عيد الحب في سورية ضحية الغلاء والفقر

عيد الحب في سورية ضحية الغلاء والفقر

14 فبراير 2024
من أجواء عيد الحب في العاصمة السورية دمشق اليوم الأربعاء (لؤي بشارة/فرانس برس)
+ الخط -

حل عيد الحب اليوم على السوريين الغارقين في فقر ومعاناة معيشية يفاقمها انهيار الليرة والغلاء الفاحش في الأسواق الاستهلاكية.

"العربي الجديد" استطلع آراء الناس بهذه المناسبة، ليظهر أن آراء السوريين تختلف بين راغب في الاحتفال بعيد الحب ومحاولة تكريسه كعرف سنوي في 14 فبراير/شباط، ومن يعتبره بدعة من اختراعات الغرب استغلها التجار وبعض الحرفيين لتنشيط أعمالهم التجارية.

وغالباً مع حسم هذا الجدال بعيداً عن الأسطورة لصالح جيل من اليافعين والشباب، كرس هذا اليوم معنوياً للاحتفال بالحبيب دون أي اعتبار للقيمة المادية.

في السويداء تنوعت هدايا العيد بين أحجام من الفرو لأشكال من الدببة الحمراء والإكسسوارات على أشكال الأساور الممغنطة والصناديق الملونة والمزخرفة، إضافة إلى أنواع الهدايا التقليدية كالعطور والصور المرسومة على الخشب.

وغالباً ما تراوحت أسعار هذه الهدايا بين 100 ألف ومليون ليرة سورية بحسب النوع والحجم. وغالباً ما اصطحب الأحباء في هذا اليوم هداياهم إلى صالات المطاعم والمقاهي ليضيفوا منتفعا جديدا، إلى جانب أصحاب محلات الألعاب والهدايا والألبسة. (الدولار= 15 ألف ليرة).

صاحب محل هدايا "أنتيكا" في السويداء يقول لـ"العربي الجديد" إنه منذ 10 أيام تقريباً كان العديد من الشباب والشابات وخاصة اليافعين منهم يستعدون لهذا اليوم، ويحجز البعض منهم هدية أو توصية لطباعة صورة على إحدى الهدايا التي اختارها من الخشبيات أو الأطباق أو كاسات الزجاج.

أضاف: "نحن كتجار ننتظر هذا العيد أكثر من أي مناسبات أخرى، فمهما تردى الوضع الاقتصادي والمعيشي لدى الناس، يجد اليافعون سبيلاً للشراء والاحتفال".

أما المعلمة هناء الناصر فتقول لـ"العربي الجديد" أصبح هذا العيد عُرفاً لدى الأطفال والمراهقين يُحرج الأهالي في هذه الظروف الصعبة، فهناك آراء ومعتقدات لدى هذا الجيل تؤكد أن الاحتفال بعيد الحب لا يفرق بين غني وفقير، ونحن كمعلمات ومعلمين لا يسعنا إلا أن نقبل بهذه الدعايات طالما أنها تدعو للمحبة والوفاق بعيداً عن أزمات الحياة المعيشية، في الوقت الذي يقول فيه آخرون "لا حب عند الشعوب الجائعة المنسية".

وشهدت الشوارع الرئيسية في مدينة السويداء جنوب سورية ازدحاماً كبيراً اليوم الأربعاء، فيما كانت على أشدها في محلات بيع الهدايا والورود، حيث وصل سعر الدب الكبير إلى مليوني ليرة سورية. وبحسب صاحب محل سرايا أشهر محلات الورود والهدايا في المحافظة فإن أسعار الورود الحمراء بلغت 20 ألف ليرة سورية من دون الورقة الحمراء، و25 ألف ليرة مع الورقة، مؤكداً أن الإقبال على شراء الورود لم يشهده محله منذ سنوات طويلة.

ماذا عن أسعار هدايا عيد الحب بالعاصمة السورية؟

ورصد "العربي الجديد" أسعار الهدايا في العاصمة دمشق اليوم الأربعاء، حيث يتراوح سعر الوردة الجورية بين 25 و40 ألف ليرة، ليصل سعر الباقة إلى 800 ألف ويزداد السعر بحسب الحجم وعدد الورود فيها.

