البنوك والمتاجر تغلق أبوابها في كابول.. وتهريب واسع للأموال

ذعر في كابول ... البنوك والمتاجر تغلق أبوابها وتهريب واسع للأموال

17 اغسطس 2021
تراجع كبير في سعر صرف العملة الأفغانية مقابل الدولار (Getty)
+ الخط -

تستمر حالة الهلع والذعر في الأسواق الأفغانية مع تعقد المشهد السياسي والأمني عقب دخول حركة طالبان العاصمة كابول وسيطرتها على مقر الحكم وفرار رموز النظام الحاكم.

ويزداد القلق لدى المواطن والتجار معا في ظل غياب العملة الصعبة تماما عن الأسواق الأفغانية، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه لحدوث قفزات في الأسعار خاصة المستوردة من الخارج.

وحتى يوم أمس الاثنين، أغلقت معظم المتاجر أبوابها خوفاً من عمليات النهب، كما ارتفع سعر صرف الدولار مقابل العملة الأفغانية، كما ارتفعت أسعار السلع الرئيسية وسط حالة ذعر بين المستهلكين.

وانتقلت حالة الهلع تلك إلى القطاع المالي والمصرفي وأسواق الصرف الاجنبي، خاصة بعد أن أكدت تسريبات إعلامية أن مسؤولين سابقين في الحكومة الأفغانية حاولوا خلال الأيام الماضية تهريب العملة الصعبة التي بحوزتهم خارج أفغانستان خوفا من مصادرة طالبان لها.

كما أن الكثير من كبار المسؤولين في وزارة المالية والبنك المركزي غادروا البلاد قبل أيام من دخول طالبان إلى كابول، لذا هناك خشية من وقوع عملية تهريب أموال ممنهجة من قبل هؤلاء، وبالتالي الضغط على البنك المركزي والعملة المحلية.

ورغم طمأنة رابطة البنوك المواطن الأفغاني وأصحاب الأموال على المدخرات المودعة في البنوك وأنه لن يحدث شيء لأموالهم من مصادرة وتجميد وغيرها، إلا أن المودعين ينتابهم قلق كبير حيال مستقبل أموالهم.

وهذا القلق سيكبر إذا ما استمر الحال على ما هو عليه، خاصة وسط صمت من قبل حركة طالبان وكل من الولايات المتحدة، ومجلس الشورى الذي تشكل أول من أمس من أجل انتقال السلطة والذي يضم كلا من الرئيس السابق حامد كرزاي، وزعيم الحزب الإسلامي قلب الدين حكمتيار، ورئيس المجلس الأعلى الوطني للمصالحة عبد الله عبد الله، حول ما يجري في الساحة السياسية، وتحديدا في ما يتعلق بانتقال السلطة.

وكانت حركة طالبان قد أصدرت بعض التعليمات والبيانات بخصوص قطاعات كالتعليم والصحة عقب دخولها كابول، وطلبت من الأطباء، ومن ضمنهم الكادر النسائي الحضور إلى المستشفيات، وكذا من الطلاب والطالبات الحضور إلى المدارس والجامعات، لكن الحركة صامتة تماما تجاه الأنشطة المالية بما فيها قطاع التجارة والمصارف وأسواق المال، في ظل مخاوف لدى المراقبين أن البنك المركزي والبنوك الحكومية الأخرى ربما تعرضت لعملية نقل وتهريب أموال من قبل رموز الحكومة، خاصة من النقد الأجنبي.

صرافون لـ"العربي الجديد": الدولار والعملة الأفغانية والنقد الأجنبي تغيب من الأسواق الأفغانية تماماً وسط عمليات تخزين وساعة للأموال

ورغم أن رسالة الطمأنة التي جاءت في تصريحات حركة طالبان بعد تسلم الحكم في كابول وتأكيدها أن الحرب لن تحصل داخل العاصمة ومساهمتها في تهدئة الوضع نسبياً، لكن مخاوف المواطنين لم تنته، وظلت العديد من المتاجر مغلقة، كما أن الصرافين غير موجودين في الشوارع الرئيسية بالعاصمة كما هو المعتاد، ويعيش التجار في كابول وسط حالة من الترقب.
وقال صرافون لـ"العربي الجديد"، إن الدولار والعملة الأفغانية والنقد الأجنبي تغيب من الأسواق الأفغانية تماماً، إذ لا يوجد في السوق من يغير الدولارات التي يحتفظ بها المواطنون إلى العملة الأفغانية، ذلك لدواعي أمنية من جهة، ولأن مستقبل العملة المحلية وقيمة الدولار بات غير معروف، وبالتالي فإن الجميع يريدون الحفاظ على ما لديهم من دولارات باعتبارها مخزنا للقيمة وتخوفا من تهاوي العملة المحلية.

ويقول أحد الصرافين ويدعى بوبل خان لـ"العربي الجديد" عبر الهاتف إن الوضع الحالي تحيطه الكثير من الضبابية، لا ندري كم ستكون قيمة الدولار عندما نعود إلى العمل من جديد، وماذا سيكون مستقبل العملة الأفغانية وقيمتها في ظل تسلم طالبان الحكم، علاوة على ما يحصل في المدينة من أعمال السرقة والنهب، وبالتالي فإن الجميع يريدون الحفاظ على ما لديهم من الأموال ولا يخرجونها للسوق.

