اقتصاد الشواطئ في تونس: مهن موسمية تكبح البطالة إلى حين

اقتصاد الشواطئ في تونس: مهن موسمية تكبح البطالة إلى حين

14 اغسطس 2022
يعتبر الصيف متنفساً للشباب (Getty)
+ الخط -

على امتداد كيلومترات على الطريق الرابطة بين مدينة غار الملح الساحلية (شمال شرقي تونس) والعاصمة تونس، ينتشر عشرات الشباب أمام مواقد الفحم حيث تشوى سنابل الذرة وتباع للمصطافين، وينتشر على الطريق أيضا عشرات التجار المتجولين ممن يبيعون أصنافا من الخبز التقليدي والخضر، وغلالا تنتج في الحقول المحاذية للقرية الساحلية.

وتمثّل أشهر الصيف أهم موسم للكسب لسكان قرية "غار الملح" وباقي القرى المحاذية لها، حيث يكسر توافد السياح المحليين والأجانب على البحر حواجز البطالة ولو لأسابيع قليلة، فيستفيد الشبان من كل الأعمال وأشكال التجارة التي يمكن أن توفر لهم بعض الأموال.

ويقول رياض (18 سنة) إن الصيف لسكان القرية هو موسم العمل، حيث يستغل الشباب توافد آلاف المصطافين يوميا على المنطقة لتنشيط الحركة التجارية عبر بيع منتجات زراعية تنتج في حقول غار ملح، ومن بينها الذرة التي تقدم مشوية للعابرين.

ويضيف رياض، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الشباب يستغلون كل الإمكانيات المتاحة من أجل تحقيق مداخيل موسمية تساعدهم على مجابهة المصاريف المعيشية باقي أشهر السنة.

ويمثل انتشار التجار على الطرقات المؤدية للبحر واستغلال مرائب السيارات والعمل في المطاعم الموسمية على الشواطئ أبرز الأعمال الموسمية التي تنشط في فصل الصيف، بحسب المتحدث، مؤكدا أن الشباب في قريته والقرى المجاورة يعانون من قلة فرص العمل على امتداد أشهر السنة، ما يجعل من الصيف فرصتهم الوحيدة لكسر حاجز البطالة قبل أن تعود قريته إلى سباتها الشتوي، وفق توصيفه.

أنشطة متعددة

والحركة التجارية التي تخلقها حركة المصطافين في غار الملح هي مثال لنموذج اقتصادي قائم في المدن الساحلية التي تستفيد من فصل الصيف عبر أشكال متعددة من الأنشطة، ومنها تأجير الشقق والمنازل للمصطافين والتجارة الشاطئية، واستغلال المطاعم لتقديم الأطعمة.

وغالبا ما تساعد هذه الأعمال الموسمية على خلق ديناميكية في المدن الساحلية التي تتحول إلى قبلة للباحثين عن فرص الشغل الصيفية من مدن الداخل التونسي.

ويقول الخبير الاقتصادي خالد النوري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن أشهر الصيف تخلق نسيجا اقتصاديا متكاملا في محيط الشواطئ يساعد على خلق فرص عمل لآلاف التونسيين، مشيرا إلى أن هذه الأعمال الموسمية ترفع القدرة الاستهلاكية للعائلات المستفيدة من الدخول وتحد من هشاشتها الاجتماعية ولو بشكل مؤقت.

غير أن هذا النموذج لا يدخل في إطار الاقتصاد المنظم، بحسب الخبير الاقتصادي، الذي يؤكد أن مختلف هذه الأنشطة الصيفية تصنف في خانة الاقتصاد الموازي التي تساعد على احتواء جزء من الفقر، غير أنها لا تترك أثرا على مستوى نسب النمو العامة.

في المقابل، يقول النوري إن القطاع المنظم يشمل الإقامات الفندقية وتجارة الصناعات التقليدية والنقل وخدمات المطاعم والمقاهي، وهي صناعات ترفع نسب النمو في المواسم النشطة وتؤثر على سوق العمل بشكل مباشر.

ويضيف أن المهن الصيفية تستوعب يدا عاملة نشطة من كل الشرائح الاجتماعية والتعليمية، مشيرا إلى ضرورة خلق نماذج اقتصادية أكثر استدامة في المدن والقرى السياحية الصغرى التي تركد فيها الحركة السياحية خارج فصل الصيف.

بطالة الشباب

وبلغت نسبة البطالة في تونس 16.1 بالمائة خلال الربع الأول من سنة 2022، مسجلة استقرارا مقارنة بالثلاثي الرابع من سنة 2021، حسب ما أعلن عنه المعهد التونسي للإحصاء اليوم الإثنين.

وزادت نسبة البطالة لدى الذكور 0.2 نقطة، خلال الربع الأول من السنة الحالية، لتبلغ 14.1 بالمائة، في حين انخفضت بـ0.4 بالمائة في صفوف الإناث لتبلغ 20.9 بالمائة.

وتراجعت نسبة بطالة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة خلال الربع الأول من سنة 2022، لتبلغ 38.5 بالمائة مقابل 40 بالمائة خلال الثلث الرابع من سنة 2021.

وكانت هذه النسبة قد تراجعت خلال الربع الرابع من سنة 2021 إلى 40 بالمائة مقابل 42.4 بالمائة خلال الربع الثالث من نفس السنة. 

وعرفت نسبة النشاط خلال الربع الأول من سنة 2022 تراجعا مقارنة بالربع الرابع من سنة 2021، حيث قدر عدد السكان النشيطين بـ4046.4 ألف شخص مقابل 4160.3 ألفا خلال الربع الرابع لتبلغ بذلك نسبة النشاط 45.6 بالمائة.

المساهمون