الشهادات الدولارية الجديدة في مصر وأسئلة الساعة

الشهادات الدولارية الجديدة في مصر وأسئلة الساعة

20 يونيو 2023
من المتوقع أن تجذب الشهادات الجديدة سيولة دولارية ضخمة ( العربي الجديد)
+ الخط -

تشير بعض الأرقام غير الرسمية إلى تكدس مليارات الدولارات في بيوت المصريين وتحت البلاطة وداخل خزن حديدية خاصة، وهذه الأموال الضخمة موزعة ما بين سيولة نقدية مباشرة أو مستثمرة في الذهب والمعادن النفيسة، وأن تلك المليارات يمكن أن تحل مشكلة كبيرة للدولة واقتصادها واحتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي وقطاعها المصرفي وسوق الصرف في حال مغادرتها البيوت عائدة نحو البنوك مكانها الطبيعي.

لكن تحقق هذا الهدف المهم والمطلوب بشكل عاجل يتطلب خطوات جدية من قبل السلطات المسؤولة في الدولة أبرزها طمأنة أصحاب المدخرات الدولارية، خاصة وأن شبح بنوك لبنان يطل برأسه من وقت لأخر.

مطلوب خطوات جدية من قبل السلطات المسؤولة أبرزها طمأنة أصحاب المدخرات الدولارية، خاصة وأن شبح بنوك لبنان يطل برأسه من وقت لأخر

كما يتطلب إعادة الثقة في العملة المحلية، والتوقف عن سياسة التعويم المتواصل للجنيه، ومنح المدخر سعر فائدة مميزا يعوضه عن معدل التضخم المرتفع، وتخلي البنوك عن أي تعقيدات أو روتين يتعلق بسحب المدخر لجزء أو كل ودائعه الدولارية.

وقبل ذلك العمل بشكل جدي على زيادة السيولة الدولارية داخل الدولة من أنشطة حيوية كالصادرات والاستثمارات المباشرة والسياحة، وسد أي ثغرة تستنزف النقد الأجنبي مثل واردات السلع غير الضرورية.

ويبدو أن البنوك التابعة للدولة بدأت تتحرك لتحقيق هذا الهدف عبر دراسة منح سعر فائدة عال على الودائع الدولارية، وطرح شهادات بسعر مرتفع.

قبل أيام تم تسريب خبر لوسائل الإعلام المصرية في منتهى الأهمية يقول إن أكبر بنكين حكوميين هما، الأهلي المصري ومصر، يدرسان طرح شهادات بعائد دولاري يبلغ 10% سنويا، أو بعائد بالعملة المحلية يصل إلى 17%.

لكن هذه الأسعار المميزة للفائدة على الودائع بالعملة الأميركية ليست متاحة للمصريين حائزي الدولار في الداخل، بل متاحة لثلاث فئات فقط هي: المصريون العاملون في الخارج، والأجانب المقيمون في مصر، ومزدوجو الجنسية، وبالتالي تتجاهل الشهادات الجديدة الشريحة الأهم الحائزة للنقد الأجنبي في داخل البلاد وهم المقيمين.

لا أعرف، ما الهدف من طرح تلك الشهادات الدولارية في هذا التوقيت، ولصالح من يتم إصدارها، هل لصالح البنوك العامة التابعة للدولة مباشرة، أم لصالح البنك المركزي، على أن تضاف حصيلة الشهادات للاحتياطي الأجنبي لديه.

هل تساهم تلك الشهادات في حل مشكلة العجز الكبير في مخصصات القطاع المصرفي والبالغة نحو 24.3 مليار دولار وفق أحدث أرقام، أم تزيد تلك الفجوة؟

أم لصالح الدولة ومؤسساتها الرسمية حيث يتم توجيه الحصيلة الدولارية لسداد مستحقات واردات البلاد من القمح والحبوب والزيوت والوقود من بنزين وسولار ومازوت وغيرها من السلع الرئيسية، وربما سداد جزء من أعباء الدين الخارجي.

وهل تساهم تلك الشهادات الدولارية في حل مشكلة العجز الكبير في مخصصات القطاع المصرفي والبالغة نحو 24.3 مليار دولار وفق أحدث أرقام، أم تزيد تلك الفجوة مع الأعباء الضخمة التي تتحملها البنوك المصدرة؟

ليس هذا هو السؤال الأهم الذي يتعلق بتلك الشهادات الدولارية، فهناك أسئلة أخرى في مقدمتها: من يدفع فاتورة تلك الشهادات التي يصل عائدها إلى 10% وهو مستوى تاريخي بالنسبة للبنوك المصرية؟

وما هي أوجه استثمار تلك الشهادات، هل يتم تحويلها إلى الخارج وإيداعها لدى المراسلين بنسبة فائدة قد لا تزيد عن 5%، أم سيتم استثمارها في الداخل، وما هي المشروعات التي تحقق عائدا دولاريا يتجاوز 13% يذهب منها 10% للمدخر، والباقي للبنك كمصروفات إدارية وتغطية مخاطر السداد والتعثر.

والسؤال الأخير هو: ما الرسالة التي تصل المدخرين في مصر في حال طرح البنكين الحكوميين شهادة دولارية بسعر فائدة 10%، هل الرسالة تحمل مضمونا مطمئنا على قرب انحسار أزمة شح النقد الأجنبي في الأسواق، أم تحمل في داخلها مصدر قلق إضافي يضاف إلى المصادر الحالية، وما أكثرها؟