قصفٌ وسرقة وأسرلة.. ملامح من الحرب على الثقافة الفلسطينية في 2023

قصفٌ واعتقالات وسرقة وأسرلة.. ملامح من الحرب على الثقافة الفلسطينية في 2023

القدس المحتلة

العربي الجديد

avata
العربي الجديد
توقيع
07 يناير 2024
+ الخط -

في تقرير نشرته في اليوم الأوّل من العام الجديد، عادت وزارة الثقافة الفلسطينية إلى مجمل الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية التي طاولت القطاع الثقافي الفلسطيني خلال عام 2023، في غزّة وفي مجمل فلسطين، والتي تمثّلت باغتيال وقتل فنّانين وكتّاب فلسطينيّين واعتقال بعضهم، وأسرلة وتهويد مناطق أثرية وبلدات قديمة في القدس ونابلس والخليل وسبسطية، وسرقة آثار ولقى أثرية في القدس ونابلس والخليل وغزّة، وإغلاق مؤسَّسات ثقافية ومؤسَّسات عاملة في قطاع الثقافة في القدس، إلى جانب منع نشاطات ثقافية في القدس، وحرمان من التنقّل للمشاركة في فعاليات ثقافية داخل فلسطين ومنع فنّانين وكتّاب من السفر للمشاركة في فعاليات ثقافية خارج فلسطين.

يُضاف كلّ ذلك إلى ما ارتكبه الاحتلال من تدمير مبانٍ تاريخية وأثرية ومتاحف، وميادين عامّة ونصب تذكارية وجداريات وأعمال فنّية في الميادين العامّة، وهدم مؤسَّسات ثقافية ومسارح ومطابع وغاليريات ومكتبات ودُور نشر ومراكز أرشيف.

ووصفت الوزارة ما تتعرّض له الثقافة الفلسطينية بأنّها "حملة إبادة مُمنهجة وموجَّهة تستهدف قطاع الثقافة والتراث بمكوّناته المادية وغير المادية بشكلٍ مباشر، يسعى الاحتلال من خلالها لمحو الذاكرة الوطنية وتشويه الحقائق ومحاربة الرواية الفلسطينية".

في هذا السياق، رصد التقرير استشهاد 44 من العاملين في قطاع الثقافة من كتّاب وفنّانين وأعضاء في فرق فنّية ومؤسّسات ثقافية، أربعة منهم في الضفّة الغربية، بينما تركَّز الجزء الأكبر في غزّة التي تتعرّض لحرب إبادة منذ ثلاثة أشهر، إضافة إلى اعتقال تسعة فنّانين بسبب نتاجاتهم الفنّية من غناء وموسيقى بجانب صنّاع محتوى، خصوصاً في الضفّة الغربية.

استشهاد 44 عاملاً في قطاع الثقافة من كتّاب وفنّانين

وفي ما يتعلّق بتدمير المباني التاريخية والأثرية والثقافية، ذكر التقرير أنّ مجموع ما رُصد من مبانٍ مدمَّرة في قطاع غزّة وصل إلى 207 مبانٍ؛ 144 منها في البلدة القديمة لمدينة غزّة؛ وهي مبانٍ "أعطت المدينة شكلها وهويّتها التاريخيّة مثل القيسارية أو سوق الزاوية وحمام السمرة وسبط العلمي وقصر الباشا"، و25 مبنى وكنيسة ومسجداً وموقعاً أثرياً أبرزها "المسجد العمري" و"كنيسة القدّيس برفيريوس" و"مسجد السيّد هاشم" و"مسجد كاتب ولاية"، إضافةً إلى 26 مركزاً ثقافياً ومسرحاً، وتسعة من دور النشر والمكتبات، وثلاث شركات إنتاج فنّي وإعلامي.

وتشمل التدمير، أيضاً، متاحف مثل "متحف القرارة" و"متحف رفح" و"متحف البادية" و"فندق المتحف" و"متحف الباشا"، ومقر "الأرشيف المركزي" في مدينة غزّة، إلى جانب العديد من المباني التاريخية خلال اجتياح البلدة القديمة في نابلس.

وفي الضفّة الغربية، اقتحمت قوّات الاحتلال 14 مركزاً ثقافياً، بينها مكتبتان جرت مصادرة وتدمير محتوياتهما وإغلاقهما، إضافة إلى اعتداءات على خمس مؤسَّسات في مدينة القدس واقتحام وفضّ العديد من النشاطات والتجمّعات الثقافية.

ورصد التقرير، أيضاً، استهداف قوّات الاحتلال معالِم المدن الفلسطينية؛ حيث قصفت الحدائق والميادين العامّة والأضرحة، ودمّرت ما فيها من جداريات وأعمال فنّية ونصب تذكارية، خصوصاً في مدينة غزّة، حيث دَمّرت كلّ النصب التذكارية في الميادين العامّة على طول شارع الرشيد من مفترق السودانية شماليّ غزّة حتى جسر وادي غزّة. كذلك عمدت إلى تجريف وتدمير "حديقة الجندي المجهول" في حيّ الرمال والنصب التذكاري الموجود فيها، ودمّرت "تمثال العنقاء" في "ميدان فلسطين" والمجسم الفنّي الذي يحمل اسم "الحروف" في منطقة تل الهوى، ونصب "الشهداء الستّة" في مخيَّم جباليا.

