توقعات بارتفاع حجم أسواق "الحلال" عالمياً إلى 8 تريليونات دولار

توقعات بارتفاع حجم أسواق "الحلال" عالمياً إلى 8 تريليونات دولار.. وتركيا تسعى لزيادة حصتها

28 نوفمبر 2021
لم تعد أسواق "الحلال" تقتصر على المأكولات فقط، بل امتدت لقطاعات أخرى (Getty)
+ الخط -

قال رئيس مجلس القمة العالمية للحلال يونس إيتي إن تقديرات حجم أسواق الحلال عالميا ستبلغ نحو 8 تريليونات دولار خلال فترة قريبة، من 7 تريليونات حاليا، حيث يتوقع أن تتجاوز حصة التمويل الإسلامي نحو 3.5 تريليونات دولار، والأغذية والمشروبات تريليوني دولار، والسياحة الحلال 400 مليار دولار، ومستحضرات التجميل 200 مليار دولار، وملابس المحجبات 240 مليار دولار.

وأضاف إيتي، على هامش معرض "حلال اكسبو" الذي اختتم اليوم الأحد في إسطنبول، أن منتجات الحلال لم تعد تقتصر فقط على منتجات المأكولات الحلال، بل امتدت إلى قطاعات أخرى، كالصيرفة والسياحة والملابس وغيرها.

وأشار إلى أن حصة تركيا من قطاع الحلال العالمي تزيد على 100 مليار دولار الآن، وتسعى لرفع حصتها في السوق إلى 400 مليار دولار.

ولكن للأسف، بحسب تعبير إيتي، تعتبر حصة تركيا وعدد من الدول الإسلامية أقل، مقارنة بدول أخرى على مستوى العالم في المجالات التي تشكل قوام قطاع الحلال، مثل الأغذية والتمويل الإسلامي والسياحة والأزياء ومستحضرات التجميل.

وجذبت تركيا نحو 400 شركة مثلت أكثر من 35 دولة، عرضت خلال المعرض الذي استمر أربعة أيام مواد غذائية ومستحضرات تجميل ومشغولات يدوية وأعمالا فنية، قدمتها الجالية العربية في تركيا، بإشراف اتحاد المرأة العربية، وبالتعاون مع اتحاد الجاليات العربية والجمعية العربية، فضلا عن لقاءات للترويج لقطاع السياحة والتعريف بالمنتجات الحلال الأخرى التي أولتها تركيا اهتماماً، خاصة منذ نحو عشرين عاماً، بحسب أستاذ العلوم الإسلامية بجامعة ابن خلدون بإسطنبول، رجب شان تورك.

وقال رئيس اتحاد الحلال العالمي، أحمد غلير، في تصريحات إعلامية مؤخرا، إن العالم بدأ ينظر إلى الدول الإسلامية بجدية أكثر في عديد من القطاعات، كالمواد الغذائية ومستحضرات التجميل والمواد الكيميائية ومنتجات التنظيف والمنتجات الزراعية والطاقة والسياحة والتمويل.


اهتمام تركي متزايد بقطاع الحلال

ويرى الأكاديمي شان تورك أن هناك اهتماماً بالغاً بهذا القطاع على الصعيد الدولي، حيث تسعى كثير من الدول للحصول على شهادات المنتج الحلال، بعد اتساع هذا الاقتصاد وزيادة عدد السياح من الدول الإسلامية الذين يصنفون بالأكثر إنفاقاً في العالم.
ويقول شان تورك، لـ"العربي الجديد"، إن بلاده "سباقة" على صعيد العالم في هذا القطاع، وأنه شابه تراجعٌ لمرات عدة، مشيرا إلى أن "أول المصارف التركية الذي أسسه السلطان محمد الفاتح، برأسمال 24 ألف قطعة ذهبية عام 1456، كان توجهه تكافليا إسلاميا، واستمر الحال عبر الأوقاف المالية، لتتوسع الأنشطة التكافلية حتى القرن التاسع عشر، وقت نشطت البنوك الربحية بشكلها التقليدي".

