيونغ إن خطوة فيتش لن تؤثر على الأرجح على قرارات السياسة الصينية، مثل إعلان البنك المركزي عن تسهيلات الإقراض متوسطة الأجل لمدة عام واحد، وهو سعر فائدة رئيسي، والتي من المقرر أن يكون موعدها 15 إبريل/ نيسان الجاري، واستبعدت أن يؤدي ذلك، على المدى الطويل، إلى خفض التصنيف الائتماني بفضل "القوة الضريبية للصين وآفاق النمو".

المساهمون