توسع رقعة الإضرابات العمالية في مصر ومطالبات بربط الأجر بالأسعار

توسع رقعة الإضرابات العمالية في مصر ومطالبات نقابية بربط الأجر بالأسعار

08 فبراير 2024
احتجاجات عمالية سابقة في مصر (Getty)
+ الخط -

على مدار الأيام الأخيرة الماضية، انتشرت الإضرابات العمالية في أكثر من مصنع وشركة ومؤسسة في مصر للمطالبة بزيادة الرواتب، أو صرف مستحقات مالية متأخرة، أو تحسين أجور العاملين والموظفين.

ورصدت منظمات حقوقية تظاهر العاملين والموظفين في شركة سيراميك "الفراعنة" في ساحة الشركة بمنطقة كوم أوشيم الصناعية بمحافظة الفيوم، أواخر شهر يناير/كانون الأول الماضي، مطالبين بزيادة رواتبهم وإقرار زيادة الحد الأدنى للأجور التي وافقت عليها الحكومة المصرية، مؤخرًا، للعاملين في القطاع الخاص.

ومنع العاملون والموظفون صاحب المصنع من مغادرة مقر الشركة لرفضه زيادة رواتبهم، مطالبين برفع الحد الأدنى للأجور ليصل إلى 3500 جنيه، وهي الزيادة التي كان من المفترض أن تطبق بداية من أول العام. كما رفض العاملون والموظفون عرض صاحب الشركة بالاكتفاء بصرف العلاوة الدورية، واحتجزوه في إحدى الغرف، حتى حضر محافظ الفيوم أحمد الأنصاري، الذي دخل في مفاوضات مع صاحب الشركة للوصول إلى حل ينزع فتيل الأزمة، وسط إصرار من العمال على مطالبهم.

وفي السياق ذاته؛ أضرب عمال الشركة التركية للملابس "تي أند سي جارمنت"، في مدينة العبور بمحافظة القليوبية، عن العمل منذ التاسع عشر من يناير/ كانون الأول، للمطالبة برفع أجورهم، وزيادة المنحة السنوية بشكل منتظم، وتثبيت العمالة المؤقتة.

وكان رد فعل إدارة الشركة، بحسب منظمات، هو إغلاقها في الأول من فبراير/ شباط 2024، مع التهديد بفصل القيادات العمالية في حالة عدم فض الإضراب، والقبول بوعودها برفع جزئي للأجور.

ويقدر عدد العاملين في الشركة حوالي 7 آلاف عامل، لم يتعد الحد الأقصى لرواتبهم حاجز الـ4000، والقاعدة العريضة منهم تتقاضى 2500 جنيه، وهي أقل من الحد الأدنى للأجور الذي أقرته الحكومة المصرية قبل مدة للعاملين في القطاع الخاص، والمقدر بـ3500 جنيه.

كما تجددت أزمة العاملين في شركة "يونيفرسال" بعد إقدام الإدارة على بيع الشركة مع عدم صرفها المستحقات المالية لعمال المجموعة البالغ عددهم قرابة ثلاثة آلاف عامل، ومع تراجعها عن اتفاقية العمل الجماعية التي وقعتها في مكتب وزير العمل في أكتوبر/تشرين الأول 2022.

وتصاعدت الاحتجاجات العمالية للعاملين في المجموعة بعد تراكم مستحقاتهم المالية منذ عام 2020، وذلك رغم تصدير أغلب منتجات الشركة إلى العديد من الدول، ومنها الجزائر والعراق وليبيا والكويت والبحرين وغيرها. وتدعي الشركة أنها متعثرة وتمر بضائقة مالية.

وعادت أزمات عمال "يونيفرسال" نتيجة بيع شركات المجموعة والرغبة في تسريح العمال من دون حصولهم على أي مستحقات مالية.

ووفقا للعاملين، فإن صاحب الشركة باع مصنع السخانات المنزلية الذي يعمل فيه ما بين 400 و500 عامل إلى شركة "أريستون" الإيطالية، مقابل مبلغ يقدر بملياري جنيه، وطلب من العمال تقديم استقالات من العمل لإجراء تعاقدات جديدة بينهم وبين المالك الجديد (الشركة الإيطالية).

ورفض عمال المصنع العرض، وطالبوا الإدارة بدفع تعويض بقيمة شهرين عن كل سنة خدمة، وفقا لنص القانون، حتى يقوموا بتقديم استقالاتهم، لكن الإدارة ممثلة في العضو المنتدب للشركة رفضت ذلك رفضا قاطعا، وجددت مطالبها للعمال بتقديم استقالاتهم.

