وفاء رمضان.. عبثية الجرب على الخشبة

وفاء رمضان.. عبثية الجرب على الخشبة

24 يناير 2023
(من العرض، تصوير: عيسى أبو عثمان)
+ الخط -

في مسرحية "تخريف ثنائي" التي قدّمها للمرة الأولى عام 1962، يرصد المسرحي الروماني - الفرنسي يوجين يونسكو التغيّرات التي حلّت بالمجتمع بعد الحرب العالمية الثانية التي عاشتها أوروبا، حيث تداعياتها التي تسبّب بها سياسيون يمارسون عبثهم على صعيد الأحداث الكبرى، وانعكست على الأفراد الذين يقتصر عبثهم على التفاصيل اليومية الصغيرة.

يصوّر العمل زوجين دائمَي الاختلاف على كلّ شيء رغم الحرب التي تدور بالقرب منهما، وحتّى حين تمتدّ المواجهات لتصل قريباً من منزلهما، يواصلان شجارهما على مسائل "بيزنطية"، ففي اللحظة التي أصاب الرصاص فيخا غرفَ المنزل، كان خلافهما قائماً حول الحلزون والسلحفاة إن كانا كائناً واحداً أم لا.

تُعرض عند السادسة من مساء اليوم الثلاثاء مسرحية "تخريف ثنائي" على خشبة "مسرح أسامة المشيني" في عمّان للمخرجة الأردنية وفاء رمضان، ضمن سلسلة عروض انطلقت مساء أمس الإثنين في المسرح بعد إعادة تأهيله بالتعاون بين "مبادرة حكمت الثقافة" ووزارة الثقافة.

يؤدّي العرض كلّ من الممثّلَيْن حسام خازم ورزان النجداوي، فيما أُسند تصميم الأزياء إلى جمانة الدر، والتأليف الموسيقي إلى رنا شلبي، وتنفيذ الإضاءة إلى مكرم كفاوين ورمزي جاد الله، إلى جانب صبحي يوسف مساعداً للمخرج.

تركّز المسرحية على حربين، واحدة تدور في الخارج وثانية تشتعل بين شخصتين في منتهى التناقض داخل جدران المنزل عبر أسئلة وعتاب طويلين يمتدّان لينالا كلّ تفاصيل الأشياء من حولهما، وسط حالة من الفوضى المرتّبة تدور داخل رأس "هو" الذي يعرف جيّداً  كيف ينبش الأفكار ويخرج أكثرها عبثية ليضعها على الطاولة، أمام "هي" التي تُربكها عشوائيّته اللامتناهية وتتنازعها مشاعر طفولية وإحساس عارم بالغضب تجاهه.

يلتزم العمل بسير الأحداث في النصّ الأصلي، حيث تتواتر المشاجرات بين الزوجين، اللذين لا يكترثان لصيحات الحرب خارج جدران منزلهما، بل إنهما يحرصان على ألّا يخسرا الجدال الدائر بينهما، وكلّما جاءت أصوات القتال لتشتّت انتباههما، استطاعا العودة سريعاً لمعاركهما الشخصيّة.

كما تستعرض المسرحية صراعهما حول أحوال الطقس، فعندما تحسّ الزوجة بالحرّ يشعر زوجها بالبرد والعكس، وهكذا تمضي الوقائع داخل بيتهما الذي يُدَمَّر في النهاية وتسقط جدرانه، حيث يجدان نفسيهما في الشارع، يسمعان أغاني الجنود المنتصرين وجنازير الدبّابات وأصوات الطلقات النارية.

المساهمون