فاتورتا كهرباء تُنهكان العراقيين: "دولة" واشتراك

فاتورتا كهرباء تُنهكان العراقيين: "دولة" واشتراك

30 يونيو 2021
تنتشر المولدات في الأحياء السكنية (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

دفعت أزمة الكهرباء في العراق وتزايد الاحتجاجات ضد التقنين، وزير الكهرباء ماجد حنتوش إلى تقديم استقالته من منصبه، الثلاثاء، إلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.

إذ ترتفع درجات الحرارة إلى معدلات قياسية في العراق، فيما تتراجع معدلات تجهيز الحكومة للطاقة الكهربائية التي شهدت انهياراً في بعض المناطق من جراء هجمات استهدفت محطات الطاقة وأبراج نقل الحمولات العالية المستوردة من إيران.

وسط هذا الواقع، زاد اعتماد العراقيين على مولدات الكهرباء إلى 80 في المائة، ليرزح العراقيون تحت وطأة فاتورتين، واحدة لكهرباء "الدولة"، وأخرى للاشتراك بالمولدات التي تسيطر على جزء كبير منها الأحزاب النافذة.

وتنتشر هذه المولدات في الأحياء السكنية وتبيع الكهرباء على مقياس "الأمبير" وبأسعار تصل إلى 30 ألف دينار (نحو 20 دولاراً) للأمبير الواحد. إذ تحولت تجارة الكهرباء من خلال مولدات الطاقة قطاعاً مربحاً استهوى شخصيات نافدة في أحزاب وفصائل مسلحة وحتى مسؤولين في الحكومة.

ووفقاً لمسؤول في وزارة الكهرباء العراقية، فقد تجاوز عدد المولدات الأهلية التي تعمل داخل العراق أكثر من مليون مولد.

وأضاف أن هناك أيضاً مولدات غير مسجلة ولا تتسلم حصة من الوقود المدعوم من الحكومة، كونها تعمل لصالح منازل خاصة وليست خدمة عامة مشتركة.

وأقر المسؤول بدخول "أحزاب وسياسيين وفصائل مسلحة في مجال التجارة بالمولدات وبيع الكهرباء، حيث تم نصب عدد منها بشكل مخالف في ساحات عامة وحدائق وأرصفة بسبب نفوذ أصحاب تلك المولدات وعلاقاتهم مع الشرطة ودوائر البلدية".

ولفت إلى أن المولدات باتت أبرز مسببات التلوث البيئي، فضلا عن استهلاك كميات ضخمة من الوقود المستورد من الكويت وإيران. واعتبر أن بعض الهجمات على الشبكات الكهربائية عبارة عن عمليات تخريب في بعض المناطق تحمل بصمات جنائية وأخرى إرهابية.

من جهته، قال المهندس في قسم الصيانة في مديرية كهرباء محافظة صلاح الدين شمالي البلاد، أحمد العبيدي، إن "أكثر من 28 برجاً لنقل الطاقة الكهربائية تعرضت لعمليات تخريب عن طريق التفجير بعبوات ناسفة"، مبيناً أن هذه الأعمال ساهمت في تردي تغذية الكهرباء أكثر بكثير من الأشهر السابقة".

وأضاف أن "العراق كلما شهد تحسناً في ملف الكهرباء وزيادة ساعات التجهيز زادت عمليات التخريب الممنهجة لأبراج نقل الطاقة الكهربائية، وقد يكون المنتفعون من تجارة الكهرباء أحد أسباب تلك الهجمات".

وفي ظل تدهور التغذية في عموم العراق تضطر الأسر لتدبير حاجتها اليومية من الطاقة الكهربائية إلى الاشتراك مع أصحاب المولدات الأهلية بخطوط سحب تنوعت عروضها ما بين صباحية ونهارية وليلية، وأخرى ذهبية، تستنزف جيوبهم.

وقال المواطن أيسر الفريجي في حديث مع "العربي الجديد" إن "العراقيين في ظل ارتفاع درجات الحرارة لما يقرب من 50 درجة مئوية يعانون من عدم توفر الكهرباء، وإذا توفرت فإنها لا تتجاوز الساعة أو الساعتين في اليوم".

وأضاف أن "ثلث راتبه يذهب شهرياً كاشتراك شهري لمولدات الكهرباء، حيث تصل كلفة الخط إلى 200 دولار شهرياً".

من جانبها، قالت المواطنة أم عبد الله: "تخرج علينا الحكومة العراقية بين الفينة والأخرى وهي تتحدث عن مشاريع ومحطات توليد طاقة كهربائية جديدة، لكن الواقع يقول عكس ذلك". وأشارت لـ"العربي الجديد" إلى أن "الحكومات التي تعاقبت على حكم العراق منذ 2003 ولغاية اللحظة جعلت العراقيين يعيشون تحت رحمة أصحاب المولدات".

بدوره، قال النائب في البرلمان العراقي كامل الغريري في حديث مع "العربي الجديد" إن "أزمة الكهرباء في العراق من الأزمات التي عجزت الحكومات العراقية عن حلها، بسبب عدم وجود إرادة حقيقية ونية صادقة، فضلا عن تحول وزارة الكهرباء إلى منظومة فساد متغولة تديرها أحزاب سياسية متنفذة في الدولة".

وتابع أن "أزمة الكهرباء صرفت عليها خلال السنوات الماضية أكثر من 70 مليار دولار من دون أن نلمس أي تحسن فيها"، لافتاً إلى أن "أزمة الكهرباء لا تُحل إذا بقي العراق يستورد الطاقة الكهربائية من إيران".

وأشار إلى أن "الحكومة العراقية لا تمتلك حلولاً لتوفير الكهرباء سوى المولدات الأهلية، رغم أنها باب واسع من أبواب الفساد والسرقة".

الأموال التي استنزفتها المولدات الأهلية من المواطنين لو استثمرت بصورة صحيحة ووضعت بأيادٍ حكومية أمينة لكانت كفيلة بحل أزمة الكهرباء في العراق إلى الأبد

وأكد على أن "الأموال التي استنزفتها المولدات الأهلية من المواطنين لو استثمرت بصورة صحيحة ووضعت بأيادٍ حكومية أمينة لكانت كفيلة بحل أزمة الكهرباء في العراق إلى الأبد".

واعتبر الغريري أن "المشكلة الأكبر أن أزمة الكهرباء في العراق مرتبطة بإمدادات الغاز الإيراني". وقالت الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم، في حديث مع "العربي الجديد"، إن انخفاض قيمة الدينار العراقي 25 في المائة أثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي والمعيشي للمواطنين.

وأضافت أن "المواطن العراقي بات يذبح بأكثر من سكين، سكين الغلاء من جهة وسكين الكهرباء من جهة أخرى".

وأشارت سميسم إلى أن "هناك جهات سياسية وحزبية مستفيدة من بقاء أزمة العراق على هذه الحال، والاعتماد على المولدات الأهلية".

فيما لفتت إلى أن "المواطن العراقي بات يتحمل أعباء كبيرة تفوق طاقته كالكهرباء وارتفاع سعر صرف الدولار وغلاء الأسعار".

المساهمون