شروط صندوق النقد في مرمى إضراب تونس الخميس

شروط صندوق النقد في مرمى إضراب تونس لخميس

15 يونيو 2022
يعتبر الأمين العام لاتحاد الشغل المساس بالحقوق المكتسبة للموظفين خطّاً أحمر (Getty)
+ الخط -

بعد الإعلان صراحة عن فشل المحادثات مع الحكومة في ساعة متأخرة من ليل الاثنين الفائت، يصر الاتحاد العام التونسي للشغل، اللاعب الاجتماعي الأبرز، على الذهاب إلى تنفيذ إضرابه العام المقرر الخميس، بمشاركة 159 مؤسسة حكومية، احتجاجاً على تردّي وضع الموظفين والعمال وتدهور الأحوال المعيشية.

المتفاوضون أخفقوا في إيجاد الحلول نتيجة تباين المواقف بشأن المطالب الأساسية المتعلّقة بتعديل القدرة الشرائية للمواطنين وتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تطمح الحكومة لتطبيقه تلبية لشروط صندوق النقد الصارمة، فيما يعتبر خبراء الاقتصاد أن تعثّر المفاوضات مع اتحاد الشغل انتكاسة جديدة في مسار المفاوضات مع الصندوق الذي يطالب بتوافق واسع بين السلطة والمنظمات الوطنية الكبرى من أجل توقيع اتفاق مالي مع سلطات البلاد.

الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي يقول لـ"العربي الجديد" إن الإضراب وتعثّر المفاوضات مع الحكومة يبقيان المحادثات مع صندوق النقد في نقطة الصفر، مرجّحاً إخفاق الحكومة في إبرام اتفاق مالي مع المؤسسة المالية الدولية.

وقال: "في غياب لاعب أساسي في المفاوضات حول خطة الإصلاح سيكون من الصعب على الحكومة إقناع الصندوق بتوقيع اتفاق"، معتبراً أن غياب التمويلات الخارجية يزيد من أزمات تمويل الموازنة".

كما يعتبر الخبير أن الإصلاح لا يمكن أن يمر من دون موافقة الاتحاد الذي يملك آلية تحريك الشارع باعتباره المخاطب الأساسي للعمال، مضيفاً أن هذه الطبقة هي التي ستتحمّل العبء الأكبر من الإصلاح، وهو ما يضع الاتحاد في موقف قوّة الدفاع عن مصالح ناخبيه.

ويؤكد الشكندالي أن صندوق النقد يصرّ على توسيع دائرة المشاركة في برنامج الإصلاح بهدف تحصيل أكبر قدر ممكن من الضمانات لقبول توقيع الاتفاق المالي، بينما تضيّق الخلافات السياسية رقعة المشاركين، مشيراً إلى أن خسارة الحكومة لشريك اجتماعي أساسي بحجم اتحاد الشغل تضعف موقفها أمام مؤسسات القرض الخارجية، متوقعاً أن تواصل السلطة تعبئة الموارد للموازنة عن طريق الاقتراض الداخلي والتدخل المباشر للبنك المركزي في توفير السيولة.

وبحسب ترتيبات الإضراب التي أعلنتها النقابات القطاعية، سيتوقف الخميس العمل في كل المؤسسات والمنشآت الحكومية الكبرى، كما ستتعطل حركة النقل براً وبحراً وجوّاً، فضلاً عن تعطّل العمل في الموانئ البحرية، بينما يقدّر خبراء المالية الخسائر المتوقعة من الإضراب بأكثر من 200 مليون دينار من دون احتساب الخسائر غير المباشرة التي ستنتج عن إحجام المستثمرين عن ضخّ أموال في الاقتصاد نتيجة الأوضاع السياسية والاجتماعية الصعبة.

ويدافع الاتحاد العام عن موقفه بالتمسّك بتنفيذ الإضراب برعاية مصالح أكثر من 700 ألف موظف وأسرهم ممن يواجهون الغلاء الفاحش ونسب التضخم العالية، فضلاً عن رفض سياسة الأمر الواقع التي تريد سلطة ما بعد 25 يوليو فرضها على التونسيين.

ويعتبر الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي المساس بالحقوق المكتسبة للموظفين خطّاً أحمر، مؤكداً أن للمنظمة برنامجاً إصلاحياً يمكن أن يحمي البلاد من سياسات صندوق النقد الجائرة بحسب تصريحه لـ"العربي الجديد"، لافتاً إلى أن ظروف البلد لا تسمح بإجراء إصلاحات في ظل تنازع بين السلطات، ومطالباً بتأجيل التفاوض بشأنها إلى ما بعد استقرار مؤسسات الحكم وتنظيم انتخابات جديدة.

ويؤكد الأمين العام لاتحاد الشغل أن النقابات العمالية دفعت نحو الإضراب العام كردّة فعل على السياسات الحكومة الرافضة لكل أشكال التفاوض، مشيراً إلى أن خطوات تصعيدية أخرى قد تلي الإضراب في حال عدم تحقق المطالب الأساسية التي تتمسك بها المنظمة.

ويمثل بند التحكم في كتلة الأجور الذي ترفضه النقابات حجر أساس في مفاوضات تونس مع صندوق النقد الذي يعتبر هذه الكتلة من بين الأعلى عالمياً مقارنة بالناتج الداخلي الصافي. ومنذ عام 2016، تاريخ توقيع الحكومة السابقة برئاسة الحبيب الصيد على برنامج تعاون مالي مع صندوق النقد الدولي، تطالب المؤسسة المالية سلطات تونس بإيجاد حلول للحد من تضخم كتلة الأجور التي بلغت العام الحالي ما نسبته 15.6% من الناتج المحلي المجمل صعوداً من نسبة 10% فقط مسجلة في الموازنة العامة لسنة 2010.

وفي الآونة الأخيرة، أصدرت وزارة المالية مذكرتها الدورية حول تنفيذ موازنة الدولة في نهاية شهر مارس/ آذار الماضي، وكان بارزاً فيها تسجيل فائض في رصيد ميزانية الدولة بقيمة 314 مليون دينار، كما عرفت نفقات ميزانية الدولة خلال الفترة من مارس 2021 حتى مارس 2022 شبه استقرار عند مستوى 8902.2 مليون دينار، في ما يرجع أساساً إلى تراجع نفقات التأجير بنسبة 1.4% وذلك للمرة الأولى منذ سنة 2011.

المساهمون