سأذهب إلى زيارة الشجرة العظيمة

سأذهب إلى زيارة الشجرة العظيمة

17 اغسطس 2021
عمل لـ بهجت صدر
+ الخط -

استخرج من أيامك كنزًا للغربة أو الفرح؛ وكن للطيف قيثارة أو لهبًا؛ أو كن سكينة الصدق والموسيقى. 

◼️ 

تغلَّبت عليه غربة موسيقية جاءت من أطيافٍ لا اسم لها؛ من بحر يبتلع أمواجه؛ من ساحلٍ على جفاف الحب. 

◼️ 

تنأى قافلة في آخر الموسيقى، كانت في ما سبق قافلة غجر والآن لا اسم لها. 

◼️ 

وما الاسم وما معنى الاسم. ليس الاسم هوية؛ هويتُك الطاقة والشعاع والموج. هويتُك الأفكار تتجسّد كهوة، كهاوية تبتلع بياضها وامرأتَها. 

◼️ 

ولا للاسم من شفافية؛ وما للاسم من وضوح. إنه الحجاب والجدار والضَلال. 

◼️ 

ويمكن أن يكون لك اسم في ذهن الماء؛ في ألفباء الحجر وفي شرائع الغابات؛ فدع تناديك الأشياء؛ دع الأشياء تسمعُك كموسيقى أو حفيفِ عابرٍ على ساحة الوقت. 

◼️ 

وكن الوقت والنون والبحر. كن الموسيقى أو حنجرة المظلوم. كن وردة يشتاق إليها الشهيد. كن الماسة في خاتم الحورية. 

◼️
 
من أنت في هذا الوادي. أأنت الرياح خضراء أم أنك الجبل الرؤوف. 

◼️ 

ولو شئت اتخذ الحجر إلهك الصغير، ولو شئت اتخذ الورق كتابك الصغير، ولو شئت اتخذ العشبة طرائق في الضياع، ولو شئت اتخذ الفجر زمناً بين الظعن والإقامة. 

◼️ 

هل الحب يعني الرمز والياقوت. أللحب للحب زمن. فلا صيف ولا زمهرير ولا حوت هو الكون والولادة. 

◼️ 

أتعني أنني خلقت على شكل جرّة على رف؛ أم أنني الطيف جوالاً في شوارع الملائكة. 

◼️ 

في المهد ملاكٌ في قلبه الخنجر واللون الأزرق. في النافذة عصفور ميت. في البعيد غيمةٌ في صدرية امرأة الذات. في الجنة ما يشبه الكآبة والوحدة. في العزلة ما يشبه كلماتٍ صاغها القمر والجنون. 

◼️ 

لو مِتُّ سأكون 
زهرة عبّاد الشمس. 

◼️ 

وما تلك إلا أيامٌ 
تتقاطر كالعسل 
من خنجرٍ لامع 

◼️
 
يأتي من جهة بعيدة صوت الطواحين؛ ساعةٌ تذوب تحت قبة الشمعة؛ وصهيلُ خيول في غابة الظلمة. 

◼️ 

ساعةٌ تسقطُ في اللاوعي وفي جانب النهر نخلةٌ تحمل الرؤيا والشفافة. 

◼️ 

يسمع الحجرَ الأصمَ فجراً. يسمع أن لا اسم لشيء من الكائنات، وأنك لست اسمًا ولا جسمًا؛ وأن ثمة كرسيًّا ما على رابية يتأمل ما يدور في خاوية الرأس. 

◼️ 

يسقط في عينٍ كالثقب الأسود؛ يكتشف أنَّه في السقوط جنينٌ وقسيس؛ طائرٌ وشمعة؛ ويغمض ويرى المرأة ذاتها يخاطبها جبلٌ كبير تحته شقائق النعمان. 

◼️ 

يرى أن امرأةً تحلم به؛ راعياً في عراء بلا قطيع؛ وتراه في حلقة أخرى أنَّه جالس جنب النافذة ويكتب عن أشياء لا أحد يعرفها. 

◼️ 

وفي شوط آخر يسقي الأزهار ويرى المرايا والشظايا ووجوهه الكثيرة. 

◼️ 

تسقط قطرة الندى كما يسقط جنينٌ في اللاوعي.

◼️

يحدث أن تنام على الديباج وترى السنين حلماً يحمل في طياته سيفاً من الأزهار.

◼️

ومن تفاصيل هذا العمر أنني أحظى بوردةٍ ميتة.

◼️

في النار
شهيدٌ
يستوي على عرشه.

◼️

لستُ إلا خنجراً
في قبضتك
مرصعاً
بالماس والياقوت.

◼️

صليبٌ في وردةٍ حمراء
تحرسها
أفعى من جميع الديانات.

◼️

السماء
وردة زرقاء متجمدة
البحر
وردة زرقاء سائلة.

◼️

الأبدية:
وردة تتفتح إلى الداخل.

◼️

ما اسمُ الوردة
قبل الطوفان العظيم.

◼️

رسم السائرون في نومهم
صورتي كإله
على جدران كمدينة قديمة.

◼️

على حافة دقيقة على حجر يكاد أن يسقط، أطلق الرجل سهم حكمته واصطاد سماء.

◼️

قال: لا أريد أن تحبني امرأة؛ بل زهرة؛ زهرة حقيقية.

◼️

في منحنى المرآة كان للذات سماءٌ ولليل أرضٌ كلها حجر وفي الحجر مدرسة الأسرار.

◼️

يأتي من جانب بعيد صوتُ الموسيقى 
يأتي صوتُ حوافر الخيل. 

◼️

الكلمة زورقٌ ركب فيه رجلٌ مهنتُه الشعرُ وسار في اتجاه الحب؛ 
حيث العمق؛ 
حيث الحقيقة المتفوقة.

◼️

ذات مرة نظرت في عينيّ أفعى كبيرة. كلانا نظر إلى الآخر نظرة عميقة.

◼️

ظلُّكَ طفلٌ على حافة اللاوعي.

◼️

الشجرة معرض رسم فيه مقص ومرآة وأحمر شفاه وقَصّة شَعر لامرأة كانت تزعم أنها ابنة جنية من غجرٍ ومجوس. 

◼️

ينبت ميتٌ في الأرض وتطلع شجرة؛ وكلما يغيب شخصٌ هنا أظهر في هناك؛ وكما تغيب سماءٌ هناك أستيقظ هنا. 

◼️

سألتْني: ماذا ستفعل لو عدت إلى زمن الطفولة؟ 
أجبتُها: سأقفز عالياً وأنتشل قِطَعاً من السُحُب وآكلَها كالمثلجات.

◼️

كان يحاور نفْسَه المتجسدة محاولاً أن يستعيد الميت الذي ظن أنَّ حياته كتابٌ لم يكتمل بعد. 

◼️

كان لبورخيس توأمُه استيفنسون؛ من لي في هذا العمى الأبيض.

◼️

قلتُ له الكون عملة نقدية في فم أفعى؛ قلت له الكون زهرة مكتوب عليها الأسماء الحسنى؛ قلت له الكون دائرة مفتوحة للعدم.

◼️

من شهادة إلى غيب؛ كان مختلٌّ عقليا يحلم بأنَّ ثمة عرّافة تحلم به؛ وكانت عرّافة تحلم بأنَّ مختلاً عقلياً يحلم بها؛ وفي الحلم يموج البحر كموج الظلال السابقة؛ كالشجر المسموم.

◼️

سأذهب إلى زيارة الشجرة العظيمة
التي تُسمّى أمّ الكتاب.


* شاعر من الأهواز

نصوص
التحديثات الحية

المساهمون