طرابلس.. ذاكرة قاعات العرض السينمائية

23 ديسمبر 2021
(من المعرض)
+ الخط -

تحتفظ معظم المدن العربية بذكريات حول صالات العرض السينمائية والمسرحية خلال القرن الماضي، حيث أُغلقت وهُجرت الكثير منها لعوامل عدة منها التقدّم التكنولوجي الذي استبدل الشاشات الفضية بالتلفزيون والفيديو وأجهزة الحاسب، وكذلك بسبب ضعف الإنتاج السينمائي، ولم تصمد سوى القليل في العواصم والحواضر الكبرى.

تبدو الحالة في لبنان مختلفة، حيث أوقفت الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1975 أغلبية النشاطات الثقافية والفنية وحسرتها في فضاءات محدّدة، ومنها مدينة طرابلس التي احتضنت قاعة السينما الأولى عام 1910، ثمّ أصبح عرض الأفلام جزءاً أساسياً من برامج المقاهي الشعبية، قبل أن تشهد انتكاسات متتالية بعد نحو ستّة عقود.

(من المعرض)
(من المعرض)

"طرابلس سكوب.. عودٌ على طرابلسَ في ثقافتِها وممارساتها السّينمائيَّة" عنوان المعرض الذي افتتح في مبنى خوري بالمدينة (80 كلم شمال بيروت) في الحادي عشر من الشهر الجاري، ويتواصل حتى  التاسع من الشهر المقبل، بتنظيم من "أمم للتوثيق والأبحاث".

يرسم المعرض الذي لا يزال قيد الإنشاء خريطة تعكس توزّع صالات العرض التي بلغت نحو واحدة وأربعين قاعة تنوّعت طبيعة الأفلام المعروضة فيها، وكذلك بنياتها التقنية والفنية، والتفاوت الطبقي بين روّادها بحسب المنطقة أو الحيّ الذي شيّدت فيه.

(من المعرض)
(من المعرض)

وتُعرض المتعلقات الخاصة بأرشيف "الشركة السينمائية التجارية طرابلس لبنان" SCCTL، وتنسقه ناتالي روزا بوخر، حيث تمّ إنقاذ الأرشيف وبدأ العمل عليه منذ عام 2013 ليضيء تفاصيل عديدة تتعلّق بحجم الاستثمار في السينما من الاقتصاد المحلي، وتؤرشف أيضاً جميع الشرائط التي عُرضت منذ الثلاثينيات وحتى التسعينيات، من أفلام عربية وأميركية وأوروبية وهندية وخلافها.

يتضمّن المعرض الذي كان مقرّراً افتتاحه في تشرين الأول/ أكتوبر 2019 وحالت الانتفاضة الشعبية دون ذلك، صوراً فوتوغرافية نادرة تعود لتلك المرحلة من تاريخ المدينة من "مجموعة جان بيار وياسمينا زهار"، التي تحصلت "أمم" على حقوق عرضها بالتعاون مع "المؤسسة العربية للصورة".

(من المعرض)
(من المعرض)

ويتطرّق المنظّمون إلى مرحلة وظّفت خلالها القوى السياسية اللبنانية والفلسطينية السينما لأغراض حزبية، ومثّل ذلك جزء من تعالقات السياسة والثقافة في بلد لا يزال الكثير من نتاجاته السينمائية يعالج تداعيات الحرب الأهلية والانقسام المجتمعي والحزبي وغيرها من الأحداث الكبرى التي مرّ بها لبنان.

تمنح الوثائق المعروضة المزيد من التصوّرات حول تاريخ طرابلس السياسي والاجتماعي، ولبنان بشكل عام، مبيّنة جملة العوامل التي قادت إلى اندثار صالات العرض وفي مقدّمتها ظروف الحرب، وصعود التيارات الدينية في المدينة التي استطاعت جذب العديد من المؤيدين لأفكارها المعارضة للفن، كما أن تدهوّر مضمون الأفلام المعروضة منذ الثمانينيات وهبوط مستواها ولّد نفوراً لدى فئات عديدة من ارتياد قاعات السينما.

ويشتمل الأرشيف على كمّ هائل من المتعلقات مثل فواتير الكهرباء وعقود الإيجار لأصحاب تلك الصالات، والتذاكر التي كانت تُباع للزوّار، وبعض الوثائق الرسمية التي تبيّن حضور الرقابة في إجازة عرض الأفلام، وصولاً الى جداول الأسعار وتقسيم المقاعد.

المساهمون