وعادت تركيا، بحسب أستاذ العلوم الاسلامية عام 1983، وقت وافق مجلس الوزراء التركي على منح الأذون اللازمة لـ"تأسيس مؤسسات مالية تعمل وفق شروط ومعايير التمويل الإسلامي، لنرى تأسيس بنك "البركة"، وتتبعه مصارف أخرى، ليصل إجمالي الأصول المصرفية الاسلامية داخل تركيا إلى 7.1% من حصة البنوك".

ولفت شان تورك إلى أن اهتمام بلاده "تركز على السياحة والغذاء والألبسة الحلال، رغم أن خبرتها كانت قليلة في هذا القطاع، حيث سبقتها دول إسلامية كثيرة، لكنها اليوم عادت للمقدمة". وأضاف أن "تركيا كانت ثالث دولة مسلمة تستقطب السياحة الحلال، لكنها تتصدر مبيعات كثير من المنتجات الحلال حاليا".

ويبين أستاذ العلوم الإسلامية أن "عدد المستهلكين المسلمين أكثر من 1.8 مليار شخص، أي نحو 24% من سكان العالم. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم في عام 2060 إلى 3 مليارات مسلم في جميع أنحاء العالم"، مشيرا إلى أن "هذا وحده كاف لزيادة الاهتمام بهذا القطاع الذي من المتوقع أن ينمو حجم سوق الحلال العالمي إلى 9.71 تريليونات دولار بحلول عام 2025". 

ونبّه إلى أن تركيا أسست منذ سنوات "هيئة اعتماد الحلال (HAK) للعمل على تحديد المعايير الخاصة بالمنتجات الحلال في تركيا، المحلية والمستوردة، واستصدار الشهادات المتعلقة بهذا القطاع.


السياحة الحلال

في السياق، يقول مدير شركة "أونجو أنقا" المتخصصة بالسياحة، إياد صيّاه، لـ"العربي الجديد"، إن "تركيا لحظت السياحة المتخصصة خلال ترويجها وزيادة اعتمادها على القطاع، فتبوأت مراكز متقدمة بالسياحة العلاجية، وكذا بالسياحة الحلال، لتحتل اليوم المركز الثالث بعد ماليزيا والإمارات العربية".

وأضاف أن "تركيا خصصت نحو 150 فندقاً تقدم خدمات تضمن احترام تقاليد ومتطلبات السائح المسلم، ويوجد فيها نحو 165 منتجعاً للسياحة الحلال، تمثل نحو نصف المنتجعات العالمية تقريباً بهذا الصدد".

وأشار إلى أن "الحكومة تعتمد على السياحة كأحد أهم موارد الاقتصاد، حيث يتسارع نمو هذا القطاع بأكثر من 4% سنوياً، ويبلغ عدد السياح المسلمين الذين يشكلون أكثر من 120 مليون سائح من أصل مليار و200 ألف سائح حول العالم".

وحول مفهوم السياحة الحلال بتركيا، يضيف صيّاه أنها "القيام بالنشاطات وتقديم الخدمات السياحية وفق أنظمة وتعليمات الشريعة الإسلامية، بمعنى، لا اختلاط ولا كحوليات ولا أغذية محرمة، وخلو الفنادق والمنتجعات من صالات الرقص والمقامرة، ووجود مساجد".

ويشير مدير شركة "أنجو أنقا" إلى أن هناك عدة مدن تركية أصبحت مؤهلة لمثل هذا النوع من السياحة، مثل أنطاليا ومرمريس، وأجزاء من إسطنبول وإزمير وطرابزون، وبقية مدن البحر الأسود، لتنفرد مدينة ألانيا بصدارة السياحة الحلال.
 

منتجات وألبسة الحلال

ويرى مدير سلسلة "بيت المونة" بإسطنبول، رامي أشقر، أن "الدول غير الإسلامية تتحكم بأكثر من 80% من أسواق منتجات الحلال"، مشيرا إلى أن "اتساع هذا السوق أدى لزيادة الاهتمام العربي والإسلامي به".

