خلال حرب الإبادة التي تدخل شهرها الرابع بعد أيام، يتعرَّض التراث الثقافي الفلسطيني في غزّة لعملية تدمير ممنهَجة من قِبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي استهدف مئات المعَالم التاريخية والمؤسّسات الثقافية، مِن كنائس ومساجد وبيوت وأسواق ومكتبات عامة وخاصة ودُور نشر ومتاحف؛ بما تضمّه مِن آثار وكتب وأثواب وأعمال فنّية توثّق للحياة في فلسطين قبل النكبة.
مِن بين آخر تلك المَعالم "حمّامُ السمرة" في حيّ الزيتون وسْط مدينة غزّة، والذي يعود بناؤه إلى ما يقارب ألف عام؛ حيث استهدفه القصف الإسرائيلي منتصف الشهر الماضي ودمّره بالكامل. ونشرت وزارة الثقافة الفلسطينية، على صفحتها في فيسبوك، صوراً قبل وبعد قصف المبنى الذي قالت إنّه الحمّام الأثري الوحيد المتبقّي في قطاع غزّة، ويُعتبر مزاراً سياحيّاً وعلاجياً في الوقت ذاته، وتبلغ مساحته نحو 500 متر مربَّع، مُضيفةً أنَّ اسمه يعود إلى الطائفة السامرية الفلسطينية.
كما دَمّر الاحتلال الإسرائيلي مبنى "سيباط العَلمي" في غزّة، والذي يعود تاريخه إلى 217 عاماً؛ حيث أُنشئ عام 1806. والمبنى المكوَّن من ثلاث غرف وإيوانَين ومطبخ ودرجَين يؤدّيان إلى الدور الثاني وغرفة السيباط، جرى ترميمه عام 2009 وتحويله إلى "مركز رياض العَلمي للتراث والثقافة".
عملية تدمير ممنهَجة استهدفت مئات المعَالم الأثرية والتاريخية
ومن المباني الأُخرى، التي رصدت وزارة الثقافة تعرُّضها لأضرار بالغة في الأيام القليلة الماضية نتيجة القصف الإسرائيلي المتواصل على غزّة: مقرّ "الاتحاد العام للفنّانين الفلسطينيّين" في شارع الجلاء وسْط المدينة، ومبنى "جمعية الشبّان المسيحية" في الشارع نفسه، و"مؤسَّسة أيام المسرح" وسْط المدينة.
كما أشارت الوزارة إلى تضرُّر جدارية فنّية بعنوان "لنا الأرض" للفنّان الفلسطيني محمّد الحاج، والموجودة في "مدرسة الكرمل الثانوية للبنين" المجاورة لـ"مجمع الشفاء الطبي"، لتُضاف إلى أعمال فنّية أُخرى دمّرها القصف الإسرائيلي بشكل كامل؛ كما فعل مع نصب "الجندي المجهول" الذي أُنجز عام 1956 ويرمز لنضال الشعب الفلسطيني، فضلاً عن تدمير كنوزٍ أثرية لا تُقدّر بثمن، ومنها تماثيل ومنحوتات كنعانية عمرُها قرابة خمسة آلاف عام، وإعدام آلاف الوثائق التاريخية خلال قصف مبنى "الأرشيف المركزي" في مقرّ "بلدية غزّة".
وضمن عمله على إبادة الرموز والمعالم التاريخية في محاولة لطمس الهوية الثقافية الفلسطينية، استهدف الاحتلال الإسرائيلي أكثر من مئتَي مَعلَم أثري وتاريخي ومؤسّسة ثقافية؛ من بينها "مركز رشاد الشوّا الثقافي"؛ أحد أبرز المراكز الثقافية في غزّة، والذي يعود بناؤه إلى عام 1985، و"متحف رفح" المخصَّص للتراث الفلسطيني القديم، و"سوق الزاوية" التاريخي، و"المسجد العمري" الذي يعود بناؤه إلى نحو 1400 عام، وهو المسجد الأكبر والأقدم في القطاع، و"كنيسة القدّيس بورفيريوس"؛ أقدم كنيسة في غزّة ويعود بناؤها إلى عام 407 ميلادية.