عمال السياحة في اليمن على رصيف البطالة

عمال السياحة في اليمن على رصيف البطالة

06 مارس 2022
يمتلك اليمن مقومات سياحية كبيرة (كريم صاحب/ فرانس برس)
+ الخط -

يحمل الأربعيني محمد الطويل، عدته مع بزوغ شمس كل يوم ليأخذ مكانه بين عشرات من عمال الأجر اليومي الذين يتجمعون في منطقة "القاع" وسط العاصمة اليمنية صنعاء، للحصول على عمل. بعضهم يمتهن العمل اليومي، وآخرون يقفون مرغمين بعدما فقدوا رواتبهم كموظفين مدنيين أو سُرِّحوا من أعمالهم، كما هو حال الطويل.

يتحدث محمد لـ"العربي الجديد"، قائلاً إنّه كان يعمل في إحدى الشركات السياحية قبل الحرب. في مطلع عام 2017 توقفت الشركة عن العمل وسرحت موظفيها لعدم قدرتها على الاستمرار في ظروف صعبة وحرجة أصابت هذا القطاع بالتعطيل التام. حال محمد يشبه الآلاف من العاملين في القطاع السياحي.

شعيب الصبري فقد أيضاً عمله في إحدى وكالات السفر والسياحة في عام 2020، ويفسر لـ"العربي الجديد"، أن الجهة التي كان يعمل فيها اتخذت من فيروس كورونا والإجراءات الاحترازية المتخذة لمكافحته في اليمن والخارج، مبرراً لتقليص طواقمها العاملة وتخفيض النفقات.

عمار بدر، مسؤول إداري في وكالة للسفريات والعمرة، يقول لـ"العربي الجديد"، إن من بقي من الشركات والوكالات والمؤسسات العاملة في السياحة يواجه صعوبات بالغة في تأمين الاستمرارية، فيما توقف العشرات عن العمل نتيجة تعطل حركة السياحة الخارجية وانخفاض الداخلية، وتراجع حركة السفر بسبب إغلاق المطارات ومشقة الطرقات.

ورصدت "العربي الجديد" تراجعاً كبيراً في القطاع الفندقي في مدن مثل صنعاء مع وجود كثير من الفنادق مهددة بالإغلاق خلال الفترة القادمة. بالمقابل، يلاحظ انتعاش نسبي في القطاع الفندقي في بعض المدن الأخرى مثل إب وسط اليمن، وعدن جنوبيّ البلاد، التي تتخذ منها الحكومة المعترف بها دولياً عاصمة لها.

ويرجع الباحث الاقتصادي أكرم العديني، في حديثة لـ"العربي الجديد"، سبب ذلك إلى حركة النزوح الواسعة إلى هذه المناطق التي ظل بعضها مستقراً لم تطاوله الحرب، مثل محافظة إب وسط اليمن، أو عدن بعدما اتخذت منها الحكومة اليمنية عاصمة لها وبدأت تفعيل وتشغيل مؤسسات ووزارات الدولة منها. لذا، فإن كثيراً من نزلاء الفنادق في مثل هذه المحافظات، وفق حديثه، عبارة عن نازحين من الحرب ومن تردي الأوضاع المعيشية والتسريح وتوقف الرواتب.

ومع تراجع حركة السياحة الداخلية في معظم المناطق والمحافظات اليمنية، يدور جدل واسع حول ما تشهده جزيرة سقطرى من اختطاف وعزل وإعادة تشكيل هوية الأرخبيل اليمني الاستراتيجي وتنفيذ مشاريع استثمارية، وخصوصاً في قطاع السياحة، من دون علم السلطات المحلية التابعة للحكومة اليمنية التي تخولها القوانين النافذة في اليمن منح التراخيص لأي مشاريع خدمية أو استثمارية، بحسب كل جهة مختصة.

وتفيد مصادر مطلعة في جزيرة سقطرى "العربي الجديد" بأنّ هناك وفوداً سياحية تتدفق باستمرار إلى الجزيرة اليمنية، منها وفود سياحية إسرائيلية، ومن بينهم رجال أعمال ومستثمرون، وذلك من طريق شركات سياحية كثير منها إماراتية تم تأسيسها لتمارس عملها في جزيرة سقطرى، التي تسيطر عليها الإمارات والقوات التابعة لها.

ويمثل قطاع السياحة والسفر والخدمات المرتبطة بها أحد أبرز القطاعات الاقتصادية المتأثرة بالحرب الدائرة في اليمن منذ سبع سنوات، التي سبّبت انهيار الحركة السياحية بين اليمن والخارج.

وألحقت الحرب الجارية أضراراً بالغة بالبنى التحتية الأساسية في أجزاء واسعة من اليمن، بما في ذلك الطرق والجسور والمنافذ البرية والبحرية والجوية، وفرضت عوائق وقيوداً شديدة على حركة المسافرين والتجارة الداخلية والخارجية، وبالتالي، رفعت فاتورة التكاليف على مختلف قطاعات الأعمال.

كذلك أدت تبعات إغلاق الحدود ووقف تأشيرات العمل والعمرة والزيارة وتراجع حركة النقل بين المدن التي رافقت الحرب الدائرة في البلاد، ومن ثم تأثيرات فيروس كورونا منذ منتصف عام 2020، إلى خسائر كبيرة في قطاع السياحة والخدمات المرتبطة بها كالفنادق والمطاعم والنقل.

ويؤكد الخبير في المجال السياحي، صادق هزبر لـ"العربي الجديد"، أن القطاع السياحي واحد من أهم الروافد الاقتصادية للدول وللمجتمعات، وفي اليمن كانت السياحة تحبو نحو إرساء دعائم الاقتصاد الوطني، وكانت تُعتبَر أحد روافده الاستراتيجية، خصوصاً أنّ اليمن يملك جميع مقومات النجاح السياحي. وتتعالى دعوات خبراء وعاملين في هذا القطاع تناشد أطراف الصراع الدائر ضرورة الحفاظ على التراث اليمني من آثار ومخطوطات ومدن تاريخية ومتاحف، باعتبارها أهم روافد الاقتصاد في المستقبل.

ويشرح هزبر أن اليمن خلال العقود الماضية كان وجهة سياحية مهمة للسياح بالذات من الدول الأوروبية، إذ حظيت جزيرة سقطرى بنصيب كبير من السياحة، نظراً لما تملكه من مقومات واسعة.

ويشير إلى تهاوي هذا القطاع مع انهيار السياحة بشكل تام منذ بداية الحرب، حيث أغلقت الفنادق والوكالات والمطاعم السياحية، "فلا سياحة في ظل الحروب، وهو ما أدى إلى تعطل مصالح مئات الآلاف من الناس نتيجة انهيار هذا القطاع الحيوي، بل وصل الأمر إلى تأثر السياحة الداخلية بين المحافظات اليمنية شمالاً وجنوباً، فتراجعت هي الأخرى".

المساهمون