ولا يوجد في كابول سوق صرف رسمياً، وعادة يوجد بالعاصمة في كل دوار وشارع رئيسي الصرافين يحولون الدولار إلى العملة الأفغانية والعكس، كما أن المحلات التجارية الرئيسية تغير العملة أيضاً، لكن هذا الأمر غائب منذ يومين، ما جعل المواطن في حالة ترقب تحديداً الذين احتفظوا بالدولار.

قفزة في أسعار السلع والاحتياجات الأولية التي واصلت ارتفاعها قبل أسابيع من سقوط كابول، ومنذ أن سيطرت طالبان على معظم المعابر التجارية

ويبدو أن أسباب عدم اليقين بشأن الوضع الأمني وأعمال النهب وفقدان العملة أثرت على السوق الأفغاني بشكل كبير، وستكون لها تداعيات على سعر صرف الدولار، حيث قفزت أسعار السلع والاحتياجات الأولية التي واصلت ارتفاعها قبل أسابيع من سقوط كابول، ومنذ أن سيطرت طالبان على معظم المعابر التجارية مع دول الجوار، حيث أغلقت بعض الدول حدودها مع أفغانستان وتوقفت الحركة التجارية عليها، غير أن كل ما حصل لم يكن له تأثير كبير على توفير الاحتياجات الرئيسية للمواطن، لا سيما الغذائية، لولا ظاهرة وقف العمل التجاري في العاصمة.

ويقول مواطنون إن المواد الغذائية والاحتياجات الأولية متوافرة في كابول بكثرة، رغم توقف الحركة التجارية على المعابر إلى حد ما.

ويقول التاجر محمد نبي، إن الاحتياجات الأولية "موجودة في الأسواق مع ارتفاع أسعارها، وغاية ما نحتاج له هو العمل لتهدئة الأوضاع كي يفتح التجار محالهم"، ولفت إلى أن بعض المواد الغذائية شهدت نقصاً جزئياً مثل الفواكه التي تستورد من دول الجوار، والأدوية التي تعتمد أفغانستان على استيرادها كلياً من الخارج، ومثل بطاقات شحن الهواتف، حيث لا توجد في السوق حالياً تلك البطاقات.

اقتصاد دولي
التحديثات الحية

على صعيد قيمة العملة الأفغانية فقد بدأت تتدهور مقابل الدولار بمعدل كبير خلال الأيام الثلاثة الماضية، إذ وصلت قيمة الدولار مقابل العملة الأفغانية إلى 96 "أفغانياً" (اسم العملة المحلية) يوم السبت، بينما كانت قيمة دولار قبل يومين 79 "أفغانياً"، ما أثر كثيراً على الأسعار تحديداً على الاحتياجات الأولية.
ومع أن البنك المركزي أكد مساء يوم السبت في بيان أنه وفر العملة الصعبة للبنوك وللسوق بشكل وافر، وأن قضية رفع قيمة الدولار من صنع الصرافين والتجار وليس للبنك المركزي دخل فيه، أكد صرافون وتجار في المقابل أن ارتفاع الدولار يعود إلى قلة المعروض من العملة الصعبة، الدولار تحديداً، وإلى الوضع الأمني بشكل عام.

العملة الأفغانية تدهورت مقابل الدولار بمعدل كبير خلال الأيام الماضية، إذ وصلت قيمة العملة الأميركية مقابل العملة الأفغانية إلى 96 "أفغانياً"

في هذا الصدد، يقول الصراف بكابول شاهد خان لـ"العربي الجديد" إن الوضع الأمني والخوف والقلق عوامل تؤثر على قيمة العملة، إذ إن الجميع ومنذ أيام يخرجون الدولار من السوق ويحتفظون به خشية وقوع اضطرابات أمنية.

من جانبه يقول التاجر الأفغاني معراج الدين لـ"العربي الجديد" إنه كلما ارتفعت قيمة الدولار ترتفع قيمة الاحتياجات، وأضاف قائلا إن "المشكلة الرئيسة الأخرى تكمن في عدم وجود رقابة تحديداً في مثل هذه الأحوال كما حصل في الأيام الماضية، إذ إن الحكومة كانت مشغولة بالتطورات السياسية والأمنية، والتجار يبيعون السلع بالأسعار التي تحلو لهم".

  على صعيد السحب من المصارف، فقبل دخول طالبان إلى كابول وإغلاق البنوك أبوابها كما حدث أمس الاثنين، كان هناك ازدحام كبير على القطاع المصرفي، حيث كان المواطن الأفغاني يسحب كل ما كان لديه من الأموال في البنوك، حفاظاً عليها واستعدادا للمرحلة المقبلة.

وكانت هناك صفوف طويلة تنتظر لساعات طويلة أمام فرع بنك عزيزي في دوار "جهاراهي كل سرخ" في كابول. ويقول فصيح الله الأستاذ الجامعي "لم أكن متنبهاً منذ أيام لأخرج بعض النقود من البنك، إذ لم أكن أتوقع أن يحصل ما حصل بهذه العجالة، أول من أمس ذهبت إلى البنك وانتظرت طيلة النهار من أجل إخراج بعض النقود، ولكن ما جاء دوري حتى أغلق البنك أبوابه، وأمس أغلقت البنوك أبوابها".
لكن مسؤولاً في البنك الدولي الأفغاني في فرع "تيمني محمد وفا" يقول لـ"العربي الجديد"، إن المشكلة الأساسية هي أن البنك المركزي لم يرسل لهم المبالغ المطلوبة لتلبية احتياجات العملاء يوم الأحد، وبالتالي اضطروا أن يعطوا كمية قليلة لكل مواطن.

المساهمون