ثورة الحديد الأخضر.. ريادة مستقبلية لسلطنة عمان

ثورة الحديد الأخضر.. ريادة مستقبلية لسلطنة عمان

18 ديسمبر 2023
عُمان وطموحات كبيرة لاستخدام الحديد الأخضر (Getty)
+ الخط -

بطاقة إنتاج تصل إلى 5 ملايين طن سنويًا، تتطلع سلطنة عمان إلى ريادة تقنية إنتاج الحديد الأخضر عربياً وعالمياً، بما يسهم في خفض نحو 85% من الانبعاثات الكربونية الصادرة عن الصناعة، والتي تصل إلى 12 مليون طن سنوياً، وذلك مع وضع حجر الأساس لإنشاء مصنع "فولكن" لإنتاج الحديد الأخضر، عبر طاقة الهيدروجين النظيف.

وبحسب رئيس الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة في عمان، علي بن مسعود السنيدي، فإن المشروع، الذي وضع حجر أساسه في 28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يعد مقدمة لتوطين صناعة السيارات والأدوات الكهربائية في السلطنة، وكذلك توربينات الرياح اللازمة لإنتاج الطاقة المتجددة في الدقم، إضافة إلى السلع الاستهلاكية، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء العمانية.

 ويدعم المشروع اتجاه سلطنة عمان المتسارع إلى حجز مقعد متقدم في سوق الطاقة المتجددة والصناعات القائمة عليها، وتستهدف منطقة الدقم الاقتصادية بالأساس كإطار حاو لمشروعات هذا التوجه، بهدف تحويله إلى "قاعدة تصدير" مستقبلية، بحسب السنيدي.

ومن المقرر أن يعتمد المشروع على استيراد المواد الخام وتحويلها إلى الحديد، على أن يتم الإنتاج على مرحلتين، الأولى في الربع الأول من عام 2026، والثانية في عام 2027.

وفي هذا الإطار، أعلنت شركة "فولكن" للحديد الأخضر، في بيان، أنها تبذل جهوداً لاستكشاف خيارات تخزين إضافية للطاقة الخضراء بالشراكة مع شركة "أوكيو" للطاقة البديلة، التي وقعت اتفاقية لاستكشاف مشروع التطوير المشترك "وادي الطاقة المتكامل"، الذي يجمع بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتخزين الطاقة، لتوفير طاقة خضراء تنافسية على مدار الساعة لتلبية الاحتياجات المتزايدة لإزالة الكربون من الصناعات الكبيرة في سلطنة عمان، وهو أيضاً المشروع الأول من نوعه في دول مجلس التعاون الخليجي، ما يصب في مستهدف تحقيق ريادة السلطنة في سوق الطاقة البديلة.

ومن المخطط أن يعالج المشروع الهيدروجين الأخضر داخل سلطنة عمان لصناعة الحديد الأخضر، على عكس الطرق التقليدية لنقل الوقود على شكل أمونيا خضراء، حسبما أوردت منصة "أربيان غلف بيزنس إنسايت".

وتستهدف سلطنة عمان إنتاج مليون طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، و3.75 مليون طن بحلول عام 2040، و8.5 مليون طن بحلول عام 2050، بحسب بيانات رسمية، ما يجعل السلطنة سادس أكبر مُصدر للهيدروجين في العالم والأكبر في الشرق الأوسط بحلول عام 2030.

وشركة "فولكن" تابعة لمجموعة "جندال شديد" للحديد والصلب في منطقة الدقم، التي تشق طريقها بخطى متسارعة كمركز عالمي لتزويد الطاقة الخضراء.

الحديد الأخضر .. تقنية وريادة

ويشير الخبير الاقتصادي العماني "خلفان الطوقي"، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن وصف مصنع "فولكن" للحديد الأخضر بالثورة الصناعية في السلطنة يعود إلى عدة عوامل، منها أن طريقة إنتاجه تمثل "ثورة" تقنية لأنه يعتمد على الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة.

كما أن قيمة الاستثمار بالمصنع تقدر بـ 3 مليارات دولار، كما يستهدف ربحاً سنوياً بقيمة 800 مليون دولار، ما يعني أنه سيمثل قيمة مالية مهمة لاقتصاد السلطنة، بحسب الطوقي.

ويضيف الخبير العماني بأن المشروع هو الأول من نوعه عملياً على أرض السلطنة، ولذا فهو يمثل ريادة خاصة، ليس على مستوى الشرق الأوسط فحسب، بل على المستوى العالمي، بحسب دراسات المشروع، الذي يأتي منسجماً مع خطط الحكومة العمانية لتصفير الانبعاثات (الحياد الكربوني) كهدف نهائي عام 2050.

وبالإضافة لهذه المزايا يعتبر مصنع الحديد الأخضر بمثابة "جاذب" لمشروعات أخرى تحقق نقل ريادة التقنية الخاصة بالطاقة المتجددة إلى سلطنة عمان، بحسب الطوقي، الذي أشار إلى أن منطقة الدقم ستستقطب كثيراً من المصانع التي تستهدف التحول إلى الطاقة النظيفة أو الطاقة المتجددة أو طاقة الهيدروجين الأخضر.

ولأنه مشروع متكامل، وليس مجرد مصنع، فالعائد منه لا يتعلق بمنتجه فقط، بل بتوفيره لوظائف جديدة، فضلاً عن القيمة المضافة من ناحية التقنية وتوطينها في سلطنة عمان، بحسب الطوقي، الذي لفت أيضاً إلى أن مصنع "فولكن" من شأنه أن يخدم الصناعات الصغيرة والمتوسطة، سواء في فترة إنشائه أو بعد إنشائه، ما يبشر بفوائد عديدة لاقتصاد السلطنة.

ويتوقع الطوقي أن تستقطب ريادة المشروع مستثمرين آخرين، خاصة بعد تحقيق ريادة عمان عملياً في مجال إنتاج الحديد الأخضر، وفي ظل موقعها بمنطقة آمنة وقريبة من المحيطات والأسواق الكبيرة وخطوط الملاحة الدولية.

ويلعب ميناء الدقم، في هذا الصدد، دورا مهما في نجاح مشروع "فولكن" للحديد الأخضر، بحسب الطوقي، إذ أن الأرض المستأجرة لبناء المصنع على جزء منها تقع على مساحة 2 كيلومتر مربع، وهي أيضاً بعيدة من مضيق هرمز، الذي يتعرض لمخاطر التجاذبات السياسية والأمنية، وبالتالي فهو آمن تماماً وقريب من أهم الأسواق في آسيا وأفريقيا.

 

المساهمون