"هيروشيما".. الكارثة كما رآها اليابانيّون
بعد أيام قليلة من إلقاء الولايات المتحدة قنبلتها الذرية على مدينتي هيروشيما وناغازاكي في اليابان في آب/ أغسطس 1945، مع نهاية الحرب العالمية الثانية، ظهرت أولى الصور الفوتوغرافية لعدد من المصوّرين اليابانيين، والتي حاولت السلطات الأميركية إخفاءها في البداية، قبل أن تنتشر في العقد اللاحق وتؤثّر على أعمال العديد من الفنانين في الغرب والعالم كله.
حتى التاسع عشر من الشهر الجاري، يتواصل معرض "هيروشيما" في غاليري "ساوث لندن" بالعاصمة البريطانية للفنانَين اليابانيَّين إري ماروكي وتوشيكو أكاماتسو، والذي افتتح في العشرين من تموز/ يوليو الماضي بتنظيم من "مؤسسة دايوا الأنغلو يابانية".
استقلّ ماروكي (1901 - 1995) أوّل قطار انطلق من طوكيو إلى هيروشيما بعد المأساة. وبعد أسبوع تبعته زوجته أكاماتسو (1912 - 2020، المعروفة أيضاً باسم توشي ماروكي) بحثاً عن أقاربه وأصدقائه، وشهدا معاً أثر القنبلة الذرية التي أسفرت عن مقتل أكثر من 140 ألف شخص، والآثار الجسدية والعقلية والاجتماعية اللاحقة على عامة الناس.
قضى الفنانان خمس سنوات في مكان الكارثة، عاشا خلالها بين الأشخاص والحيوانات المصابة، وبين المتعلقات الشخصية والبنى التحتية والمباني المهدّمة، وعرضا أول لوحة كبيرة الحجم في سلسلة "غينباكو نو زو" المشهورة أيضاً بـ "لوحات هيروشيما" ضمن مشروع استمر لأكثر من اثنين وثلاثين عاماً، رسما فيها خمسة عشر عملاً.
لطالما أشار ماروكي وأكاماتسو إلى أن هذه السلسلة لا تتناول قصصاً من الماضي، إنما هي محاولة لإعادة النظر والتساؤل والشك وانتقاد كلّ ما يرتبط بالقوة والعنف اللذين لا يمحوهما الحزن والألم رغم مرور عشرات السنوات، لذلك حرصا على توثيق أكثر من تسعمئة شخصية ترتبط حياتهم بما حصل، كما سجّلا احتجاجات الفنانين وأنصارهم ضد تعايش الأسلحة النووية والإنسانية.
تكمن أهمية اللوحات المعروضة في إضاءتها الحلقة المفقودة أو المحجوبة من المعلومات بين عاميْ 1945 وحتى ستينيات القرن الماضي، وهي تُعدّ وثيقة بصرية لجملة أحداث ومعايشات لم يرها العالم على شاشات التلفزة آنذاك، قبل أن تشارك في معارض دولية جالت أكثر من عشرين بلداً، ومزج الفنان في رسمها بين تقنيات الحبر الياباني والبورتريه وفق أصوله الغربية.
يقتبس المنظّمون من نص للناقد والشاعر البريطاني الراحل جون بيرغر (1926 - 2017) حول سلسلة ماروكي وأكاماتسو كتبه عام 1955، يشير فيه إلى أنها لا تحتوي على رعب أو مشاهد متكلّفة، موضّحاً أن رؤية الفنانين "تجاوزت الانتقام أو أيّة عقيدة".