كما يبلغ سعر الدب الأحمر بأكبر حجم مليوني ليرة سورية، ومتوسط الحجم إلى مليون ليرة، والصغير 250 ألفاً. 

وبالنسبة لأسعار العطور، قال مصعب، أحد أصحاب المحال لـ"العربي الجديد"، إن أسعار العطور تبدأ من 100 ألف وصولاً إلى مليون، مضيفاً أن طلبات كبيرة لباقات الورد تأتيه في عيد الحب، وخلال اليومين الأخيرين تخطت الـ200. وأشار إلى أن الإقبال هذه السنة كان أكبر من السنة الماضية، وأرجع ذلك إلى غلاء الذهب وبقية الهدايا.

وفي السياق، تقول سمر لـ"العربي الجديد" إن معظم الزبائن من فئة الشباب بين 21 و35 عاماً، وغالبيتهم اتجهوا للورود والدببة لرخص أسعارها مقارنة بغيرها من الهدايا، مع أن الأسعار بدأت ترتفع شيئاً فشيئاً مع اقتراب المناسبة.

ماذا عن أسعار الذهب والحلويات في سورية بعيد الحب؟

عن الذهب وابتعاد الكثير من المواطنين عنه هذا العام، قال منير م.، أحد صاغة دمشق لـ"العربي الجديد"، إن شراء الذهب في هذه المناسبة بات حكراً على طبقة الأغنياء وهم قلائل جداً، مشيراً إلى توجه أصحاب الدخل المحدود لاستبدال هداياهم بالفضة في حال رغبوا بإهداء الحلي.

أما المطاعم ومحلات الحلويات، فإنها اقتصرت على قوالب الكيك الصغيرة لشخصين بتكلفة أدناها 35 ألفا وأقصاها 200 ألف، فيما تقتصر وجبات المطاعم على وجبة الكريسبي كحد أقصى، ويرجع ذلك لسوء الحال الاقتصادي للمواطنين حيث تبلغ وجبة الكريسبي لشخصين بحدود 200 ألف.

وفي درعا، ذكر الشاب سامر المقداد لـ"العربي الجديد" أن هذه العادة انتهت منذ بداية الثورة السورية عام 2011، وباتت من المنسيات رغم محاولة الشباب تفعيلها سراً، رافضاً ذكر الأسباب.

إقبال ضعيف على هدايا عيد الحب في القامشلي

وفي مدينة القامشلي، شمال شرقي سورية، تبيّن هيزل محمد، صاحبة محل ورد، لـ"العربي الجديد" أن إقبال الناس على شراء وإهداء الورود بين الأحباب قليل قياساً بالأعوام السابقة.

أضافت أن هذا مرتبط بالوضع المادي والنفسي، إضافة إلى ارتفاع أسعار الورود والشحن، فكل هذا يزيد من معاناة البيع والشراء رغم وجود زبائن.

أما عبد الرحمن محمد فيقول لـ"العربي الجديد": "أعمل في محل لبيع العطورات منذ 20 عاماً. وبالنسبة لبيعها في عيد الحب، ثمة إقبال لكن ليس بالحجم المطلوب نتيجة ارتفاع أسعار العطور بشكل ملحوظ بعد صعود الدولار"، مشيراً إلى أن أسعار العطور تتراوح بين 40 و100 ألف ليرة.

بدورها، تقول ريناس موسى: "لدي محل لبيع الهدايا والإكسسوارات، وهناك العديد من الهدايا الدارجة التي تباع حالياً، مثل الألواح الخشبية المرسومة عليها صورة شخص معين بسعر بين 20 و40 دولاراً.

أضافت: "ثمة مجموعات عبارة عن ساعة وعطر ومسبحة نوعيتها وسط وسعرها يناهز 50 دولاراً. أما بالنسبة لبيع الألعاب المحشوة فهناك أحجام وأنواع مختلفة، ويتراوح سعرها بين 8 و150 دولاراً، وبعضها يصل طوله إلى مترين".

المساهمون