ورفض العمال مطلب الإدارة ودخلوا في إضراب عن العمل منذ الرابع من فبراير/شباط، متمسكين بمطالبهم بالحصول على مكافأة نهاية خدمة قدرها شهرين عن كل سنة أمضوها في العمل بالشركة وفقا للقانون. 

وفي هذا السياق، أصدر اتحاد تضامن النقابات العمالية بيانًا طالب فيه بربط الأجر بالأسعار، بعد أن "تدهورت الأحوال المعيشية بشدة لجميع أصحاب الأجور، وفي مقدمتهم العمال في قطاع العمالة غير المنتظمة وعمال القطاع الخاص، الذين يشكلون معظم العمالة المصرية، وأصحاب المعاشات".

وقال الاتحاد في بيانه: "طاول التدهور شرائح واسعة من الطبقة الوسطى التي تلتحق تباعاً بالطبقات الفقيرة ومن هم تحت خط الفقر، وأصبح العمال يعجزون عن تلبية الحاجات الإنسانية الضرورية لهم ولأسرهم، من غذاء وملبس وسكن ونفقات تعليم وصحة، وصار العمال وكل الطبقات الكادحة بين مطرقة انهيار القوة الشرائية لأجورهم، وسندان انفلات السوق بلا ضابط أو رابط، والتي ازدادت وطأتها خلال الأشهر الثلاثة الماضية، لندخل مرحلة أكثر توحشاً من غلاء الأسعار وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وحملت الطبقات الكادحة والفقيرة أعباء فوق طاقتها، وارتفاع نسبة الفقر بمصر، حسب تقديرات البنك الدولي، إلى نحو 60 مليوناً".

وتابع الاتحاد في بيانه: "لقد بدأت الموجة الأخيرة على الطبقات الكادحة والفقيرة برفع أسعار البنزين في أول نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بنسبة 14%، ومع أول أيام العام الحالي، تم رفع سعر فاتورة استهلاك الكهرباء بنسب تتراوح بين 16% و26%، وأسعار تقديم خدمة الإنترنت الأرضي بنسبة 33%، وتذاكر المترو 20%، وتلت ذلك موجة محمومة من رفع أسعار معظم السلع والخدمات، من باقات شحن الموبايل وأسعار الخضراوات والبقول واللحوم، وحتى الفول والطعمية أهم الأطباق الشعبية، كما ارتفع سعر رغيف الخبز خارج بطاقات التموين بنسبة 50%، نتيجة لرفع سعر الدقيق الحر الذي تستخدمه المخابز، وتعدى سعر كيلو اللحم أكثر من 400 جنيه، وارتفع سعر اللوبيا إلى مائة جنيه، والسكر 50 جنيهاً وحتى البصل الذي صار سلعة تصدير لجلب بعض الدولارات".

وفي ضوء هذه الأوضاع المعيشية الصعبة على كافة العاملين بأجر، أكد اتحاد تضامن النقابات العمالية أنه، حماية لجميع عمال مصر، لا بد من "ربط الأجر بالأسعار" كحل عام لا مفر من تحقيقه لتوفير حياة إنسانية كريمة لهم ولأسرهم، ولمواصلة دورهم باعتبارهم الطرف الرئيسي بين أطراف العمل، والذي يجب التوقف عن تحميله أعباء الأزمة الاقتصادية، بينما الثروات تتراكم في حسابات المستوردين، ووكلاء الشركات الأجنبية، وكبار التجار، والمضاربين في الأراضي والعملة والاحتكاريين والفاسدين.

وقال اتحاد تضامن النقابات العمالية إنه يرى أن ربط الأجور بالأسعار يتطلب خطوات عاجلة وضرورية ينبغي العمل على تحقيقها، وأهمها "زيادة الأجور والمعاشات بنسبة التضخم السنوي، والبالغة حسب التقديرات الرسمية 33%، وأن يتم ذلك بقانون ملزم في جميع القطاعات، حكومي وعام وخاص، والعمل الجاد على توفير غطاء تأميني شامل، اجتماعي وصحي، للعمالة غير المنتظمة التي تقدر بنحو 14 مليون عامل".

كما طالب الاتحاد بتكثيف جهود العمال في القطاع الخاص والعمالة غير المنتظمة، لإنشاء نقاباتهم بإرادتهم الحرة لتمثيل عمالهم، وهو ما يكفله الدستور والقانون.

وقال الاتحاد إن "تحقيق هذه الأهداف المشروعة مرهون بإرادة واعية تدعم عمال مصر وجهودهم في تسيير العملية الإنتاجية، وتضامن عمالي يعمل من أجل تحقيقها، دون إهمال أية مطالب عمالية أخرى تتعلق بالحق في التثبيت والأمان الوظيفي، أو بالرعاية الصحية أو بتوفير شروط وظروف عمل إنسانية".

المساهمون