وأشار إلى أن "المعارض والتسويق للمنتجات والسياحة والصيرفة الإسلامية لا تزال مراكزها حتى اليوم بالدول الغربية، وخاصة بريطانيا ، كما أن هناك إقبالا من هذه الدول لاستصدار شهادة الحلال".

وأضاف أشقر لـ"العربي الجديد" أن تركيا رائدة، على صعيد المنطقة على الأقل، في هذا القطاع، إذ تزيد مبيعات المحجبات وأثواب العرس لهنّ عن مليار دولار، كما أن تحقيق المنتجات التركية، والغذائية والدوائية أولاً، لشروط معهد الدول الإسلامية للمواصفات والمقاييس الذي يتبع لمنظمة التعاون الإسلامي، يزيد من تدفق السلع التركية، بدون تحسب، باتجاه المنطقة العربية والدول الاسلامية.

وحول احتمال أن التدقيق على المنتج الحلال قد يبعد المستهلكين غير المسلمين، يشير صاحب محال توزيع الأغذية إلى أن شعار "الحلال" أصبح عالميا، وتستخدمه الدول الأوروبية أيضا لترويج إنتاجها.

الصيرفة التكافلية

ويقول الخبير المصرفي، محمد علي جوكتشة، إن من أهداف بلاده أن تستحوذ على الاهتمام العالمي بقطاع الصيرفة التكافلية، بل وتصبح "إسطنبول عاصمة التمويل الاسلامي"، لأن بلاده تملك مقومات بنية تحتية وقوانين وبيئة جاذبة، للنهوض بالتمويل الإسلامي، إضافة لسرعة نموها الاقتصادي وتميزها بقطاعات التجارة والصناعة والسياحة.

ولفت إلى أن بلاده تحتوي على نظام إسلامي متكامل، كالتمويل والتكافل الإسلاميين، والأوقاف والزكاة والعمل الخيري، والسياحة والمنتجات الحلال، وإن لم يزل ينقصها بعض الخطوات، كتوسيع تخصص بالمصرف المركزي التركي يكون له استقلالية في تطبيق الإشراف على البنوك الإسلامية.

وأضاف المستشار التركي المتخصص جوكتشة أن ببلاده نحو 50 مصرفاً، حيث تغير القانون المنظم لعمل البنوك الإسلامية منذ عام 2005، إذ أصبحت المؤسسات المالية العاملة وفقاً أصول المعاملات المالية الإسلامية "بنوكا تشاركية"، تعمل تحت إشراف ورقابة وكالة التنظيم والرقابة المصرفية التركية. والمصارف الستة أعضاء في جمعية البنوك التشاركية التركية (TKBB)، التي تأسست عام 2001 ومقرها إسطنبول.

وأشار الخبير التركي إلى أنه خلال السنوات الأخيرة ارتفع عدد فروع البنوك الإسلامية التشاركية بنسبة 6.4% إلى 1255 فرعاً في عام 2020، ليبلغ ضعف ما كان عليه في العقد الماضي، وزيادة حصة الخدمات المصرفية الإسلامية من إجمالي الأصول المصرفية داخل تركيا من 5.8% في عام 2019 إلى 7.1% في نهاية 2020، كما نما إجمالي أصول البنوك التركية التشاركية بنسبة 54% عام 2019، متجاوزاً بذلك إجمالي نمو أصول القطاع المصرفي بنحو 36%. 

ويلفت جوكتشة إلى زيادة البنوك التشاركية الإسلامية العاملة في تركيا من استخدام أدوات تمويل السوق الإسلامية في عام 2020، الذي شهد على ارتفاع إصدارها المشترك من الصكوك بنسبة 33% على أساس سنوي إلى 54 مليار ليرة تركية، ومنذ ديسمبر/كانون الأول 2020 بدأت أصول الخدمات المصرفية التشاركية بالزيادة، بعد قرار الحكومة دفع بعض رواتب الدولة إلى حسابات مصرفية إسلامية، وتوسعة البنوك الإسلامية شبكات التوزيع الخاصة بها، فضلاً عن سماح وكالة التنظيم والرقابة المصرفية التركية لبنوك التنمية والاستثمار الإسلامية بالمشاركة في المعاملات الإسلامية.

المساهمون