أكثر من مئتَي مبنى تاريخي وثقافي دمّرها الاحتلال في غزّة

واستُهدفت أيضاً الميادين العامّة والنصب التذكارية في الضفّة الغربية، ومن ذلك تدمير "ميدان الشهداء" في جنين، وتدمير وسرقة التمثال الحديدي "حصان جنين"، الذي صنعه النحّات الألماني توماس كبلبر من مخلَّفات اجتياح الاحتلال للمدينة ومخيّمها في 2002.

يرصد التقرير، أيضاً، توقُّف الكثير من النشاطات الثقافية بسبب الاجتياحات المتكرّرة والمجازر المختلفة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في مناطق مختلفة؛ حيث أُلغي "مهرجان الصابون" في مدينة نابلس بسبب اجتياح المدينة، الذي كان مقرَّراً تنظيمه في نيسان/ إبريل الماضي ضمن فعاليات وزارة الثقافة لتسجيل الصابون النابلسي في قائمة التراث العالمي. وبسبب حرب الإبادة على غزّة، أُلغيت جميع الاحتفالات التي كانت مقرَّرة في "يوم التراث الوطني"، وأُلغي "مهرجان المسرح الوطني" الذي كان مقرراً في تشرين الثاني/ نوفمبر.

من جهة أُخرى، استمرّ الاحتلال في حرمان الكتّاب والفنّانين الفلسطينيّين السفر والمشاركة في الفعاليات خارج فلسطين، ومنعت العديد من الكتّاب والفنّانين والناشرين العرب من المشاركة في "معرض فلسطين الدولي للكتاب" الذي أُقيم في أيلول/ سبتمبر الماضي، كذلك منعت مئات الكتّاب من غزّة من المشاركة في الفعاليات الثقافية المقامة في رام الله، مثل "ملتقى الرواية" و"يوم الثقافة الوطنية" و"معرض الكتاب".

وفي مدينة القدس، ينبّه التقرير إلى تزايد محاولات التشويه والتحريف المستمرّة للتاريخ والمواقع الأثرية ومحاربة الفعل الثقافي، مشيراً إلى أنّ الاحتلال الإسرائيلي ضاعَف من الميزانية المخصَّصة لعمليات الأسرلة التي تستهدف الثقافة العربية في القدس؛ حيث بلغت 284 مليون دولار أميركي، في وقت يعمل فيه على عرقلة العمل الثقافي الفلسطيني، من خلال ملاحقة المؤسّسات الثقافية وإثقالها بالضرائب وتهديدها بالإغلاق ومنع وصول الأموال إلى الجمعيات الثقافية. وفي المقابل، يقوم الاحتلال ببناء مدرّج للاحتفالات وموقع لتنظيم العروض في حيّ الشيخ جرّاح المهدَّد بالمصادرة.

ويذكر التقرير أيضاً أنّ النظام التعليمي في القدس يواجه محاولات لأسرلة المنهاج وتجريده من المفاهيم الوطنية والعربية "بهدف محو الثقافة العربية ونشأة بيئة تعليمية يهودية إسرائيلية بكل الطرق، عبر التعديل على المنهاج ووضع معوّقات لدخول الطلبة الفلسطينيّين الجامعات العبرية وإضعاف التعليم العربي".

آداب وفنون
التحديثات الحية

ذات صلة

الصورة
الصحافي بيتر ماس (Getty)

منوعات

كتب الصحافي المخضرم بيتر ماس، في "واشنطن بوست"، عن "شعوره كمراسل جرائم حرب وابن عائلة مولت دولة ترتكب جرائم حرب"، في إشارة إلى الإبادة الجماعية في غزة.
الصورة
آلانا حديد

منوعات

أسست ألانا حديد، الأخت الكبرى غير الشقيقة لعارضتي الأزياء الأميركيتين الشهيرتين من أصل فلسطيني جيجي وبيلا حديد، مؤسسة مستقلة لتوزيع وإنتاج وتمويل الأفلام.
الصورة

منوعات

تظهر آثار مقاطعة "ماكدونالدز" بأكثر من شكل، بينها انهيار تقييم تطبيقها الرسمي في متجر تطبيقات الهواتف العاملة بنظام "أندرويد".
الصورة
من إحياء يوم الأرض في سخنين، العام الماضي (أحمد غرابلي/فرانس برس)

سياسة

تحلّ ذكرى يوم الأرض هذا العام، على وقع حرب غزة، وتشكّل مناسبة لفلسطينيي الداخل الذين يتحضرون لإحيائها، عودةً إلى المربع الأول: وحدة الأرض ووحدة القضية.

المساهمون