طفرة النفط تنقذ موسكو... مكاسب كبيرة للخام الروسي رغم العقوبات

طفرة النفط تنقذ موسكو... مكاسب كبيرة للخام الروسي رغم سقف الأسعار الغربي

26 سبتمبر 2023
حظر روسيا تصدير البنزين والديزل مؤقتاً ساهم في صعود أسعار النفط عالمياً (فرانس برس)
+ الخط -

توقعت تقارير غربية، أن تحقق روسيا إيرادات أعلى من صادرات النفط هذا العام، على الرغم من الحد الأقصى للسقف السعري الذي فرضته عليها مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي رداً على غزو أوكرانيا.

ويُظهر تحليل بيانات الشحن التي استشهدت بها صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أمس الاثنين، أن روسيا تشحن الآن ثلاثة أرباع نفطها إلى الخارج دون تأمين غربي، وهي إحدى الأدوات التي استخدمتها مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي لفرض سقف لا يتعدى 60 دولاراً لبرميل النفط الروسي.

ووفق التقرير فإن أسعار النفط الروسي الذي يتعرض لعقوبات غربية شرسة آخذة في الارتفاع. ويجري تداول خام الأورال حالياً بسعر يقارب 79 دولارًا للبرميل، كما يتم تداول خام "أسبو"، مزيج الشرق الأقصى، بأكثر من 88 دولاراً للبرميل.

ومؤخراً نقلت الصحيفة البريطانية عن شركة كبلر الأميركية المتخصصة في تحليل بيانات الطاقة، أن روسيا كانت تنقل نصف صادراتها من النفط دون تأمين غربي، مما يشير إلى أن "موسكو أصبحت أكثر مهارة في تخطي عقوبات السقف السعري الذي تفرضه مجموعة السبع وأوروبا على الطاقة الروسية من نفط وغاز".

وتأتي هذه الأسعار المرتفعة للخامات الروسية وسط تأكيدات متكررة من وزارة الخزانة الأميركية بأن الحد الأقصى للسقف السعري "كان يعمل على النحو المنشود".

وكان نائب وزير الخزانة الأميركي، والي أدييمو، قد قال في يونيو/حزيران الماضي: "في ستة أشهر فقط، ساهم الحد الأقصى للسقف السعري للخامات الروسية في انخفاض كبير في الإيرادات الروسية، وساهم في إحداث منعطف رئيسي في الحرب".

وفي أغسطس/آب الماضي، قال القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية للسياسة الاقتصادية الأميركية، إريك فان نوستراند، إنه "واثق من أن السقف السعري يحقق هدفيه المزدوجين المتمثلين في تقييد الإيرادات الروسية والمساعدة في استقرار أسواق الطاقة".

ونقلت "فايننشال تايمز" عن كلية كييف للاقتصاد تقديراتها بأن روسيا ستشهد ارتفاع عائداتها من صادرات النفط بمقدار 15 مليار دولار هذا العام، بفضل التحايل على سقف الأسعار الذي حددته مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي.

وقال منتقدو الحد الأقصى للسعر منذ البداية إن تطبيقه سيكون تحدياً للدول الغربية، في حين أن التحايل عليه سيكون سهلاً نسبياً بالنسبة للشركات الروسية.

وفي الواقع، تدخلت شركات التأمين الروسية والصينية والهندية لتحل محل شركات التأمين الغربية الكبرى في نقل النفط الروسي، وجرى بناء ما تسميه وسائل الإعلام "الأسطول المظلم" من الناقلات لشحن الخام الروسي حول العالم دون مشاركة الشركات الغربية.

لكن على الرغم من كل ذلك، كان لنظام العقوبات تأثير كبير منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث كلف روسيا ما يقدر بنحو 100 مليار دولار من صادرات النفط منذ فبراير/ شباط 2022، حسب تقارير غربية، لكن المشاكل التي تواجه صناعة النفط في روسيا تتجاوز مجرد تحديات التصدير، حيث أجبر النقص المحلي في وقود الديزل الكرملين على تقييد تصدير الوقود من البلاد.

وكان فريديريك لاسير، الرئيس العالمي لقسم الأبحاث والتحليل لدى مؤسسة غانفور غروب، عملاقة تجارة الطاقة، قد أكد بداية الشهر أن خدمات الشحن بالاتحاد الأوروبي ما تزال تتولى نقل حوالي نصف إمدادات النفط الخام الروسي. وذكر أن النسبة هي 50% في الوقت الراهن، وهي نسبة تظل مرتفعة جدا.

وأضاف لاسير قائلا: "إن لم نشهد زيادة من 50 بالمائة، فذلك يعني أنه لا توجد مشكلات في المصافي المحلية في روسيا.

وساعد صعود أسعار النفط عالمياً في تقويض العقوبات الغربية على النفط الروسي الذي استفاد من القفزة الأخيرة في أسعار خامي برنت القياسي وغرب تكساس الوسط الأميركي، اللذين ارتفعا فوق 90 دوراً للبرميل، ويتوقع وصولهما إلى 100 دولار للبرميل بنهاية العام الجاري.

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بنحو 0.5%، أمس، إلى 93.75 دولاراً للبرميل، كما واصلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي مكاسبها، حيث تم تداولها عند 90.53 دولارا للبرميل بارتفاع نسبته 0.6% عن الجلسة السابقة، الجمعة الماضي.

وصعدت الأسعار بأكثر من 10% في الأسابيع الثلاثة السابقة بفعل توقعات بعجز واسع في إمدادات الخام في الربع الأخير من العام بعدما مددت السعودية وروسيا تخفيضات إضافية في الإمدادات حتى نهاية 2023.

وفي الأسبوع الماضي، حظرت موسكو مؤقتا صادرات البنزين والديزل إلى معظم الدول من أجل تحقيق الاستقرار في السوق المحلية، ما أثار المخاوف من انخفاض إمدادات المنتجات وخاصة زيت التدفئة مع قرب حلول فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي.

وفي الولايات المتحدة، انخفض عدد من منصات النفط العاملة بمقدار 8 إلى 507 الأسبوع الماضي، وهو أدنى مستوى لها منذ فبراير/ شباط 2022، على الرغم من ارتفاع الأسعار، حسبما أظهر تقرير أسبوعي أصدرته بيكر هيوز يوم الجمعة.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

وعزز بنك "جيه بي مورغان تشيس آند كو" توقعاته حول تحقيق النفط لـ"دورة صعود فائقة". وقال تشو مي، المحلل في معهد كايوس ريسيرش في شنغهاي: "ما زلنا نتوقع صعود أسعار النفط، في ظل استمرار تخفيضات الإنتاج السعودية، وظهور طلب جيد في الصين والولايات المتحدة. ولا نرى حالياً أي سبب للتحول بعيداً عن هذا الاتجاه".

وتستعد الصين لعطلة الأسبوع الذهبي بدءاً من يوم الجمعة المقبل، حيث من المتوقع أن تؤدي العطلة الأطول من المعتاد إلى تعزيز الطلب على وقود الطائرات في أكبر دولة مستوردة للنفط.

ومع تقديرات بسفر أكثر من 21 مليون شخص جواً خلال فترة العطلة الممتدة 8 أيام، بعد بلوغ رحلات طيران الركاب في البلاد مستوى قياسياً خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب.

وجاء صعود أسعار النفط، بعد أيام من توقعات وكالة الطاقة الدولية التي أشارت إلى وجود احتمال أن يتوقف نمو الطلب على النفط خلال العقد، إذ تعتمد الأسر بطريقة متنامية على مصادر الطاقة المتجددة.

المساهمون